تُمسك قوات المعارضة السوريّة في حلب، بزمام المبادرة على جبهات القتال في محيط مدينة حلب من الجهتين الشماليّة والشرقيّة، ما يمكنها من الاحتفاظ بقدرتها على إحراز المزيد من التقدم على جبهات القتال، وإفشال مساعي قوات النظام الرامية إلى حصار مناطق المعارضة في المدينة، لعزلها عن الريف الشمالي.
وشنّت المعارضة في اليومين الأخيرين، هجوماً واسعاً من ثلاثة محاور على مناطق تمركز النظام، شمالي حلب، في سجن حلب المركزي ومحيطه، وفي المنطقة الممتدة من بلدة سيفات وصولاً إلى بلدة حندرات. وتمكّنت، وفق المكتب الإعلامي لـ "فيلق الشام"، أحد أهم فصائل المعارضة التي تقاتل في المنطقة، من إحراز تقدم كبير، بعد هجوم مباغت على معمل الزجاج ومطاحن الحبوب ومنطقة المجابل، شمالي مدينة حلب. واستطاع مقاتلو الفيلق قتل عدد من عناصر النظام، كما أسروا أربعة آخرين، وسيطروا على رشاشات متوسطة عدّة، كانت بحوزة قوات النظام المنتشرة في المنطقة، وكمية من الأسلحة الخفيفة والذخائر بحسب المصدر ذاته.
وترافقت الاشتباكات المستمرة شمال المدينة بقصف متبادل بين الطرفين، إذ قصفت قوات النظام مناطق تمركز المعارضة بصواريخ الكاتيوشا، وقذائف مدفع فيل "محلي الصنع"، في وقت ردّت فيه الأخيرة بقصف مماثل استهدف مناطق تمركز النظام بقذائف الهاون ومدفع جهنم "المحلي الصنع".
ونتيجة الضغط المستمر عليها، استعانت قوات النظام بسلاح الطيران، الذي قصف أجزاء واسعة من منطقة البريج، الخاضعة لسيطرة المعارضة، بالبراميل المتفجرة. ويقول الناشط ثائر الشمالي لـ "العربي الجديد"، إنّ قوات النظام شنّت قصفاً انتقامياً على عدد من المدن والبلدات في ريف حلب، بعد إحراز المعارضة تقدّماً على جبهات القتال شمالي حلب. ويشير إلى أنّ طائرة حربية قصفت سوقاً تجارياً في مدينة تل رفعت، إحدى أكبر مدن ريف حلب الشمالي، ما أسفر عن مقتل ستة مدنيين وجرح عشرين آخرين. كما قصفت قوات النظام السوري، المتمركزة في كتيبة الدفاع الجوي، قرب بلدة حندرات، بشكل متزامن، مناطق ريف حلب الشمالي.
وتمكّنت قوات المعارضة، في الأسبوعين الأخيرين، من الانتقال من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم. وبعد سيطرة فصائل المعارضة بالكامل على مناطق المناشر والمجبل وتلة المياسات في منطقة البريج، لتصل إلى المدينة الصناعية، أهم النقاط التي يسيطر عليها النظام شمالي مدينة حلب، واصلت تقدّمها في اليومين الأخيرين، لتقترب أكثر من سجن حلب المركزي. وتسعى قوات النظام للانطلاق من السجن، لفكّ الحصار الذي تضربه قوات المعارضة على بلدتي نبّل والزهراء، المواليتين للنظام السوري في ريف حلب الشمالي.
ولم يؤدِ فشل الهجوم الكبير، الذي شنّته جبهة "النصرة" وبعض فصائل المعارضة السورية على البلدتين الأسبوع الماضي، إلى استعادة قوات النظام لزمام المبادرة شمالي مدينة حلب، حيث نقلت قوات المعارضة السورية هجومها من بلدتي نبّل والزهراء إلى مناطق حندرات وسيفات ومحيط سجن حلب.
وتحاول قوات المعارضة زيادة ضغطها على قوات النظام وتشتيت عناصرها، بحيث لا تتمكن من استعادة توازنها في محيط مدينة حلب، وتستهدف "حركة حزم" بشكل متقطّع، مناطق تمركز قوات النظام السوري في ريف حلب الشرقي، بهدف منع قوات النظام من إرسال تعزيزات إلى جبهات القتال، شمالي حلب.
وبثّ المكتب الإعلامي لحركة "حزم"، تسجيلاً مصوراً، يُظهر تدمير مقاتلي الحركة لجرافة كانت تحاول بناء ساتر ترابي دفاعي داخل مطار حلب الدولي، شرقي مدينة حلب، والخاضع لسيطرة قوات النظام. واستهدف مقاتلو "حزم" الجرافة بصاروخ "تاو" ما أدى إلى تدميرها، وذلك بعد أيام قليلة من استهداف مقاتلي الحركة لطائرة رابضة في مطار النيرب العسكري الواقع قرب مطار حلب الدولي بصاروخ "تاو"، ما أدى إلى تدميرها أيضاً.
في المقابل، تسعى قوات النظام السوري إلى فتح جبهات قتال جديدة في مدينة حلب بهدف تخفيف الضغط عن قواتها، التي تتعرّض لخسائر مستمرة إثر هجوم قوات المعارضة عليها شمالي حلب، حيث قامت قوات النظام السوري بشن هجوم على مناطق سيطرة قوات المعارضة السورية في حي الأشرفية وحي بني زيد شمال مدينة حلب، إلا أن قوات الفرقة السادسة عشرة التابعة للجيش الحر والتي تنتشر في المنطقة تمكنت من صد هجوم قوات النظام السوري موقعة خسائر كبيرة فيها.