وأسفرت حملة الاعتقالات وفقا لمصادر أمنية، عن اعتقال نحو 80 مدنيا بدون مذكرات قضائية، ما أدى إلى ترهيب كثير من سكان تلك المناطق، ودفع بعضهم إلى التفكير بالنزوح مجددا إلى محافظات إقليم كردستان.
ولا تبرز القوات التي تقتحم المنازل أية مذكرات اعتقال قضائية قبل أن تعتقل من تصنفهم بالمشتبه بهم أو الخلايا النائمة، وعادة يستحيل معرفة مصير من يتم اعتقاله، وقد يتطلب الأمر دفع مبالغ مالية من أجل التوصل الى الأماكن التي يحتجز بها المعتقلون.
ووفقا لمصادر أمنية، فقد طاولت الاعتقالات العشوائية مناطق سامراء، وشرق الفلوجة وجنوبها، فضلا عن الرمادي، وساحل الموصل الأيمن، وبلدة الشرقاط، ومدينة هيت، ونفذتها قوات من الجيش مدعومة بمليشيات الحشد الشعبي أمس الثلاثاء وأمس الأول الإثنين.
ويشكو عدد من ذوي الذين تم اعتقالهم فقدان حاجيات ثمينة وأغراض من منازلهم خلال تفتيشها أثناء عملية الاعتقال، وبين المفقودات حلي ذهبية وأجهزة إلكترونية وهواتف ومبالغ مالية.
وقال عضو نقابة المحامين في محافظة صلاح الدين، الحقوقي حسين السامرائي، إن "ارتفاع وتيرة عمليات الاعتقال العشوائية خطر حقيقي يهدد بعودتنا الى مربع نوري المالكي الأول الذي تسبب بظهور فتنة داعش". ويضيف لـ"العربي الجديد"، أن "الاعتقالات عادة ما تتم وفق مزاج آمر الوحدة العسكرية المشرفة على إدارة أمن المنطقة، أو قائد المليشيا، وبلا مذكرات اعتقال، ومصير المعتقلين مجهول، وبعضهم لا يعرف سبب اعتقاله، ونخشى أن يتم تصفيتهم أو ابتزازهم ماليا".
ويوضح أنه "تم اعتقال أستاذ جامعي في سامراء يدعى عمر السامرائي، ولا معلومات عنه منذ أمس. غالبية المعتقلين يتم نقلهم إلى أماكن اعتقال مجهولة".
ويؤكد عضو مجلس عشائر الأنبار، محمد الفهداوي، وقوع الاعتقالات، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن بعضها جرى قرب منزله، وأنه لاحظ عدم قانونيتها، واستنكر تصرفات العناصر التي تقتحم المنازل، مطالبا رئيس الوزراء حيدر العبادي بالتدخل لوقف ما وصفه بـ"الاعتقالات المزاجية للضباط وقادة المليشيات".
ويشدّد الناشط المدني عبد الودود الجبوري، على خطورة عودة الاعتقالات العشوائية إلى المشهد العراقي. ويلفت إلى أنّها "تتركز في مناطق مستهدفة بالتغيير الديمغرافي مثل شمال بابل، وجنوب واسط، ومدن بديالى وصلاح الدين".
وقال الجبوري لـ"العربي الجديد": "لم نتمكن من معرفة مكان اعتقال المدنيين من مختلف المناطق، ولكن ما يتوفر لدينا من معلومات أنهم متواجدون في ثكنات ومقرات للمليشيات"، مضيفا أن الاعتقالات العشوائية دفعت عشرات الأسر للهجرة نحو إقليم كردستان أو إلى خارج العراق.
ورغم المطالبات المستمرة لشيوخ عشائر ووجهاء وحقوقيين للحكومة العراقية بالتدخل، مازالت الحكومة تلتزم الصمت، فيما تمنع قواتها المحامين من العمل على مصير المعتقلين في السجون والمعتقلات الحكومية، أو تلك التي تسيطر عليها مليشيا الحشد الشعبي.