حمَلَة الحقيقة المطلقة

05 يوليو 2016
مُنع بعض مقلدي فضل الله من الصلاة بأحد الجوامع(فايسبوك)
+ الخط -
الأمر بسيط: الصلاة ليست حقاً، واشكروا ربكم أننا دافعنا عنكم وبقيت لديكم جوامعكم لتصلوا. هكذا يُمكن لنا أن نفهم من الخطوة التي قام بها بعض "حماة الديار وحرية الرأي والمعتقد" في جنوب لبنان، عندما منعوا عدداً من مقلدي المرجع الديني الشيعي الراحل محمد حسين فضل الله من تأدية صلاة عيد الفطر (أمس الثلاثاء بحسب فضل الله) في أحد جوامع بلدة كوثرية السياد. في الواقع، يضم حزب الله في صفوفه عدداً لا بأس به من مناصري فضل الله، الذي أدى دوراً بارزاً في حماية الحزب ودعمه في سنينه الأولى، رغم الاختلاف الحاد بين الطرفين لاحقاً، وقد عولج الخلاف خلال حرب يوليو/ تموز 2006. لكن فعل المنع، الذي سيُبرره البعض من دون شكٍ بأنه "حادث فردي"، يأتي في سياق فائض القوّة وامتلاك الحقيقة المطلقة الذي يتحكّم بتصرّفات مناصري حزب الله.
هم منتصرون لا محالة، في سورية، في لبنان، في العراق واليمن، في السعودية والبحرين. لا يدخل الشكّ إلى خطابهم. لا تُسأل القيادة الحزبية عن مئات الشبان الذي قضوا قتلاً في الحرب السورية. لا تُسأل هذه القيادة عن الحصار الاقتصادي الذي يتحوّل إلى خانق تدريجياً. فالقيادة تملك الحقيقة المطلقة. والفرد، أي فردٍ من الحزب يمتلك الحقيقة المطلقة أينما وُجد. يُقرّر في الجامعة اللبنانيّة كيف تلبس الطالبات وماذا. ويفتي في ما يجوز أو لا يجوز لجهة العلاقة بين الطالبات والطلاب. ويُقفل مسبحاً في مجمع جامعي حفاظاً على "الأخلاق العامة" ربما. إعلامي من الحزب، يُقرّر أن مكان النساء الطبيعي هو المنزل، وليس العمل السياسي، فيما يسأل زميله "أختي المثقفة جداً في هذا الفضاء الرائع. شو وضع بيتك؟". وآخر، يُعلن أنه سيُقاطع المطاعم التي تُقدم الطعام للمفطرين. ثم يُريد أن يُبرر موقفه، فيُعلن زميله أن المقصود هو "المناطق الإسلامية". قرر أن "المناطق" في لبنان إسلاميّة أو مسيحيّة. لكنه مع "الوحدة الوطنية" طبعاً.
في ظلّ هذه الأجواء، انتشرت في شوارع الضاحية الجنوبية، إعلانات عن دجاج (فروج) مستورد مباشر من "العتبات العباسيّة المقدسة". هل هو دجاج مقدّس، أم أنه مخصص للشيعة دون غيرهم؟ لا أحد يعلم.
المساهمون