حملة إلغاء تركمان سورية والخطوات الاستباقية لتباشير المنطقة الآمنة

22 نوفمبر 2015
مقاتلون سوريون تركمان في ريف اللاذقية الشمالي (فاتح أكتاش/الأناضول)
+ الخط -
كثيرون ربطوا الهجوم غير المسبوق الذي شنه النظام السوري على المناطق ذات الغالبية التركمانية في جبل التركمان، شمال محافظة اللاذقية، القريبة من الحدود التركية، من جهة، بعودة الحديث عن المنطقة الآمنة أو الخالية من "داعش"، من جهة ثانية، وهو ما فجّر التوتر في العلاقة بين موسكو وأنقرة في الساعات الـ48 الماضية. لكن الضربة السورية ــ الروسية لنواة المنطقة الآمنة، لم تبدّد ما بدا أنه جدية تركية هذه المرة في التعامل مع فكرة هذه المنطقة، إذ قامت كتائب السلطان مراد التركمانية السورية، ليل الجمعة، مدعومة بغطاء جوي تركي أميركي، بالسيطرة على قريتين تركمانيتين من "داعش"، هما حرجلة ودلهة في ريف حلب الشمالي، في الخط الواصل بين أعزاز وجرابلس، الواقعتان بشكل مباشر على الحدود التركية، حيث من المفترض أن تقام المنطقة الآمنة بالتحديد على مساحة 98 كيلومتراً، الأمر الذي فسّره أيضاً كثيرون على أنه أولى الخطوات العملية لتنفيذ تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري، قبل أيام، حول الخطط المشتركة مع تركيا لدحر "داعش" عن الحدود السورية ــ التركية.


وكان رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، قد حذر النظام السوري من مغبّة الاستمرار في الهجوم على منطقة بايربوجاق في جبل التركمان، بعدما قامت الخارجية التركية باستدعاء السفير الروسي في أنقرة، وتحذير موسكو من الاستمرار في دعم النظام السوري في هذه الحملة، لترد موسكو بما يسميه كثيرون سياساتها "التشبيحية" عبر نشر وزارة الدفاع الروسية مقطع فيديو يظهر سفناً حربية روسية وهي تطلق صواريخ مجنحة من بحر قزوين، استهدفت 7 مواقع لما أطلقت عليهم "الجماعات الإرهابية" في سورية، في كل من إدلب والرقة وحلب، أي أن هذا الصواريخ لا بد أنها عبرت الأجواء التركية في طريقها لهذه الأهداف، في خطوة يراها الكثير من المحللين من دون أي جدوى عسكرية حقيقية سوى "التشبيح" السياسي.

اقرأ أيضاً: "الشبكة السورية": المنطقة الآمنة ستخفف تدفق اللاجئين لأوروبا

لم يقتصر التحرك التركي على المستوى الرسمي فحسب، إذ خرجت عدة تظاهرات في مدينة إسطنبول، يوم الجمعة، بقيادة عدد من الجمعيات القومية التركية واسعة الانتشار، متوجهة إلى القنصلية الروسية في المدينة، التي اتخذت السلطات التركية إجراءات أمنية مشددة حولها، حيث أكد كورشات ميجان، رئيس فرع إسطنبول لجمعية الباران القومية، والمتحدث باسم الجمعية، بأن أعضاء الجمعية عقدوا العزم على الذهاب إلى جبل التركمان، وتقديم كل ما يستطيعونه من دعم للمقاتلين التركمان.


وبدعم من 6 طائرات إف 16 تركية، و4 طائرات إف 15 أميركية إضافة إلى طائرة ac130 وثلاث طائرات دون طيار، استطاعت كتائب السلطان مراد، ليل الجمعة، التقدم والسيطرة على القريتين، بعد مقتل أكثر من 70 من مقاتلي "داعش".

إضافة إلى محاولات التقدم من قبل النظام وإعادة رسم الخطوط تمهيداً للهدنة التي من المتوقع الإعلان عنها، بداية العام الحالي، في إطار محادثات فيينا، وأيضاً إلى الأهمية الاستراتيجية لجبل التركمان والمناطق الجبلية المحيطة بها في أي عملية عسكرية في إدلب وسهل الغاب، يحاول النظام السوري والروس ضرب الكتائب التركمانية التي كان من المفترض، بحسب خطط تركية قديمة، أن تشكل الجيش التركماني الذي كان بدوره سيشكل المكوّن الرئيسي بالتعاون مع كتائب الجيش الحر للقوة البرية التي كانت ستعمل على قتال "داعش" وتشكيل المنطقة الآمنة.

وبحسب عمر عبد الله، قائد "كتائب السلطان عبدالحميد"، التي تقاتل في أكثر الجبهات اشتعالاً في المنطقة، أي قريتي أجيسي والفرنلك، فإن الوضع بات حرجاً للغاية في المنطقة، حيث نجح النظام خلال الأيام الماضية، في السيطرة على العديد من النقاط الاستراتيجية في المنطقة، ومنها كل من قرية داغمشلي والجليلية والذوقية، وبنار ألمار، وتل زاهية، بينما يحاول التقدم أكثر.

ونقلت صحف تركية عن عبد الله قوله إن "القصف عنيف جداً، حتى أن الأرض تهتز من شدة الانفجارات. إنها المرة الأولى التي أرى فيها شيئاً كهذا، حيث يتم استخدام الطائرات والصواريخ والدبابات، كما تُطلق علينا صواريخ من البر والبحر". ويضيف أنه "بسبب مقاومتنا الشديدة، قام النظام لأول مرة بعمليات إنزال مظلي لثلاث مرات استخدم خلالها ثلاث طائرات مروحية وأنزل ما يقارب 45 مقاتلا على تلة الـ45، كما قتلنا خلال الـ24 ساعة الماضية أكثر من 200 مقاتل من عناصر النظام، ولم نسمح للنظام بسحب جرحاه من الغابات في المنطقة".


ويضيف عبد الله أنه لا تزال قوات المعارضة السورية تسيطر على 27 قرية في المنطقة، بما في ذلك المخيمات الحدودية، التي تضم قرابة مئة ألف شخص، مشدداً على أنه في حال سيطرة النظام على جبل التركمان، فإنها ستشهد مجازر واسعة، الأمر الذي أكده سمير حافظ، رئيس الكتلة التركمانية السورية، قائلاً لوسائل إعلام تركية أيضاً إنه "إن لم يتم إخلاء هذه القرى والمخيمات، فإن النظام السوري لن يدخلها وحده، بل ستكون إلى جانبه المليشيات الشيعية وحزب الله وقوات الحرس الثوري الإيراني، حيث إننا سنشهد مجازر فظيعة، وخصوصاً أن النظام كان قد قام بقطع رؤوس العديد من مقاتلينا في ما مضى، فكيف سيكون الحال إن وقع الأطفال والنساء بأيديهم؟".

اقرأ أيضاً: "المنطقة الآمنة" باستراتيجية جديدة: غطاء تركي أميركي وتنفيذ سوري
المساهمون