حقوق اللاجئين وواجباتهم

11 اغسطس 2016
+ الخط -
شهدت المنطقة مع بداية الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي عام 1948، موجات نزوح عدة، كانت أخرها الأحداث التي وقعت بعد عام 2011، عام "ثورات الشعوب".
لعل من أبرز البلدان التي تضرّرت من "انتفاضة" الكادحين، ضدّ "الاقطاعيين" وأذنابهم، هي سورية، حيث دفع الشعب ثمن صحوته، فقُتل الأطفال، وهُجّر الشباب، وانتهكت أعراض النساء، وأُبيدت مدنٌ بكاملها.
في سورية وحدها، تُشير الأرقام إلى وجود أكثر من أربعة ملايين لاجئ في البلدان العربية فقط، الأمر الذي يؤكد أنّها أكبر موجة لجوء مُنذْ الحرب العالمية الثانية، علماً أنّ هذه الأرقام لا تشمل الذين تركوا منازلهم ونزحوا إلى مناطق أخرى داخل سورية.
وفي المقابل، هناك مئات آلاف اللاجئين السوريين الذين نزحوا إلى أوروبا، وخصوصاً ألمانيا التي اتبعت سياسة "الحدود المفتوحة"، لتحقيق مصالح ضيّقة، تتمثل بتوظيف قضية اللاجئين لتعويض النقص الحاد بـ"طبقة الشباب" في المجتمع الألماني.
رافق قضية اللاجئين كثير من التقصير الإقليمي والدولي في التعامل مع هذا الملف الإنساني، فهم أصبحوا عالةً على كلِّ دولةٍ تستضيفهم، إلى درجة أنهم بدوا وكأنهم "كرة قدم" يتم تمريرها بشكلٍ مستمر، بهدف التخلّص منها، ولا نستثني في هذا المقام بعض الدول العربية، حيث مواقفها المخزية تجاه الأخوة السوريين.
هناك اتفاقية دولية خاصة باللاجئين، صدرت عام 1951، وهي عرّفت اللاجئ على أنّه: "كل شخص يوجد نتيجة أحداث وقعت في بلده، ويتواجد خارج دولة جنسيته بسبب التعرض لاضطهاد، لأسبابٍ ترجع إلى عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه لعضوية فئةٍ اجتماعيةٍ معينة أو آرائه السياسية"، علماً أنّ هذه الاتفاقية هي جزءٌ من عالمية حقوق الإنسان.
وقد تضمّنت تلك الاتفاقية الكثير من التفصيل لجميع النواحي الجوهرية لحياة اللاجئ، من حيث حقوقه، بالإضافة إلى مسؤولية الدولة المُضيفة، والمجتمع الدولي اتجاهه.
ومن أبرز الحقوق التي يجب أن تتوفر للاجئ الذي تنطبق عليه شروط اللجوء، عدم التمييز بسبب العرق أو الدين أو بلد المنشأ والحق في المساواة مع مواطني الدولة المضيفة في العديد من الأمور، مثل حق التقاضي، والحصول على التعليم الرسمي الأول، والتضامن الاجتماعي، والسكن، والرعاية الصحية.
علاوةً على منح اللاجئين حرية ممارسة شعائرهم الدينية، وحرية توفير التربية الدينية لأولادهم، واحترام الحياة الشخصية والحقوق المكتسبة، والحق في ملكية الأموال المنقولة وغير المنقولة، وحق الانتماء للجمعيات، فأين المجتمع الدولي، بما في ذلك الدول العربية، من كلّ هذه الحقوق التي أقرّها القانون، أو ليست الدولة الديمقراطية تُطبّق القوانين بحذافيرها؟
أما فيما يتعلق بواجبات اللاجئين تجاه الدولة المضيفة، فتتمثل في الإسراع في تسوية أوضاعهم القانونية، واستيفاء جميع الشروط المطلوبة، والامتثال لقوانين وأنظمة الدولة المضيفة.
ومن الواجبات المنوطة باللاجئين أيضاً، ضرورة تمثيل المجتمعات التي أتوا منها خيّر تمثيل، وإعطاء خلفية جيدة عن الحضارة العربية والإسلامية، فهي حضارةٌ لا تعرف "الغدر" أبداً، ومن يُكرمها أكرمته إكراماً مضاعفاً.
وبعيداً عن السياسة ومتطلباتها، والدول ومصالحها، فالتاريخ سيكتب أن الكثير من دول أوروبا فتحت أبوابها للاجئين، واستضافتهم، ومنحتهم فرصة الاندماج في مجتمعاتهم، الأمر الذي يحتّم على اللاجئين بمختلف جنسياتهم ردّ الجميل والعرفان إليهم، لا كما حدث مؤخراً في ألمانيا، من نكرانِ شابٍ أفغانيٍّ لاجئ، لفضلِ عائلةٍ ألمانيةٍ احتضنته أثناء فترة لجوئه، فراح يرد الجميل إليهم، بشنِّ هجومٍ بفأسٍ وسكين على ركاب قطار في "فورتسبورغ".
أعلم أنّ اللاجئ الذي أرادَ أن يأمن على عائلته من صواريخ الطائرات، وقنابل المدفعيات، ورصاص الرشاشات، لا تستهويه الهجمات التي يقوم بها أصحاب النفوس المريضة، ولكن من الواجب أيضاً، أن يستنكر اللاجئون أحداث مثل التي وقعت في "نيس"، لأنّ الإسلام لم يحث على القتل بدمٍّ بارد، حتى ولو كان الآخر يعبد "الشمس".
5ADE5A47-E143-4BFB-9A04-F3543E66FC8B
5ADE5A47-E143-4BFB-9A04-F3543E66FC8B
بشير الكبيسي (العراق)
بشير الكبيسي (العراق)