حماة... قلعة النظام السوري تحت أعين المعارضة

30 أكتوبر 2015
الطيران الروسي قصف مواقع للجيش الحر بريف حماة(وسيم العدل/الأناضول)
+ الخط -

يُشكّل إعلان "جيش الفتح" أخيراً عن بدء معركة للسيطرة على محافظة حماة حدثاً بارزاً وقد يكون منعطفاً في الخريطة السورية في حال نجح في تحقيق أهدافه، إذ إن حماة تعتبر القلعة العسكرية الأبرز للنظام السوري.

ويُعتبر المطار العسكري الموجود قربها من أكثر مطارات النظام قوة، إذ تنطلق منه المقاتلات الحربية والمروحية لقصف المدن والبلدات السورية بالبراميل المتفجرة، وتؤكد مصادر عسكرية أن المطار يضم أكبر معامل تصنيع لهذا السلاح الذي فتك بالمدنيين السوريين على مدى سنوات.

واستطاعت قوات المعارضة السيطرة على ريف حماة الشمالي بدءاً من عام 2012، وطردت قوات النظام من مناطق شاسعة من ريف مدينة حماة على الرغم من فارق الإمكانات بين القوتين، ولكن بقيت مدينة حماة التي يطلق عليها السوريون لقب مدينة النواعير، هي الهدف الأهم لقوات المعارضة، لأن السيطرة عليها تقلب موازين القوى، وربما تكون الخطوة الأهم في طريق إسقاط النظام الذي أدرك أهمية حماة العسكرية، لذا عمل على شحنها بالسلاح والشبيحة والمليشيات، فهي خط الدفاع الأهم عن معاقله في سهل الغاب والساحل السوري.

وكشف مسح أجراه المرصد الموحّد في حماة قبل أيام لمواقع قوات النظام في المدينة ومحيطها، أن في الشمال توجد كتيبة دفاع جوي معززة ومستودعات ذخيرة في جبل زين العابدين الذي يشرف على كامل مدينة حماة وريفها الشرقي والغربي والشمالي حتى إدلب، وعلى سفح الجبل يقع فرع الأمن السياسي، وهو معزز بحماية من بعض القرى الموالية، وعلى رأسها قمحانة.

‏وجنوباً بستة كيلومترات، وفق المرصد، يوجد اللواء 47، أكبر لواء مدفعية في سورية حالياً، وتتمركز فيه قيادات إيرانية، وفيه مستشفى ميداني عسكري متكامل، وبقربه مبنى البحوث العلمية، وفرع الأمن العسكري الذي يُعدّ من أكبر الفروع على مستوى سورية من حيث المساحة، وتم أخيراً حفر أنفاق تصله بقرى علوية غرب حماة، وهناك أيضاً معامل الدفاع وهي مقر تصنيع البراميل المتفجرة.

وفي غرب المدينة، يوجد مطار حماة العسكري الشهير، وفيه مقر فرع الاستخبارات الجوية، وحديثاً تمركزت فيه قوة من الحرس الثوري الإيراني، وفق المرصد. أما شرقاً فهناك لواء مجنزرات، وثلاثة حواجز أمنية من أضخم حواجز النظام، بالإضافة إلى وجود مركز كبير للشبيحة في سلمية، وتل الدرة، والعديد من القرى الموالية.

أما داخل مدينة حماة، فيوجد مقر للفرقة الرابعة في ملعب الفروسية، وفرع أمن الدولة القديم، ومقر للجيش الروسي في ملعب الفروسية، ومقر فرع أمن الدولة الجديد، وكتيبة تسيطر على تل القلعة وسط المدينة المشرفة والمسيطرة على معظم أحياء المدينة، وفيها دبابات ومدفعية متوسطة وثقيلة، ومقر الأمن الجنائي والشرطة، بالإضافة لأكثر من 18 حاجزاً محصناً بمباني استراتيجية كبيرة.

اقرأ أيضاً: تحوّلات فصائل حماة... استعادة المبادرة ميدانياً واندماجات عسكرية

في الثلاثين من شهر سبتمبر/أيلول الفائت، بدأ الطيران الروسي قصفه المدن والبلدات السورية، وكان من اللافت أنه بدأ بقصف مواقع الجيش السوري الحر في ريف حماة الشمالي، ولكن بعد أيام تبين أن هذا الطيران كان يريد تمهيد الطريق أمام قوات النظام السوري والمليشيات لتتقدّم في هذا الريف على أمل استعادته، والتحرّك باتجاه ريف إدلب الجنوبي، وربما كانت تخطط لأبعد من ذلك.

لكن فصائل المعارضة صدّت هجوم هذه القوات، وكبّدت قوات النظام خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، إذ دمّرت عشرات الدبابات والآليات العسكرية التابعة لقوات النظام. ولم تكتفِ قوات المعارضة بالدفاع بل بادرت بالهجوم معلنة بدء "غزوة حماة"، مشيرة إلى أنها استعدت لهذه المعركة جيداً.

ويلخص العقيد الطيار مصطفى البكور، المنشق عن جيش النظام، أهمية مدينة حماة وريفها، بكونها تقع في وسط سورية، وتتحكم بالطريق الدولي بين حمص وحلب، ويوجد حولها عدد من الجبال والتلال التي يمكن استخدامها للتحكم بالمنطقة المحيطة وإلى بعد عشرات الكيلومترات، مثل جبل زين العابدين، وجبل معر شحور وتل القلعة داخل المدينة.

ويشير البكور، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "النظام قام منذ سيطرته عليها عام 2011 بتنفيذ التحصين الهندسي حولها، فحوّلها إلى ثكنة عسكرية بامتياز، ونشر فيها أكثر من 800 حاجز عسكري وأمني وتشبيحي، وأحاطها بسور من المتاريس والدشم، وأغلق مداخلها بإحكام بقوات عسكرية، وأمنية كبيرة".

ويلفت البكور إلى أن أهم القطعات العسكرية والأمنية فيها هي: فروع الأمن المعروفة وقد تم تعزيزها بالعتاد الثقيل والعناصر، والمطار الذي تحوّل إلى قطعة عسكرية ضخمة، ويحتوي أعداداً كبيرة من الدبابات والطائرات، وآلاف العناصر من مختلف الجنسيات، وخصوصاً الإيرانيين، وجبل زين العابدين الذي يحتوي عدداً من المدافع الثقيلة وراجمات الصواريخ والدبابات، وتل القلعة داخل المدينة ويضم أيضاً عدداً من المدافع والدبابات، وجبل معر شحور الذي يضم أيضاً أسلحة مشابهة للموجودة في جبل زين العابدين، وتتحكم هذه الجبال والتلال بداخل حماة ومحيطها لمسافة عشرات الكيلومترات، واللواء 47 وهو من أكبر ألوية الدبابات في سورية، وهو الآن تحت سيطرة إيرانية بحتة، والفرقة 14 قوات خاصة بقوامها الكامل.

ويؤكد البكور أن سيطرة قوات المعارضة المسلحة على مدينة حماة وريفها إذا تمت "ستكون حدثاً مهماً".

اقرأ أيضاً: "غزوة حماة": المعارضة السورية تستعيد مناطق شمالي المحافظة

المساهمون