حمص: مفاوضات في آخر معاقل الثورة

24 اغسطس 2014
سكان الوعر لا يثقون بتعهدات النظام (أرشيف/فرانس برس/Getty)
+ الخط -
تلوح هدنة جديدة في الأفق بين النظام السوري والمعارضة في مدينة حمص. تبدو الهدنة جديّة أكثر من أي وقت مضى. يتفاوض عليها النظام ولجنة المفاوضات في حي الوعر المحاصر، غربي مدينة حمص الذي يقطنه حوالي ثلاثمئة ألف نسمة.

بعد الضغط العسكري الهائل من النظام لأيام عدة من القصف العنيف غير المسبوق بكافة أنواع الأسلحة من صواريخ وقذائف هاون ودبابات، خلّفت عشرات القتلى من المدنيين في الحي، وبعد فشل الكثير من الهدن السابقة في هذا الحي، حدث اجتماع منتصف الشهر الحالي بين الطرفين في محاولة لإنهاء الصراع الدائر بينهما.

في الاجتماع الذي حضره محافظ حمص، طلال البرازي، تنازل النظام عن بند يشترط فيه تسليم السلاح الموجود في الحي. بند كان يرفضه الثوار دائماً ويلغي التوصل إلى أي اتفاق.
استبدل النظام هذا البند بانسحاب الطرفين من الجزيرة السابعة التي تقع غربي الحي، والتي تدور فيها الاشتباكات اليومية بين الطرفين، على أن يتم جعلها منطقة منزوعة السلاح، ونشر قوات مراقبة من الأمم المتحدة أو من الطرفين وإعادة المدنيين إليها.

أما البند الثاني، فهو فتح الطرقات المؤدية الى الحي، ما يعني إنهاء الحصار المفروض على الحي منذ أكثر من عام بكافة أشكاله. ويتضمن البند الثالث تسوية أوضاع المطلوبين للنظام لمن يرغب منهم بذلك، فيتم إعطاء تأجيل ثلاثة أشهر للمتخلفين عن الخدمة العسكرية، ويتم تسريح المنشقين العسكريين. كما يتم العفو عن المطلوبين المدنيين.

أما حاملو السلاح، فيتوجب عليهم تسليم سلاحهم مقابل العفو عنهم. هذه الهدنة المقترحة من النظام، تتم دراستها من ممثلي الحي من مدنيين وعسكريين، على أن يتم الرد عليها بالقبول أو الرفض قبل بداية شهر سبتمبر/أيلول.

يقول أحد قادة الكتائب العسكرية في الحي، أبو بكر لـ"العربي الجديد"، إن "بنود الهدنة تبدو مقبولة لجهة أنها لا تتضمن تسليم سلاحنا ولا تتضمن دخول قوات النظام أو ميليشياته إلى الحي".  ويضيف "نحن كعسكريين نريد فرصة لالتقاط الأنفاس وإعادة ترتيب الأوراق ولا سيما أن حي الوعر هو الوحيد في حمص الذي يقع خارج سيطرة النظام".
لكنه يستدرك بالقول: "ليس لدينا ثقة بالنظام ومن الممكن أن يخدعنا". ويضيف أنه "في حال انسحابنا من الجزيرة السابعة، قد يدخل النقاط التي انسحبنا منها، وبذلك تكون مقاومتنا وتصدينا لقواته لأكثر من عام على هذه الجبهة ذهبت سدى".

من جهته، يقول سامي الذي يعمل في المجال الاغاثي لـ"العربي الجديد"، إن "الناس تعبت، ونريد حلاً لهذا الواقع الغامض". ويضيف: "ندرك أن البعض من تجار الحروب وبعض العسكريين من النظام وبعض الثوار في الحي، لا يريدون حلاً لفك الحصار ودائماً ما يحاولون عرقلة أي حل، فهم المستفيدون من هذا الحصار المؤلم". 

ويحذر من أن "الواقع الإغاثي هو من سيئ إلى أسوأ؛ فالمستودعات نفدت ولا يوجد حليب أطفال منذ شهور ونحن مقبلون على كارثة غذائية إن بقي الحال على ما هو عليه، ونحن بحاجة إلى هذه الهدنة". وبينما تستمر المشاورات في الحي بممثليه من مدنيين وعسكريين للموافقة أو لرفض بنود هذه الهدنة، فإن أزمة الثقة بين سكان الحي والنظام لا تدعوهم للشعور بالتفاؤل حتى وإن طُبِّقَت هذه الهدنة. كثيراً ما خرق النظام الهدن التي يوقع عليها بعد ساعات أو أيام قليلة جداً من الاتفاق، ويدرك السكان أيضاً أنه في حال الرفض، سيدفعون المزيد من الثمن.