حلب.. أخرجونا من هذا الجحيم

17 ديسمبر 2016
(تصوير: جورج أورفالين)
+ الخط -

"إطلاق رصاص كثيف عند مكان العبور على خط التماس في حي العامرية بعد عودة القافلة المحتجزة! القافلة التي عادت بعد أن قام عناصر قوات النظام ومليشياته بتصفية ثلاثة أشخاص منها بشكل عشوائي. نريد خروجا آمنا بضمانات جدية وإشراف دولي وبحضور مراقبين على الأرض". هذا هو ملخص الفيديو الأخير الذي نشره الناشط السوري حليم كاوا القابع تحت الحصار في مدينة حلب.

هذا الفيديو سُجّل أمس عقب احتجاز مليشيا حزب الله لقافلة تضم 800 شخص مهجر من حلب المحاصرة إلى ريفها الجنوبي وإدلب، تنفيذًا للاتفاق التركي - الروسي الذي بدأ صباح أول أمس، نتيجة مظاهرات شعبية شهدتها عدة بلدان في العالم، أبرزها كان في تركيا التي تضم أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري، وسراييفو؛ المدينة التي عانت سابقًا مما تعانيه حلب الآن. يقضي الاتفاق بتهجير 80 ألف شخص من حلب، لتدارك مجزرة حقيقية بحقهم من قبل النظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين ومليشيات حزب الله وغيرها.

تزامنت عرقلة عملية التهجير الأخيرة من قبل المليشيات الطائفية مع انقطاع كامل للإنترنت في الأحياء المحاصرة. ومع تصريحات روسية من قبل وزارة الدفاع أعلنت فيها انتهاء عملية تهجير المدنيين من حلب المحاصرة، زاعمة أن جميع من بقي فيها هم من المقاتلين.

في حين أكد ضياء الدين الزامل المحاصر في حلب أن "عدد من بقي من المحاصرين يقدر بحوالي الـ50 ألف نسمة"، كما أوضحت الناشطة لينا الشامي خلال فيديو لها سجلته من بين ركام الأحياء المحاصرة وجرحاه: "نسبة الذين خرجوا لا تتجاوز 10 الاف من سكان الأحياء المحاصرة".

من جهته، أشار الصحافي أحمد بريمو الموجود عند نقطة فاصلة بين المعارضة والنظام القريبة من حي الراشدين، إلى أن "معظم القوافل الأولى التي خرجت من حلب المحاصرة كانت تضم عناصر وعائلات جبهة فتح الشام"، أي أن جميع من بقي في حلب المحاصرة هم من المدنيين والناشطين والإغاثيين والطبيين والثوار، ناسفًا بذلك الرواية الروسية.

عصر ذات اليوم، توفّي جريح في حلب المحاصرة أثناء عملية جراحية له في آخر مشفى ميداني متبقٍ في المنطقة بسبب غياب معظم الكادر الطبي، ولاستمرار استقباله لعشرات الجرحى معظمهم مهددون بالموت. كما رفض معظم الثوار والناشطين مغادرة الأحياء المحاصرة لحين تأمين خروج جميع المدنيين، محاولين أثناء ذلك نشر رسائل الثورة عبر جدران الأحياء المحاصرة.

مثلًا، ترك سالم أبو النصر رسالة لجيش النظام وحلفائه أمام منزله تقول "انتبه، لا تخرب! هنا يوجد أشياء يستفيد منها أطفالك". وآخر ترك رسالة لحبيبته "أحبيني بعيدًا عن بلاد القهر والكبت، بعيدًا عن مدينتنا التي شبعت من الموت. حلب المحاصرة، آخر يوم، 15-12-2016"، وآخر كتب "تحت كل بناء مدمر، عائلات دفنت مع أحلامها، دفنها بشار وأعوانه".

انتهى اليوم الثاني من التغريبة الحلبية، بتجميد غير محدد الزمن لاتفاقية التهجير، وبتعرض أكثر من 50 ألف شخص بينهم مدنيون من نساء وأطفال ومصابين ومسنين، لمجزرة محتملة من قبل النظام السوري وحلفائه، في حين أن دول العالم لا تعلم، أو ربما تعلم ولكن لا ترغب بالاقتناع، بأن الوقت في حلب المحاصرة من دم وموت.

نداءات الاستغاثة ما زالت مستمرة من داخل حلب المحاصرة؛ أحدها أيضًا من حليم الذي حبس دموعه في عينيه العاجزتين عن مشاهدة شعبه وهو في أضعف صوره، قائلاً بصوته المختنق: "يا عالم يا ناس يا هووو! يا أمم متحدة يا مجلس الأمن يا حكومات يا شعوب العالم! نداء استغاثة من 50 ألف مدني محاصر بمدينة حلب، بدنا ضمانات جدية وحقيقية لخروجنا الآمن من المدينة وإلا رح يتم تصفيتنا كلنا! أخرجونا من هذا الجحيم!".

المساهمون