حملات تحريض ضد حزام بغداد تعيد المخاوف من مشاريع التغيير الديمغرافي

21 يوليو 2020
تخضع مناطق حزام بغداد لإجراءات أمنية مشددة (Getty)
+ الخط -
لا تزال حملات التحريض لمليشيات مسلحة وقوى سياسية مرتبطة بإيران ضد مناطق وضواحي شمال وغربي العاصمة العراقية بغداد، المعروفة بحزام بغداد، مثل بلدات الطارمية وأبو غريب، تحت ذرائع "حواضن داعش"، أو "بؤر الإرهاب"، والدعوة إلى عمليات عسكرية ضدها وعزلها وفرض إجراءات مشددة عليها، تثير مخاوف من عودة مخططات ومشاريع التغيير الديموغرافي الذي نجحت، إلى حد بعيد، في مناطق أخرى من العراق، أبرزها ديالى شرقي بغداد، وشمال بابل والبصرة، مطالبين الحكومة والقضاء بالوقوف ضد تلك الحملات والدعوات لمحاسبة مطلقيها.
وشهد العراق، الجمعة الماضية، مقتل آمر لواء بالجيش العراقي في بلدة الطارمية شمالي بغداد، في كمين استدرج له وتبناه تنظيم "داعش"، لكن الهجوم الإرهابي تسبب بحملة إعلامية واسعة ضد البلدة وسكانها، إذ دعت قنوات فضائية وشخصيات محسوبة على المليشيات وقوى مرتبطة بإيران الى تكرار خطة "جرف الصخر"، من خلال إعلان الطارمية مدينة منزوعة السكان، وآخرين طالبوا بسحب الجيش وتسليم المنطقة لمليشيا كتائب "حزب الله" لتتولى ملفها الأمني.
تدعو جهات سياسية وقيادات مليشياوية إلى التحشيد ضد مناطق حزام بغداد، وإفراغها من سكانها
النائب عن كتلة "الصادقون البرلمانية"، الجناح السياسي لمليشيا "العصائب"، حسن سالم، دعا رئيس الحكومة، الثلاثاء، إلى ما وصفه بـ"تطهير" مناطق حزام بغداد، كونها "بؤرا للإرهاب"، وفقا لزعمه، مطالبا بـ"محاسبة الشخصيات السياسية التي تحمي الإرهابيين فيها وتتستر عليهم"، مبينا في تصريح أن تلك المناطق "تشكل تهديدا على مناطق بغداد وعلى القوات الأمنية".
بدوره، اتهم القيادي بالتيار الصدري حاكم الزاملي، الفلاحين في تلك المناطق بأنهم "يعملون لصالح الإرهابيين".
أما مليشيا "أنصار الله الأوفياء"، فقد دعت إلى "نشر أعداد إضافية من "الحشد الشعبي هناك"، مؤكدة أنها "مخترقة من قبل داعش، بغطاء بعض السياسيين".
من جهته، أكد مسؤول محلي، في بلدة أبو غريب، أن "الترويج لوجود داعش في مناطق حزام بغداد، أعاد المخاوف من حملات للتغيير الديموغرافي قد تنتهجها المليشيات"، مؤكدا لـ"العربي الجديد"، أن "حالة من الرعب تلاحق الأهالي، الذين باتوا غير مطمئنين في مناطقهم".
وأشار إلى أن "أهالي تلك المناطق متعاونون مع الأجهزة الأمنية، وأن مناطقهم خالية من أي نشاط للتنظيم"، داعيا الحكومة إلى "تحمل مسؤوليتها إزاء مناطقهم وحمايتها من مخططات تهدف لإفراغها من أهلها والسيطرة عليها من قبل فصائل مليشياوية".
قائمقام بلدة "الكرمة"، إحدى المناطق المحاذية لحزام بغداد، من الجهة الغربية، أحمد مخلف، أكد أن "الحديث عن سقوط البلدة بيد (داعش) عار عن الصحة"، وقال إن "هناك من يدعي أن عناصر (داعش) متواجدون في البلدة، وأنهم يتحركون بحرية ويقومون بقتل الأهالي وفرض الإتاوات عليهم وسلب المحاصيل الزراعية".
وأشار إلى أن "كل تلك المزاعم لا وجود لها، وأن المنطقة مستقرة أمنيا"، داعيا إلى "توخي الدقة والابتعاد عن الشائعات المفبركة".
أما النائب عن تحالف القوى، فالح العيساوي، فقد حذر من تطبيق مسلسل "جرف الصخر" على مناطق حزام بغداد، تحت ذريعة "تحريرها من داعش".
وقال في تصريح متلفز، إن "هناك حملات ضد مناطق حزام بغداد، وهناك جهات منها سياسية تدعي أن تلك المناطق كانت ملكا لما يسمى بأزلام النظام السابق، وإن أراضيها أعطيت مجانا لساكنيها الحاليين، وهناك تحريض لوضع خطة لسلبها منهم"، مؤكدا أن "هناك حالة قلق وخوف في تلك المناطق نتيجة لتلك الحملة ضد مناطقهم".
وأضاف "المواطن في مناطق حزام بغداد لا يثق بما تسمى عمليات التحرير من داعش، لأنها تكون عمليات سلب لأراضي المواطنين، بدليل أن تحرير بلدة جرف الصخر (شمالي بابل) انتهت بسيطرة المليشيات عليها ومنع الأهالي من العودة لها".
وأشار إلى أن "مناطق حزام بغداد ومنها الطارمية هي مناطق مستقرة أمنيا، والعلاقة بين المواطنين والجيش علاقة تعاون على أعلى مستوى"، مشددا على أن "دعم أي عملية عسكرية في أي منطقة مرتبكة أمنيا، مرتبط بشرط أن تكون عملية واضحة وبخطة واضحة، مع ضمان عدم ارتكاب خروقات ضد المواطنين، وأن تنفذ وفقا للمعايير العسكرية المهنية التي تراعى فيها قواعد الاشتباك، أي لا يقتل عنصر من (داعش) ويقتل معه عدد من المواطنين الأبرياء، أو تعتقل عنصرا للتنظيم مع عشرات من المواطنين الأبرياء".
وشدد على أنه "لن يتحقق الأمن عن طريق إشراك أهالي تلك المناطق بالقوات الأمنية في الجيش والشرطة".
أما القيادي في جبهة الإنقاذ والتنمية، أثيل النجيفي، فقد حذّر من خطة لتطويق بغداد بالفصائل الولائية، وأكد في تغريدة له، أن "محاولات التغيير الديموغرافي وتطويق بغداد بالفصائل الولائية خطر على العراق ومستقبله، وهو جريمة بحق مواطنين أبرياء".
ومناطق حزام بغداد (التاجي والطارمية وأبو غريب والرضوانية واليوسفية)، والتي تحيط العاصمة، تعد من أسوأ مناطق العاصمة من الناحية المعيشية، إذ إنّها تشهد منذ سنوات طويلة تشديدًا أمنيًا، ومنع الدخول إلّا ببطاقة سكن، وقطعًا لأغلب الطرق، وشللًا لمرافق الحياة، حتى أصبحت مناطق يصعب العيش فيها.
المساهمون