يشتهر لبنان أصلاً بتصريح لوزير الطاقة والمياه، أرتور نظاريان، عن مصدر توليد الطاقة وتوفيرها للمواطنين. سأل نظاريان يومها: "هل تريدون مني أن آتي بالكهرباء من منزل والدي؟!"، وذلك في معرض إجابته عن أزمة التقنين الكهربائي المستمرة في البلاد، وهي أزمة تطاول كافة المناطق، حيث تصل ساعات التقنين في بعضها إلى أكثر من 12 ساعة يوميا.
وشهدت الأيام الأولى من شهر رمضان زيادة في ساعات التقنين دون إنذار مُسبق للمواطنين، وحملت منظمة "غرينبيس" جواباً على سؤال المواطنين عن مصدر تأمين الطاقة الكهربائية، وأعلنته خلال إطلاق حملة بعنوان "الشمس ببلاش"، لتحفيز استخدام الطاقة الشمسية في لبنان.
وتطمح الجمعية من خلال حملتها للوصول إلى توليد كل الطاقة الكهربائية في لبنان من خلال مصادر نظيفة، ومنها الطاقة الشمسية.
واستعرض الخبير في الطاقة والمستشار في "غرينبيس"، نادر الحاج شحادة، واقع قطاع إنتاج الكهرباء في لبنان، مشيراً إلى "عدم تجاوز نسبة توليد الطاقة من أشعة الشمس في لبنان حوالي 4 في المائة، مقابل ارتفاع نسبة المصادر الحرارية إلى 70 في المائة، وشراء نحو 22 في المائة من الطاقة من مصادر خارجية (كبواخر توليد الكهرباء التركية الراسية على الشاطئ اللبناني)".
ورغم تنوع المصادر، يؤكد الحاج شحادة أن العجز في قطاع الطاقة الكهربائية يبلغ 35 في المائة، "كما ترتفع كلفة إنتاج الكيلووات الواحد في الساعة إلى حوالي 300 ليرة لبنانية (20 سنتا أميركيا)، بينما لا تتجاوز كلفة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية حاجز 100 ليرة في الساعة، وتشمل هذه الكلفة تركيب الألواح الشمسية وبطاريات التخزين".
كما تطرق إلى زيادة نسبة المواطنين الذين يشتركون مع أصحاب المولدات الخاصة لتأمين الكهرباء خلال ساعات التقنين، "وتبلغ نسبتهم حوالي 70 في المائة من الشعب اللبناني، وقد تأخر إلزام أصحاب المولّدات بتسعيرات تحددها وزارة الطاقة حتى عام 2011".
ويصف شحادة قطاع الطاقة الشمسية في لبنان بالمتواضع، ويقسمه إلى قسمين: "المنشآت الخاصة التي يزوّد مالكوها سقوفهم بالألواح الشمسية لتوليد الطاقة، والمشروع اليتيم لتوليد الطاقة من أشعة الشمس الذي أقامته مؤسسة كهرباء لبنان على مجرى نهر بيروت".
ويعزو مسؤول حملات العالم العربي في "غرينبيس"، جوليان جريصاتي، تراجع الاستثمارات في قطاع الطاقة الشمسية في لبنان إلى "تخلّف الأطر التشريعية الراعية لقطاع الطاقة في لبنان، وإلى تخلف شبكة التغذية التي تحتاج إلى تطوير جذري يسمح لها باستقبال التيار من مصادر توليد الكهرباء على الطاقة الشمسية، وليس من المعامل الحرارية المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية".
ويؤكد جريصاتي أن "لبنان يتغاضى عن وجود الشمس كمصدر آخر للطاقة يتميّز بكونه موردا مجانيا ونظيفا ومتجددا ومتوافرا على الدوام. فطقس لبنان ينعم عليه بأكثر من 300 يوم مشمس في السنة، وهذا يكفينا لسد احتياجاتنا على الصعيد الوطني، إلا أننا مع ذلك لا نستغل هذه الفرصة".
وأكد ممثل "غرينبيس" أن "سوق الطاقة الشمسية ينمو بوتيرة بطيئة إنما ثابتة، ولكن ما أعاق هذا النمو هي الأفكار السائدة عن ارتفاع الكلفة. وهي أفكار كانت صحيحة قبل 5 أو 6 أعوام، أما اليوم فقد انخفضت كلفة الطاقة الشمسية بشكل كبير وأصبح بإمكان المواطنين الحصول على قروض من المصارف بفوائد مخفضة لتركيب أنظمة طاقة شمسية".