حكواتي: مملكة النمل... بدل العائلة والوطن

06 يونيو 2014
مملكة نازح حزين (Getty)
+ الخط -

صديقي العزيز...

منذ غادرت البلاد وأنا أنتظر منك رسالة ما لتخبرني عن أحوالك.

أتمنى أن تكون بخير وأن تقوم بالردّ على رسالتي هذه التي سأخبرك فيها عمّا يجري لي هنا كي يطمئنّ قلبك علي.
أنا يا صديقي منذ بدأت الحرب أقضي حياتي في سجن متنقّل، ولأحمي نفسي من جنون الوحدة اعتدت، في كلّ مرة أنزح إلى بيت جديد، أن أجمع بعضاً من النمل وأصنع لهم عالماً خاصاً بهم أو، في الحقيقة، خاصاً بي. وأقضي يومي أراقبهم و أتحكّم بحياتهم. ولأشبع فضولك الذي طالما عرفته عنك سأقوم بكتابة يومياتي مع تلك النملات وأرسلها إليك بدءاً من اليوم .
ليس من أجلك فقط بل لأنّهم يستحقّون أن أكتب عنهم أكثر من الخراب الذي يحدث هنا.
هل تعلم أنّني من حبّي لتلك النملات أطعمهم أكثر مما أطعم نفسي، إلى درجة أنّ إحداهنّ أصبح لها كرش، ومن حينها لا عمل لباقي النملات إلا السخرية والضحك عليها.
هل رأيت نملة لها كرش؟ طبعاً لا. ولن ترى. فلقد اتّضح لي أنّه لم يكن كرشاً أصلاً، هذا ما اكتشفته مؤخراً عندما شاهدتها تتقيأ أكثر من مرّة... نعم إنّها حامل يا صديقي. لن تصدّق مدى دهشتي وسعادتي. أكاد أجزم أنّها أكثر روعة من مونيكا بيلوتشي في صورها وهي حامل.
تخيّل أنّني أنتظر مجيء الطفل كما لو أنّني أنتظر ابناً أو حفيداً. وأعدك أن أبعث إليك صورته مع أمّه فور ولادته بالسلامة.

ولأنّني لا أعرف أيّأ منهم والده الحقيقي، سألتقط لهم صورة جماعية وأنا سأقف في الخلف مرتدياً كنزة بيضاء كي تستطيع تمييزي عنهم.

والآن أعذرني يا صديقي لأنّني لن أستطيع المتابعة. ففي كلّ مرّة أتكلّم عن الموضوع ترتعش يدي وتغرق عيناي بالدموع..
سأخبرك المزيد غداً.
بانتظار اقتراحك لتسمية المولود الجديد.

دلالات
المساهمون