حنين الزعبي.. لست وحدك

13 اغسطس 2014
+ الخط -

هل كنّا بانتظارِ قرارٍ رسمي من لجنة الآداب في الكنيست، يقضي بإبعاد النائب العربية، حنين الزعبي، عنه ستة أشهر، لنعرفَ أننا نعيشُ في ظل حكومةٍ فاشيّة؟ الحقيقةُ لا، فنحن، أي فلسطينيي الأراضي المحتلة، نعرف أكثَرَ مِن غيرِنَا مَدى العنصريةِ المقيتةِ والممنهجةِ التي نتعرضُ لها في مضاربِ الحياةِ اليوميَّةِ: في ميزانيّاتِ الدولةِ، والبُنى التحتيّةِ وتزويرِ كتبِ التاريخِ، والكثيرِ الكثير مما لا يتسع له المقام هنا.

لم تفاجأ الزعبي بالقرار البتّةَ، فقد جرّبت، مراتٍ، الاعتداءَ عليها في سفينة مرمرة، وأمام كاميرات الناظرين من على المنبر الإسرائيلي، الأعلى سمواً في عُرفِهم "منبر الكنيست"، ولم ترتجف أيادي الرئاسات الثلاث يومَها، خوفاً من مؤسسات حقوق الإنسان، فالذي لا تردَعه أخلاقُه لن تردعه مؤسسات الأمم المتحدة.

السؤال المطروح، الآن، وبقوّة، هل كنّا نتوقّع من إسرائيل ومؤسساتها الشُّرطيّة أن تفتحَ أحضانَها للرافضين والمحتجّين والغاضبين على الحرب الإجراميّة في غزّة؟ كيف يمكن أن نتوقّع ذلك، وقد عانينا ما عانينا في مجازر عصابة الأرغون، وما تلاها من مذابحَ بدءاً بالحكم العسكري، وليسَ انتهاءً بمجازر غزّة؟

نرى العنصريّة الإسرائيليّة في أسوأ صورها وأعتى تجلّياتها، والّا فماذا تسمّون الهجمات العنصرية المتكررة على العرب، في كل منتديات "فيسبوك"، ويتركها نتنياهو، ولا يحرك ساكناً، بينما تتطرق تدوينة لطالب عربي في معهد الـ"تخنيون" (التكنلوجيا)، حينما تداعَت كل مؤسسات الدولةِ، للتأكيد على أن "لا مكانَ له في كلية الطب والتخنيون". وبذلِك أصدر رئيس المعهد بياناً استثنائياً على غير عادَتِه، وهو خارجَ البلاد، قبل أن يتراجعَ عنه على وقعِ المظاهرات!

هم يصوروننا أعداءً في زي حمل، أو خطراً عظيماً على سلطتهم، لأننا نعيش بين ظهرانيهم، ونوجد في جامعاتهم، ونتوظف في مؤسساتهم، ولو بدرجةٍ ثانية، ونملكُ تأثيراً عليهم أكثر من تأثيرهم علينا، فبدَل أن تتقلّب لغتنا وتتغيّر، انظروا إلى لغتهم الركيكة كيف تشرّبت من لغتنا، وكيف نناجزهم في مضامير الفنّ والطبّ والعلوم والتعليم، على الرغم من التضييق والمعوّقات. فهم يعتبرونَنا، بإيجازٍ بسيط، سرطان أمتهم!

فترةٌ دقيقةٌ نمّر بها، اليوم، على أمل أن نخرجَ منها بأقل الخسائر الممكنة، وأضعفُ الإيمان فيها أن يتغيّب أعضاء الكنيست عن جلساته تضامناً مع النائب الزعبي، لئلا يُقال، في ما بعد، أُكِلتُ يومَ أُكِلَ الثور الأبيض، وطُرِدتُ يومَ طردت الزعبي؛ لكنّ المؤكّد أن الوسط العربي قبل حرب غزّة ليسَ كما بعدها.

7D5BB146-75A8-4BB3-AB2F-8BD54496160F
7D5BB146-75A8-4BB3-AB2F-8BD54496160F
أحمد دراوشة
كاتب فلسطيني
أحمد دراوشة