ترى النظرة الأكثر شيوعًا للحداثة أن المصطلح يشير إلى نوع جديد من المجتمع الذي نشأ من سلسلة من التحولات الرئيسية في أوروبا وأميركا الشمالية، وبلغت ذروتها بالثورات الصناعية والسياسية في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر.
ولطالما كانت "الحداثة" موضوع نقاش كبير بين المؤرخين. بوصفها مفهوماً إشكالياً له تاريخ خاص، ولفترة طويلة أيضاً كان من الشائع الاعتقاد بأن "مجتمعًا حديثًا" واحدًا وفريدًا نشأ في الغرب وأنه فتح حقبة جديدة وأفضل في تاريخ البشرية.
اليوم، نحن بحاجة إلى إعادة النظر في هذه الأفكار في ضوء الوضع العالمي الحالي، فهذه الادعاءات قد تحولت بشكل جذري، ونشأت قضايا جديدة بات معها من من الضروري دراسة ما فعلته الحداثة.
وكما كانت الحداثة مبنية على الأمل بالحرية والعقل، أنشأت مؤسسات الرأسمالية والديمقراطية المعاصرة. فكيف ترتبط حرية المواطن بحرية المشتري والبائع اليوم؟ وماذا فعلت الرأسمالية والديمقراطية بالحداثة التي أنتجتها؟
لقد كان مفهوم الدرسات الغربية للحداثة يرتبط بطريقة ما بشكل لا ينفصم بتاريخ أوروبا والغرب. فكيف يمكن إذن مقارنة أشكال مختلفة من الحداثة العالمية المعاصرة بطريقة "متماثلة" أو غير متحيزة أو غير مركزية؟ وكيف يمكن تطوير علم اجتماع عالمي للحداثة؟
ليس بعيداً عن هذا السؤال، تقام مؤتمرات وملتقيات أكاديمية في الجامعات الغربية، فمن يقرأ برامجها وعناوينها ويبحث في المشاركين فيها سرعان ما يلحظ غياب الحداثة غير الغربية عن مواضيع النقاش والبحث.
في هذا السياق، تقيم جامعة غولدسميث في لندن ملتقى دراسياً ينطلق عند الواحدة من بعد ظهر الأربعاء، الخامس من الشهر الجاري، ويتواصل حتى المساء، يجتمع فيه باحثون أكاديميون في حقول علم الاجتماع والفلسفة والدراسات الثقافية تحت عنوان "حطام الحداثة" ويتناولون أثر الحداثة على العصر الراهن.
هذه الندوة هي الأولى من بين ثلاث تهدف إلى المراجعة الاجتماعية واستكشاف الكيفية التي يمكن من خلالها فهم التغيرات في العالم، وبالذات الأسئلة الرئيسية حول إرث الحداثة، ويحاضر خلالها باحثون من بريطانيا وبلجيكا وألمانيا والنمسا.
الأوراق تتناول عدة محاور ففيها يقدم الباحث أندريا باردين رأياً في "الأتمتة السياسية في نهايتها"، ويشارك ديدييه ديبايس بورقة بعنوان "طوارئ العالم"، بينما يناقش سانجاي سيث "الدفاع عن الفكر الحديث"، وتقدم إيريس فان دير توين مشاركة حول شبكات الاتصال.