على الرغم من التّهم الموجّهة لميليشيات "الحشد الشعبي"، المنضوية ضمن الجيش العراقي، بارتكاب جرائم بحقّ العراقيين، وحديث منظّمة العفو الدوليّة عن أدلّة ووثائق لتلك الجرائم، تستمرّ الحكومة العراقية بالدفاع عن تلك الميليشيات، ما يمنحها الحصانة من أيّة مساءلة قانونية، ويسمح بتماديها في ارتكاب الجرائم.
وكانت منظّمة العفو الدولية قد أصدرت أمس الثلاثاء، تقريراً كشفت فيه امتلاكها أدلّة على قيام ميليشيات تقاتل إلى جانب الجيش العراقي، بارتكاب جرائم حرب ضد مدنيين من طائفةٍ معيّنة في البلاد، وقالت إنّها بمثابة "إعدامات عشوائية". وذكرت أنّ من بين هذه الميليشيات، "بدر" و"عصائب أهل الحق"، و"جيش المهدي"، و"كتائب حزب الله"، و"هي تستخدم الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، كحجّةٍ لشنّ هجمات انتقاميّة ضدّ السنَة"، بحسب التقرير.
ولم تتأخّر وزارة حقوق الإنسان العراقية، في الردّ على المنظمة الحقوقيّة، عبر بيان صحافي، أكّدت فيه أنّ "قوات الحشد الشعبي، جزء من المنظومة العسكرية العراقيّة الرسميّة، وأنّه لا يمكن نسب جرائم الخطف والابتزاز والقتل إليها واعتبارها جرائم حرب". وأوضحت أنّ "طبيعة تلك الجرائم جنائية، وإن كانت هناك بعض الحالات، فهي فرديّة، وتقدّم جميعها للعدالة، ولا يوجد إفلات من العقاب".
من جهته، قال الخبير القانوني، سهيل العزاوي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "اعتبار وزارة حقوق الإنسان "الحشد الشعبي"، جزءاً من المنظومة العسكريّة، يمنحها صفةً شرعية، وحصانةً من العقاب، والمساءلة القانونية". وأوضح أنّ "مؤسّسات الدولة محمية من القانون في حال أداء الواجب، لذلك، فإنّ أي انتهاك يرتكبه "الحشد الشعبي"، المنضوي ضمن المؤسسة العراقية، سيكون ضمن الواجب العسكري المنوط به"، مستنتجاً أنّ "المجني عليه، سيكون المذنب في كل الأحوال، وسيُتّهم بالإرهاب في بعض الأحيان، لذا فإن أي شكوى من قبل أي شخص ضد الحشد الشعبي، ستكون نتائجها سلبيّة على المشتكي".
وكان النائب عن محافظة ديالى، محمد الخالدي، قد أكّد في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، أنّ "تنظيم داعش والميليشيات، أصبحوا وجهين لعملةٍ واحدة"، لافتاً إلى أنّ "التهجير من قبل التنظيم، يتبعه تهجير من قبل الميليشيات الطائفية". وقال إنّ "المناطق التي تسمّى محرّرة من قبل الجيش، يتمّ احتلالها مباشرةً من قبل الميليشيات، ولا يسمح لأهلها بالعودة، كما تهجّر العوائل المتبقية في المنطقة".
في غضون ذلك، أعلنت وزارة حقوق الانسان، أنّها بصدد "تقديم شكوى الى محكمة العدل الدوليّة لمقاضاة "داعش" والدول الداعمة والمموّلة له". واعتبرت الوزارة في بيانٍ أصدرته، أنّ "داعش" يرتكب جرائم قتل وتهجير وتخريب للممتلكات العامة والخاصة، فضلاً عن قيامه بحملات تهجير، طالت أبناء المكوّنات من مسيحيين وأيزيديين وتركمان وشبك".
وتلاقي ظاهرة "الحشد الشعبي"، رفضاً واسعاً في الأوساط السياسية والعسكرية في الشارع العراقي، وبدا تأثيرها واضحاً في أداء المؤسسة العسكريّة، التي فقدت مركزيّة القرار، وساد فيها عدم الانضباط.
من جهته، أكّد النائب عن التحالف الكردستاني، شوان محمد طه، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الحشد الشعبي" هو "شرعنة" للميليشيات، وإرهاب باسم الدولة". وقال: "بوجوده، أصبح المواطن يعاني من مطرقة الإرهاب، وسندان "الحشد الشعبي"، الأمر الذي أثّر على واقعنا الأمني، وعلى حياة المواطن العراقي بشكل سلبي"، داعياً "القائد العام للقوات المسلّحة إلى حلّها، وإنقاذ المواطنين من سطوتها".