حلم توخيل.. خطة 3-1-2-4 بين الواقع والخيال

14 يناير 2017
توخيل يقدم موسما رائعا مع دورتموند (Getty/العربي الجديد)
+ الخط -


"لا أحد يذهب إلى الملعب حتى يستمتع بنتيجة 1-0، أنت تدفع ثمن التذكرة من جهدك وعملك وتعبك، حتى تأتي وتستمتع باللعبة، والمهارة والمراوغة وصناعة الفرص والأهداف، إنها المتعة في المقام الأول لمشجعي الملاعب وسكان المدرجات".

يشرح توماس توخيل فلسفته باختصار شديد، ليؤكد مدرب دورتموند أنه رجل يبحث عن الأداء والنتائج، منتقداً بشكل غير مباشر أقرانه البراغماتيين الذين ينظرون إلى الكرة من مفهوم تجاري بحت.

أسلوب اللعب
يقدم بروسيا دورتموند كرة قدم تسر المتابعين مع توخيل، صحيح الفريق لم يحقق بعد بطولته الأولى تحت قيادة مدربه الشاب، إلا أن هناك تحسناً واضحاً من فترة إلى أخرى على مستوى العمل التكتيكي، خصوصاً مع ميل توماس إلى الإتيان بالجديد وعدم الوقوع في فخ التكرار، لذلك لجأ مبكراً إلى اللعب التموضعي القائم على خلق التفوق العددي في جانب ما من الملعب، بعد إجبار المنافس على ترك أماكنه بحثاً عن الكرة التي تتناقل من لاعب إلى آخر دون توقف.

الاستحواذ ليس هدفاً بل مجرد أداة، بالتالي يؤدي التمركز المثالي إلى استلام الكرة في أماكن أفضل، ليس فقط الحصول عليها بعيداً عن كثافة الخصم، ولكن مع التصرف في الهجمة بهدوء بعيداً عن العجلة، بسبب نقل الأفضلية إلى ما وراء حدود تركيز الفريق الآخر. كل شيء يدور حول الفراغ، أنت تخلق فراغاً مناسباً لاستلام وتحرك وتألق لاعبيك، وتصنع زوايا أوضح للتمرير، بمعنى أصح تسبق منافسك بخطوة دفاعاً وهجوماً.

وتأثر الفريق الأصفر كثيراً برحيل لاعبه غوندوغان، لأنه رفقة زميله فيغيل لاعب الارتكاز، أكثر ثنائي يتحرك في وبين الخطوط، ويؤثر إيجابياً في خروج الكرة من الخلف إلى الأمام، لذلك حاول توخيل سريعاً معالجة القصور، هذا الموسم، بوضع البرتغالي الشاب غيريرو كلاعب وسط وهمي، من أجل الحفاظ على النغمة الخططية كما هي دون تغيير.

كلام تكتيكي



أجرت صحيفة "الباييس" الإسبانية حواراً رائعاً مع توخيل قبل مباراة دورتموند وريال مدريد بالشامبيونزليغ، وتحدث الألماني تكتيكياً عن عديد الأمور أهمها كيفية ضرب الدفاعات المتكتلة، ليقول إن إيقاع الفريق هو الأساس بالنسبة له. ويعرف "الإيقاع" بأنه مزيج بين التمريرات القصيرة والمتوسطة والطويلة، حتى الوصول إلى الضبط الجماعي المنشود، إنها عملية تشبه التوزيع الموسيقي المتبع في الأوركسترا.

يحدث الخلط بين التمريرة القصيرة والأخرى الطولية، كل لعبة لها هدف مثل كرة السلة من أجل قهر الدفاع المضاد. ولعب دورتموند بأكثر من خطة في الموسم الأول، كلها تخرج من شكل 4-1-4-1 الأقرب إلى WW، بتواجد رباعي دفاعي وأمامهم لاعب ارتكاز واحد، ثم رباعي وسط وفي القلب مهاجم صريح متقدم.

وخلال المقابلة التكتيكية الرائعة كشف توخيل عن حلمه الكبير، التحول إلى رسم 3-1-2-4 دون سابق إنذار، إنها خطة المستقبل الأقرب إلى تحقيق ثورة على المدى البعيد. ورغم أنها صعبة جداً على مستوى التطبيق، إلا أن المدرب الشاب يصر على فك شيفرتها في أكبر تحدٍ كروي أمامه خلال السنوات المقبلة.

ثلاثية الأبعاد



في 19 نوفمبر 2016، فاز دورتموند على بايرن بهدف دون رد بالدوري، مع خطة قريبة من 3-1-4-2 التي تفوق بها توخيل على أنشيلوتي. يبدأ بروسيا على الورق بثلاثي دفاعي صريح يصبح خمسة في الحالة الدفاعية، بعودة ظهيري الجنب إلى الخلف، بينما في الهجوم يصعد ثنائي الوسط بالقرب من ثنائي الهجوم، للحصول على صيغة قريبة من رباعي شامل في الثلث الأخير.

ويريد توماس مزيداً من المغامرة عبر خطة أكثر تحرراً، 3-1-2-4 بوضع رباعي جريء هجومياً، لكن هذا يحتاج إلى "توازن" في مجمل الخطوط، لذلك يؤكد الخبير الفني بأن هذا الرهان يقف على لاعب ارتكاز متحرك بين الوسط والدفاع، هو في كل الأحوال جوليان فيغيل، مع ثنائي وسط Interiores بين العمق والأطراف، نصف أظهرة ونصف ارتكاز.

ويعتبر هذا الثلاثي "الارتكاز وثنائي الوسط المتحرك" بمثابة الأساس لنجاح التركيبة، فيما يخص الحصول على الكرة الثانية وفتح زوايا التمرير. ويأتي دور التدريب اليومي بين المدرب ولاعبيه، ليزيد من محاولة فهمهم لكافة تفاصيل اللعبة، كيف نهاجم كوحدة واحدة، وكيف نعود جميعاً في الحالة الدفاعية، لأن هذه الخطة ترمي إلى تمركز 6 مهاجمين دفعة واحدة قريباً من مرمى المنافسين.

يحتاج دورتموند التخيلي إلى عمل مضاعف دفاعياً، عودة ثنائي الوسط بجوار فيغيل لضبط المرتدات، وارتداد الأجنحة إلى منطقة الظهير لغلق الأطراف، مع شغل الفراغات في وبين الخطوط هجومياً، لإنتاج 6 لاعبين وأكثر هجومياً أمام السداسي الدفاعي الأخير في المقابل.

يُنهي توخيل كلماته مع "الباييس" بتأكيد أمرين للحكم على أي لاعب، الأول خاص بالتمرير وعدد الأقدام التي عبرتها تمريرة كل لاعب، أما الثاني فهو التحكم في كافة التفاصيل، ماذا يفعل اللاعب عندما يحصل على الكرة، وما هي الخطوات التي يفكر بها لتخطي منافسه، كل هذه الأمور هي من تقودك إلى الهدف، ومن تجعل المشجع يدفع ثمن التذكرة ولا يندم أبداً على هذا القرار.

المساهمون