لأسبوع كامل، تستمر الآلة الإعلامية التابعة للواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر في نقل تصريحات قادة مليشياته بشأن اقتراب "ساعة الصفر" في العاصمة طرابلس، ومطالبتهم لشباب العاصمة بالاستعداد لهذه الساعة، وتحذير المدنيين من عدم الاقتراب من المواقع العسكرية.
ونشرت غرفة عمليات الكرامة التابعة لمليشيا حفتر، مساء أمس السبت، رسالة موجهة لشباب طرابلس تطالبهم بالاستعداد لإقامة مستشفيات ميدانية في أحيائهم ووضع خطط لتأمينها "حال دخول الجيش (مليشيا حفتر)"، وأن يكونوا "خلف أماكن المواجهات المحتملة"، والبدء بتشكيل "حراسة للمواقع الحيوية في العاصمة".
ورغم الحديث عن دعم إماراتي وفرنسي ومصري لا محدود لحملته العسكرية السابقة التي حشد لها قرابة ألف مقاتل من مختلف مليشياته، إلا أن تلك الحملة فشلت وانكسرت بعد ساعات من سقوط مدينة غريان نهاية الشهر الماضي.
وفي آخر العمليات الميدانية، أعلن الجيش الليبي بقيادة حكومة الوفاق عن استهداف تمركز لقوات حفتر بمحور "عين زاره" خلال الساعات الماضية من ليلة السبت. ونقل مكتب الاعلام الحربي التابع لحكومة الوفاق عن قادة ميدانيين قولهم أنهم تمكنوا من صد هجوم قوات حفتر على منطقة السبيعة، جنوب شرق العاصمة، والمتاخمة لمدينة ترهونة.
وفيما نقل صوراً ومشاهد من أمام معسكر اليرموك، أكد عبر تصريحات القادة الميدانيين أن سيطرة قوات الحكومة تمتد الى مشارف معسكر الصواريخ المتاخم لقصر بن غشير، ما يعني انحسار وجود قوات حفتر في أجزاء من أحياء "عين زاره وقصر بن غشير ووادي الربيع"، كما يعني من جهة أخرى عدم تمكن قوات حفتر من إحراز أي تقدم جديد.
ويصف المحلل السياسي، سعيد الجواشي، تصريحات قادة مليشيا حفتر بشأن قرب الإعلان عن "ساعة الصفر" بأنها "مجرد ضجيج إعلامي".
وقال الجواشي متحدثاً لــ"العربي الجديد" إن "قوات حفتر فقدت عامل المبادرة للهجوم ولا يمكنها تعزيز قواتها بسبب انقطاع خطوط الإمداد على الأرض، أما خطوط الإمداد الجوي فهي أضعف من تعزيز المليشيا لبناء جبهة جديدة".
واعتبر الجواشي أيضاً أن "هذا لا يعني عدم قدرة مليشيا حفتر شن هجمات، وهو أمر مرجح فهدفه تضليل القواعد الخلفية له في الشرق والجنوب وإيهامهم بأنه لا يزال قوياً، مرجحاً أن يكون الهدف من التضليل الإعلامي هو المحافظة على وجوده في شرق وجنوب البلاد التي يبدو أنها تشهد حالة تململ وقلق.
وفيما يؤكد الجواشي أن حفتر خسر معركته بشكل نهائي، لا يتفق الخبير العسكري والعقيد المتقاعد الليبي عادل الصلابي معه، ويؤكد قدرة حفتر على الحشد العسكري مجدداً.
ويوضح الصلابي في حديثه لــ"العربي الجديد" بان "الكثير من المناطق حول طرابلس ما تزال موالية لحفتر، أو أنها تورطت في الإعلان عن ولائها لحفتر ولا يمكنها اليوم سوى دعمه بالمقاتلين"، مشيراً إلى أن من ضمن تلك المناطق "صرمان وصبراته والعجيلات وورشفانة وترهونة".
ويتابع الصلابي "من لا يزال يسيطر على مواقع هامة في الجنوب ويحكم سيطرته على الشرق بالإضافة لـ لهلال النفطي لا يمكن شطبه بجرة قلم والقول أنه فقد المبادرة"، مشيراً إلى أن خسارته لمعركة طرابلس تعني نهايته سياسياً وعسكرياً.
ويشير الصلابي في حديثه إلى أن دولاً تدعم حفتر يبدو أنها لا تزال تراوغ ومصرة على الاستمرار في دعمه في محاولة جديدة، وقال "لديهم تقديرات عسكرية ولا يمكن لحفتر أن يعلن عن اقتراب ساعة صفر وهو لا يملك شيئاً".
وأضاف: "السياسي والعسكري مشتبك الآن في معركة طرابلس والمسارات معقدة بشكل كبير ولا يمكن تفكيكها بسهولة ولكن المؤكد أن حفتر يحضر لشيء أكبر من المعركة العسكرية"، مرجحاً أن يكون نداءه لــ"شباب العاصمة" يعني إشارة لانتفاضة داخلية بالعاصمة من قبل مؤيديه فيها.
وتقترب رؤية الباحث في الشؤون السياسية، عبد الحميد المنصوري، من تحليل الصلابي، حيث يرى أن "حفتر لن يتوانى عن نشر الفوضى في طرابلس من خلال خلاياه النائمة التي صرح عشرات المرات، مؤكداً على وجودها داخل طرابلس". وأضاف: "حفتر الذي دمر بنغازي ودرنة وأدخل الجنوب في دوامة كبيرة لن تختلف سياساته الحالية في طرابلس".
وبحسب تقديرات المنصوري، فإن حفتر يتجه الى إثارة الفوضى وفتح أكثر من محور قتال في غرب البلاد، متسائلاً "ما الذي تعد له قوات حفتر القريبة من سرت والمرابطة على مشارف بني وليد وعلى بعد 90 كم من مصراته فقط".
ويشير المنصوري إلى "الصمت الدولي حيال طموح حفتر وإعداده لحملة عسكرية"، وتابع: "كيف يمكن أن نقول إن ما يحدث "ضجيج اعلامي" وحتى الأمم المتحدة حذرت من تصعيد عسكري جديد".
ولفت إلى أن "السؤال الذي يمكن طرحه في الوقت الراهن يتمحور حول مقدرة حفتر على اقتحام طرابلس وتحقيق ما يرغبه منه حلفاؤه أم لا"، لكنه في ذات الوقت يعتقد أن حفتر لن يحقق شيئاً في المستقبل القريب بسبب استعداد الحكومة من جانبها لحملته المحتملة.
وفيما أكد المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، أمس السبت، جاهزية قواته لصد أي عدوان جديد على العاصمة، داعياً البعثة الأممية والمجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليتهم تجاه التصعيد العسكري الجديد واستهداف المدنيين، أكد من جانبه المجلس الأعلى للدولة أيضاً أن قوات الحكومة قادرة على صد أي عدوان، لكنه أشار الى أن العدوان الجديد على العاصمة سيكون بدعم الدول المتحالفة مع حفتر، مشيراً إلى استعانته بالمرتزقة لتعويض نقص العناصر البشرية لديه.