حظر التنورات الطويلة في مؤسسات التعليم الفرنسية.. إسلاموفوبيا

30 ابريل 2015
+ الخط -


لا يبدو أن وزيرة التربية الوطنية في فرنسا، نجاة فالو بلقاسم، تستطيع فعل شيء في مواجهة أقلية علمانية منظمة استوطنت الوزارة منذ عقود، وتمارس ضغوطاً وتفرض آراءَها على الوزارة وعلى الطلاب وعلى آبائهم، رغم أنها أقلية، بحسب مسؤولة في "حزب اليسار".

وقالت مسؤولة الحزب، الذي يتقاسم رئاسته ميلونشون، والمعروف بعلمانيته المفرطة، لـ"العربي الجديد": أقلية تحرس، بإفراط وعصبية، ما تعتبره هيكل العلمانية الفرنسية. ومن وسط هذه الأقلية المنظمة تخرج بالونات محاولة فرض الحجاب في الجامعات الفرنسية، كما رأينا المحاولات العديدة لاستغلال مأساة "شارلي إيبدو"، لبسط رؤيتها في المدارس والثانويات الفرنسية، عبر فرض شعار "كلنا شارلي"، رغم ما فيه من استفزاز لجزء لا يُستهان به من الطلاب.

وشاهد الجميع عجز الوزيرة، رغم نواياها الحسنة وتصريحاتها المُطَمْئِنَة، عن إيجاد حلّ لمشكل "الأمهات المحجبات"، وحقهن في مرافقة أبنائهن في النزهات والرحلات المدرسية، خارج المؤسسات الرسمية العلمانية.

ولا تزال الأمهات ينتظرن نهاية سعيدة لمشاكلهن، رغم أن الحق إلى جانبهن، فهنّ لسن موظفات، والمرافقة التي يقمن بها مجانيّة ولا تتم إلا خارج المؤسسات.

وزادت قضية عمدة مدينة شالون- سور- ساون الطين بلة، فالعمدة قرر ألا يقدّم في المطاعم المدرسية إلا وَجَبات فيها خنزير، ولا مجال للتلميذ "سوى أن يَقبل ما يُقدَّم له وإلا أن يبحث له عن مدرسة خاصة"، كما قال نيكولا ساركوزي، بفخر شديد.

وبطبيعة الحال رفضت الوزيرة، نجاة فالو بلقاسم، هذا الأمر، وأصرت على وجوب اقتراح أكلات ليس فيها خنزير لمن يشاء. ولكن الأمر لم يقف عند هذا الحدّ، فالكثيرون من أنصار هذه الرؤية يصرون على أن طبق الخنزير "وجبة جمهورية"، يؤازرهم في الأمر استطلاع للرأي يكشف أن 53 في المائة من الفرنسيين يرفضون تقديم أطباق بديلة للخنزير.

وجاءت القضية الجديدة المتمثلة في منع تلميذة مسلمة من ولوج مؤسسة ليو لاغرانج - ميزيي، مرتين، 16 و25 أبريل/نيسان، بسبب تنورتها السوداء الطويلة، ولا تعتبر حالة التلميذة سارة (15 سنة) معزولة عن سياقها. فإذا كانت الصحافة الفرنسية قد انتبهت لها، فإن مرصد مكافحة الإسلاموفوبيا في فرنسا سجَّلَ مئات الحالات المشابهة، وأن 133 تلميذة وطالبة منعن، في السنة الماضية، وحدها، من دخول المؤسسات التعليمية بسبب تنوراتهن الطويلة.

اقرأ أيضا:تصاعد الأعمال العدائية ضد مسلمي فرنسا


وقد تحججت السيدة دُوبواس، مديرة المؤسسة، بأن الطالبة تلبس تنورة طويلة جداً لا تحترم قانون العلمانية في المدرسة. ونقرأ في رسالة المديرة لوالدي الفتاة أن التنورة تحمل "طابعاً دينياً ظاهراً"، وتطالبها بـ"تعديل لباس الفتاة"، إذا أرادا لابنتهما أن تواصل ارتياد المؤسسة.

ورغم أن قانون 2004 حول هذا الأمر ينصّ، أيضاً، على وجوب الابتعاد عن علمانية متحمسة تساهم في تدمير أسس العلمانية ذاتها. وهو ما تكشفه شرطة حقيقية للأزياء.

ويبدو أن هذا التأويل الحماسي والمتطرف لقانون 2004، حول حظر العلامات الدينية في المؤسسات التعليمية الرسمية، يتعارض مع ما أكده نيكولا كادين، المقرر العام لمرصد العلمانية لمصلحة رئيس الوزراء، الذي يوضح أن "ما يقوله قانون 2004، هو أن العلامات والملابس التي تُحمَل لإعلان انتماء ديني محظورةٌ. ونعني بها الحجاب والقلنسوة أو صليباً كبيراً أو عمامة يلبسها السيخ أو لباس راهب بوذي. أما التنورة السوداء فلا تخالف القانون".

وأمام النشاط منقطع النظير الذي شهدته الشبكات الاجتماعية الغاضبة من تصرفات المديرة، خطت أكاديمية التعليم خطوة إلى الوراء، وقالت إنها لم تمنع الطالبة من ولوج المؤسسة وإن الرسالة "التهديدية" من المديرة لوالديها كانت دعوةً للحوار.

ومن جهته، أعلن مرصد مكافحة الإسلاموفوبيا، الذي رأى في تصرف مديرة المؤسسة التعليمية عملاً معادياً للإسلام، ضرورة إدانة مثل هذه المواقف ومحاربتها أمام القضاء الفرنسي، بلا هوادة.

كما أن كثيراً من الأقلام الفرنسية، غير المسلمة، انتقدت "حماس" المديرة العلماني المفرط، الذي يمكن أن يؤدي إلى عواقب عكسية، قد تشجع بعض المسلمين على لعب دور "الضحية"، وعلى إغراق شبكات فيسبوك وتويتر بهاشتاغات "ألبس تنورتي كما أشاء"، أو "يوم التنورة". كما رأوا في موقفها المدافع عن العلمانية، بـ"حسن النية"، فرصة لخلط أوراق بين المدافعين عن الحريات الفردية وبين أصحاب مَطالب الجماعات.

اقرأ أيضاً:إسلاموفوبيا فرنسية.. تصاعد الانتهاكات ضد المسلمين

المساهمون