ليس شراء الأكباش في عيد الأضحى مجرد تفصيل في الجزائر. في العيد، يحرصُ المواطنون على الأمر كما درجت العادة. وعلى الرغم من ارتفاع أسعارها، إلا أنهم يدخرون المال حتى لا يفوتهم شراؤها. فيما قد يلجأ آخرون إلى الاستدانة من الأقارب أو الأصدقاء، أو طلب قروض من المصارف، وخصوصاً أن الأطفال يفرحون بها. وهم ليسوا على استعداد لحرمانهم من فرحة العيد هذه.
ويبدو أن الأسعار هذا العام ستكون أكثر ارتفاعاً بالمقارنة مع السنوات الماضية، ما يعني أن عدداً من الجزائريين لن يتمكنوا من شراء الأضاحي. ويأتي هذا الغلاء على الرغم من تأكيد وزير الفلاحة والتنمية الريفية سيد أحمد فروخي لوسائل الإعلام، على هامش جلسة علنية للمجلس الشعبي، على وجود تنسيق بين وزارته ووزارتي التجارة والداخلية والجماعات المحلية، لتنظيم أسواق الماشية ويتمكن المواطن من شراء الأضحية.
وعادة ما تسارع العائلات الجزائرية إلى شراء الأضحية قبل نحو أسبوعين من حلول العيد، تحسباً لارتفاع أسعارها. في السياق، يقول عدد من المواطنين إن الأسعار غالباً ما تكون منخفضة لدى مربي الماشية، بالمقارنة مع شرائها من الأسواق والأماكن المخصصة لبيعها، وإن كانت تشهد حركة نشطة حتى ليلة العيد.
وكان لافتاً وضع عدد من تجار المواشي في محالهم عبارة "إمكانية الدفع بالتقسيط"، لتشجيع المواطنين على شرائها، على الرغم من ارتفاع أسعارها وانخفاض القدرة الشرائية لدى المواطنين، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة. ويتزامن العيد مع بداية العام الدراسي الذي يثقل كاهل أولياء الأمور، علماً أن عددا من الشركات تعمد إلى اقتناء كمية من الأضاحي ثم بيعها بالتقسيط لموظفيها. فيما تلجأ أخرى إلى إعطاء مبلغ مالي كإعانة لموظفيها عشية العيد. أيضاً، عمد عدد من مربي الماشية إلى الإعلان عن البيع بالتقسيط على مواقع إلكترونية.
في السياق، تقول عدد من النساء لـ "العربي الجديد" إنهن رهنّ مجوهراتهن في مصرف الذهب حتى يتمكن من مواجهة كل هذه المصاريف، وهي كثيرة. من جهتها، توضح سليمة لـ "العربي الجديد" أنها اشترت خروفاً مع شقيقها لاقتسامه، بهدف إدخال الفرحة إلى نفوس أطفالهما، وحفظ ماء الوجه أمام الأهل والجيران.
ويقول المكلف بالإعلام على مستوى الفدرالية الوطنية لمربّي المواشي بوزيد سالمي إن ارتفاع أسعار الأغنام، بالمقارنة مع العام الماضي يرجع إلى الغلاء الفاحش في أسعار الأعلاف و"المضاربة من قبل أشباه المربين والانتهازيين"، مشيراً إلى أن الأسعار مرتبطة بشكل أساسي بالكلفة الإجمالية التي ينفقها المربي على أغنامه.
ويتوقع أن يشتري نحو أربعة ملايين جزائري الأضاحي هذا العام، علماً أنه في الأسواق خمسة ملايين رأس غنم، ما يعني أن معادلة العرض والطلب لن تكون سبباً في ارتفاع الأسعار، بل جشع السماسرة.
وتتجلى مظاهر الفرحة بالأضاحي حين تضع الجدات الحناء على جبين الأضاحي، بالإضافة إلى شرائط زهرية اللون كنوع من الترحاب، حيث يرى الأطفال هذا الأمر لافتاً.
وتجدر الإشارة إلى أنه عادة ما يخصص سكان المباني مكاناً في الأسفل لربط جميع أضحية الجيران. ويفرح الأطفال برؤية قطيع الأغنام المزينة بالحنة والشرائط.
وتعمل ربات البيوت على تنظيف منازلهن لاستقبال الضيوف في العيد. وغالباً ما لا ينسون صنع الحلويات بهدف تقديمها إلى الأقارب والزوار مع الشاي والقهوة. صحيح أن الأمر ربما ينهك البعض، إلا أنه يبقى عادة جميلة تحرص معظم النساء على الحفاظ عليها. وفي بعض الأحيان، يجتمع الجيران لإعدادها سنوياً، فيما تراقبهن الفتيات الصغيرات. ربما قد يصنعنها في المستقبل. وبالإضافة إلى الكبش، لا تكتمل فرحة الأطفال إلا بشراء الملابس الجديدة للتباهي بها في يوم العيد. أيضاً، تشهد الأسواق اقبالاً كبيراً من المواطنين لشراء لوازم العيد من خضار وغيرها لتحضير الأطباق المتنوعة، عدا عن التوابل التي تضفي نكهة على مختلف الأطباق الجزائرية التي تتفنّن النساء في إعدادها بهذه المناسبة. ومن أشهر هذه الأطباق، البكبوكة والعصبان والأمعاء والكرشة المحشية باللحم والبوزلوف وغيرها.
اقرأ أيضاً: فرحة العيد واحتفالاته