حقوق الإنسان في مصر: الإعلام صامت و"الكلب محتاج يتربّى"

26 ديسمبر 2014
انتهاكات يومية لحقوق الإنسان تشهدها مصر (الأناضول)
+ الخط -

"مات.. والقاضي أخذ إخلاء سبيل.. في جنحة قتل خطأ.. والصحافة للمرة الأولى ملتزمة بحماية المتهم من نشر اسمه وصورته.. لأنه قاضٍ". هكذا علّق الحقوقي حسام بهجت، والمدير السابق لـ"المبادرة المصرية للحقوق والحريات الشخصية"، متهكّماً على خبر نشرته صحيفة مصرية بعنوان "وفاة محاسب أطلق قاضٍ النار عليه في منطقة الوايلي بالقاهرة"، من خلال حسابه الخاص على "فيسبوك".

وكان قاضٍ مصري قد أخرج سلاحه وأصاب مواطناً مصرياً بطلق ناري مباشر في الرأس، في مشاجرة على أولوية المرور في الشارع. ونشرت وسائل الإعلام المصرية الخبر بتحفظ بالغ، وراعت فيه أقصى درجات المهنية بعدم نشر أسماء وصور الجاني والمجني عليه.

"وعتّمت الصحافة النزيهة على قضية اغتصاب أمينَي شرطة لفتاة، بسيارة النجدة، ورجاءً لا أحد يزعج المجلس القومي لحقوق الإنسان ورئيسه وزير إعلام يونيو/ حزيران 67، فهو يعدّ لندوة حول ظهور الشعر في باطن القدم ومخاطره على خارطة الطريق". هذه المرة، التعليق جاء على لسان مدير "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان"، على صمت الإعلام المصري على واقعة اغتصاب أمينَي شرطة لفتاة في سيارة شرطة، من خلال حسابه الخاص أيضاً على  "فيسبوك".

تتعدد الوقائع وتقف ردود الأفعال المختلفة على حافة التهكم والضحك من شدة العبث على مواقع التواصل الاجتماعي، في وقائع قد تبدو منفصلة، ولكنها بالضرورة تعبّر عن واقع مصري يسير في اتجاه العبث، وصحافة وإعلام تقليدي يتبعه في الاتجاه نفسه، باعتباره مرآته، فيعبس كثيراً ويصمت أحياناً، كما في الواقعتين السابقتين.

أوضاع حقوق الإنسان في مصر على مدار العام، لا تختلف كثيراً عن تلك الواقعتين، كما أن تعامل وسائل الإعلام مع معظم الانتهاكات التي وقعت طيلة العام، لم يختلف عن أدائها الحالي.

وهو ما أسفر عن تصاعد حالة من العنف والغضب الشديدين جراء تلك الوقائع المتكررة بمعدل شبه يومي في مصر. وخرجت نداءات على موقعَي "فيسبوك" و"تويتر" بعنوان "الكلب محتاج يتربى"، تطالب بالقصاص من رجال الأمن المصريين المنتهكين لأعراض الفتيات والطالبات في الجامعات المصرية، وكل مَن أسهم في قتل أو تعذيب مواطن مصري.

في دراسة صادرة عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ـ منظمة مجتمع مدني مصرية ـ بعنوان "استخدام الإعلام الاجتماعي في الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان"، تعترف أن ما يعرف بالإعلام الاجتماعي أو البديل له تأثير ملموس في حشد الجماهير والتأثير على الرأي العام في قضايا اجتماعية وسياسية واقتصادية معينة، خصوصاً في الدول النامية، حيث هناك تباين كبير بين الحريات الموجودة في الإعلام التقليدي من صحف ومجلات أو قنوات تلفزيونية.

يعتمد كثير من الناس على وسائل بديلة على الإنترنت وقنوات الإعلام الاجتماعي للحصول على المعلومات والأخبار عمّا يحدث فعلاً في مجتمعهم، بحسب الدراسة الصادرة منذ ما يقرب من عام، والتي أشارت إلى أن جماعات مخالفة لهذه التكنولوجيا تتبنى رفع الوعي المجتمعي حول قضايا حقوق إنسان مختلفة.

إلا أنه ورغم النجاحات الملموسة لاستخدام الإعلام الاجتماعي في الدفاع عن حقوق الإنسان، هناك مصاعب وتحديات تواجه الناشطين في استخدام هذا الوسيط بشكل فعّال ومؤثر. وأبرز هذه المشاكل هي رقابة الحكومات لما ينشر على الإنترنت ومعاقبة وترهيب الناشطين واعتقالهم لما نشروه على مدوناتهم الخاصة أو "فيسبوك" أو "تويتر". ففي الأردن مثلاً، قامت الحكومة بإصدار قانون يُخضع الصفحات الإلكترونية على الإنترنت لقانون المطبوعات والنشر، والذي بموجبه تقوم الحكومة بمراقبة ما ينشر في الصحف والمجلات والتلفزيون والإذاعة.