أصاب النزاع الدائر في ليبيا بين حكومتين تتنازعان إدارة الدولة، اقتصاد البلاد بالشلل، وسط مخاوف من تفاقم الأزمات المعيشية للمواطنين، فيما هدّد مجلس شورى ثوار مدينة بنغازي، شرقي ليبيا، بالضرب "بيد من حديد" كل مَن يثبت تورطه في العمل على شل الحركة الاقتصادية.
وتعاني ليبيا صراعاً مسلحا دموياً في أكثر من مدينة، لا سيما طرابلس وبنغازي، بين كتائب مسلحة تتقاتل لبسط السيطرة، إلى جانب أزمة سياسية بين تيار محسوب على الليبراليين وآخر محسوب على الإسلام السياسي، زادت حدته أخيراً، ما أفرز جناحين للسلطة في البلاد لكل منه مؤسساته: الأول: البرلمان الجديد المنعقد في مدينة طبرق وحكومة عبد الله الثني.
أما الجناح الثاني للسلطة، فيضم المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق الذي استأنف عقد جلساته الشهر الماضي)، ومعه رئيس الحكومة عمر الحاسي.
ويأمل المُحلّلون الاقتصاديون في عدم إصابة الحياة الاقتصادية بالشلل، لا سيما وزارتي النفط والمالية، والمصرف المركزي الذي بدأ الصراع يمتد إليه في ظل وجود برلمان وحكومة لكل منهما رأسين.
ولم يتسلّم محافظ المصرف المركزي الجديد، على الحبري، مهام عمله بشكل رسمي حتى اليوم منذ 15 سبتمبر/ أيلول، بينما يمارس المحافظ المعزول، الصديق الكبير، عمله بشكل طبيعي في طرابلس.
وباشر رئيس الحكومة المدعوم من البرلمان السابق، عمر الحاسي، عملة بمقر رئاسة الوزراء في طرابلس، كما تسلّم الوزراء مهامهم، كالنفط والمواصلات والاقتصاد، فيما حذرت حكومة عبد الله الثني (طبرق)، في بيان لها، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، أي جهات أو أفراد من انتحال الصفة الرسمية لأي مؤسسة من مؤسسات الدولة، أو صلاحياتها في ما يتعلق بالتعاقدات أو سداد أموال أو تحويلها.
وقال مدير معهد التخطيط التابع لوزارة التخطيط الليبية، عمر أبوصبيع، لـ"العربي الجديد"، إن هناك تنازعاً في الاختصاصات بين سلطات طبرق وطرابلس في الإنفاق من الموزانة العامة. وأكد على ضرورة أن تكون الجهات السيادية، مثل وزارتي النفط والمالية والبنك المركزي، على حياد، دون إقحامها في الصراعات التي تعرقل الحياة الاقتصادية للبلاد.
وكان ديوان المحاسبة الليبي، وهو هيئة رقابية على الأموال العامة، قد قرر التحفّظ على حسابات الجهات السيادية، واشتراط موافقة الديوان المسبقة في الصرف، حفاظاً على المال العام، في ظل عدم الاستقرار، وازدواجية الحكومات، والجهاز التشريعي في البلاد.
ويرى الخبير الاقتصادي، أحمد أبولسين، أن الوضع الحالي سيتسبب في ارتباك كبير بالوضع الاقتصادي وإصابته بالشلل.
وحسب جولة لمراسل "العربي الجديد" في أسواق العاصمة طرابلس، فإن أسعار سلع عدة ارتفعت إلى الضعف، كما تعاني المصارف التجارية في غرب ليبيا وجنوبها من نقص حاد في السيولة، وسط إقبال شديد من رجال الأعمال على شراء الدولار، بحسب متعاملين في السوق.
ورداً على هذه الأجواء، هدد مجلس شورى ثوار مدينة بنغازي (تجمع لكتائب الثوار الإسلامية)، بأنه "سيضرب بيد من حديد كل مَن يثبت تورطه في العمل على شل حركة المدينة الاقتصادية".
وقال المجلس إنه "تم منع السفن من دخول ميناء بنغازي البحري، وتم تهديده بالقصف تحت ذرائع باطلة مع توجيه كل السفن إلى ميناء طبرق"، في إشارة إلى تهديدات اللواء المتقاعد خليفة حفتر بقصف أي سفينة تدخل الميناء، بدعوى جلب سلاح وذخيرة للثوار المناهضين له.
وأضاف البيان أن "بعض الشركات العامة، كشركات الأدوية، تعمل على الانتقال خارج بنغازي، بالإضافة إلى المبالغ الضخمة التي يتم تحويلها لمدينتي البيضاء وطبرق (شرقي ليبيا)".