ووصل 45 عسكرياً وشرطياً مالياً، أسرتهم مجموعات مسلحة في نهاية مايو/أيار في كيدال (شمال شرق)، إلى مطار باماكو على متن رحلة خاصة، حيث استقبلهم رئيس وزراء مالي، موسى مارا. وفي الوقت نفسه، وفي المطار أيضاً، أطلق سراح 41 من الطوارق، كانوا قد أُسروا أثناء دوريات لقوات الأمن شمال مالي.
وتفتتح، اليوم الأربعاء، جولة المفاوضات بين الطرفين، والتي سيشارك فيها وزير الخارجية المالي، عبد اللاي ديوب، وممثلون عن ست حركات أزوادية هي "الائتلاف الشعبي من أجل أزواد"، "تنسيقية الحركات"، و"الجبهات القومية للمقاومة"، و"الحركة الوطنية لتحرير الأزواد"، و"المجلس الأعلى لتوحيد الأزواد"، و"الحركة العربية للأزواد".
وتأتي جولة المفاوضات، بعد نجاح الوساطة الجزائرية بإنجاز اتفاق أولي، بين الحكومة المالية والحركات الأزوادية، في 23 مايو/أيار الماضي، لوقف إطلاق النار. وهو الأمر الذي سعى الرئيس المالي، إبراهيم بوبكر كيتا، إلى البناء عليه، بطلبه، من الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، المساعدة لإيجاد حل للأزمة في بلاده.
وجاء نجاح الوساطة الجزائرية، بعد إقناع "حركة تحرير الأزواد"، و"الحركة الوطنية لتحرير الأزواد"، بالعدول عن فكرة إنشاء كيان مستقل للطوارق في مدن شمال مالي، والتمهيد للتفاوض مع الحكومة المركزية في باماكو، وتوج ذلك أخيراً، باتفاقين وُقّعا بوساطة جزائرية، منتصف يونيو/حزيران الماضي، بين ست حركات أزوادية مسلحة، تنشط في شمال مالي، لإحلال السلام في المنطقة والعمل مع الحكومة المركزية في باماكو.
وضمّ الاتفاق الأول ثلاث حركات أزوادية هي حركة "الائتلاف الشعبي من أجل أزواد"، و" تنسيقية الحركات"، و"الجبهات القومية للمقاومة". ويقضي الاتفاق باحترام وحدة التراب، والوحدة الوطنية في مالي، فضلاً عن اعتبار أن الاتفاق الأوّل يشكل أرضية الوفاق السياسي، و"قاعدة للبحث عن حل سياسي سلمي نهائي لأزمة الشمال مع الحكومة المالية". وتلتزم الحكومة والحركات الأزوادية من خلال الاتفاق المذكور بـ"حل المشكلات الاجتماعية والسياسية التي تشهدها منطقة شمال مالي، وكذلك دعم جهود الجزائر لصالح تعزيز ديناميكية السلم الجارية في المنطقة".
ملفات عالقة
ولعل أبرز الملفات على طاولة المفاوضات تتعلق بالاعتراف المتبادل، بين الحركات الأزوادية والحكومة المالية، بشأن الوحدة الترابية، مما يعني إلغاء مشروع الانفصال من أجندة الحركات الأزوادية، في مقابل اعتراف الحكومة المركزية بالحقوق والمطالب الشرعية للطوارق في الشمال، إضافة إلى كيفية مشاركة الطوارق في الحكومة والمؤسسات الرسمية المالية.
لكن أبرز ملف يطرح هو التنسيق المشترك لمكافحة الإرهاب، وملاحقة التنظيمات المسلحة، كتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" و"جماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا"، وجماعة "الملثمون"، لمنعها من تشكيل قاعدة خلفية في شمال مالي.
ووفقاً للاتفاق، تلتزم هذه الحركات "بالعمل على تعزيز التهدئة الجارية، ومباشرة الحوار الشامل بين الماليين، وإبداء حسن نية والشروع في الحوار الشامل، ومحاربة التطرف والإرهاب"، وذلك عبر منع المجموعات "الإرهابية"، ذات الصلة بتنظيم "القاعدة"، من النشاط في المنطقة.
ويعول الماليون على نجاح حوار الجزائر، وقال ممثل "الحركة الوطنية لتحرير الأزواد"، آغ شريف، إن حركات الشمال تعول كثيراً على اجتماع الجزائر من أجل الخروج بحل للأزمة، واسترجاع الأمن والاستقرار في الساحل.
في المقابل، اعتبر الممثل الخاص للأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة لغرب أفريقيا، سعيد جنيت، أن المنظمة الدولية أعربت عن "ارتياحها" لمبادرة الجزائر، بإطلاق المرحلة النهائية للحوار الشامل بين الماليين.
وإذا كانت العملية الفرنسية في مالي، التي انتهت في مارس/آذار الماضي، تمكنت من طرد هذه التنظيمات من مدن الشمال، لكن الاشتباكات المتقطعة، والهجمات التي تقوم بها التنظيمات المسلحة، تؤكد على أن الخطر لا يزال قائماً، ويمكن أن يهدد استقرار المنطقة، وهو ما دفع الحكومة الفرنسية إلى إطلاق عملية عسكرية ثانية تحت اسم "بيركان"، التي أعلن عنها وزير الدفاع الفرنسي، جون ايف لودريان، قبل يومين.