حضور الدولة في تعز

22 أكتوبر 2017
+ الخط -
مع أول رصاصة أطلقها الإنقلابيون على المدنيين في تعز، عملت المنظومة الإنقلابية على تشويه المدينة الحالمة، واعتبارها بيئة حاضنة للإرهاب، يجب إستئصالها من الجغرافيا اليمنية أو إخضاعها بالقوة، وساعدهم في ترويج تلك الكذبة منتفعون يحسبون على أبناء المدينة، في سبيل تعزيز حضورهم الباهت بأكبر قدر من الضجيج.
محاولة الإنقلابيين تشويه تعز، لم تكن سوى دعاية مستهلكة لتبرير الجرائم التي تطال أبناء المدينة بشكل مستمر منذ عامين ونصف العام، وهي فترة زمنية غيّبت تعز عن خارطة الإهتمام الرسمي، وأريد للمدينة أن تكون بعيدة عن الحضور الرسمي للدولة، الدولة التي يتوق أبناء المدينة لحضورها بشكل دائم.
في أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي، وصل إلى المدينة وفد الحكومة الشرعية، برئاسة نائب رئيس الوزراء، عبد العزيز جباري، في أول حضور رسمي منذ اندلاع الحرب، وهو الحضور الذي بدّد الأكاذيب والشائعات التي روّجها الإنقلابيون، ومعهم المرجفون في معسكر الشرعية، بشأن الوضع الميداني في المدينة.
في تعز، ليس هناك مشاريع للإرهاب أو القتل والتدمير، وإنّما مشروع واحد، هو استعادة الدولة وتفعيل مؤسساتها، وهو المشروع الذي ينشده المواطنون اليمنيون منذ بداية الحرب، ولا زالوا، ولعل في زيارة الوفد الحكومي المدينة، وحجم الارتياح الشعبي لهذه الزيارة، خير شاهد على ذلك.
من الجميل أن تهتم الشرعية بتعز، وتعمل على تصحيح أخطائها بحق أبناء المدينة الذين عانوا من بطش الانقلاب كثيرا، ومن الجميل أن تعمل الشرعية، على تطبيع مؤسسات الدولة في المدينة، ولعل أهمها إعادة فتح فرع البنك المركزي، وهي خطوة ستسهم على الأقل في ضمان وصول إيرادات المدينة للبنك المركزي في عدن، بدلا من وصولها إلى جيوب المتنفذين، سواء في تعز أوصنعاء، وبالتالي المساهمة في توفير رواتب الموظفين التي انقطعت منذ نحو عام.
الخطوة الأخرى، وهي مهمة أيضا، تتمثل في تثبيت مؤسسات الدولة، من خلال تسليم المنشآت الحيوية للسلطة المحلية، بدلا من بقائها تحت سيطرة أطراف معينة، إضافة إلى إخلاء المدارس من الوجود العسكري، في سبيل تفعيل العملية التعليمية، التي توقفت بشكل كبير منذ بداية العدوان الإنقلابي على تعز.
وبقدر ما قوبلت زيارة الوفد الحكومي لتعز بارتياح شعبي، إلا أنّ ذلك لم يرق لجهات حزبية داخل المدينة، فضلا عن أسيادها خارج المدينة، ممن وقفوا في وجه تحرير المدينة منذ عامين ونصف.
غادر الوزير جباري رفقة الوفد الحكومي مدينة تعز، بعد زيارة جرى خلالها معالجة عدة ملفات كالتعليم، وتسليم المنشآت الحيوية، وافتتاح فرع البنك المركزي، غير أن أكبر منجز لهذه الزيارة، هو أنها أعادت الاعتبار لمدينة تعز، بعد عامين ونصف العام من غيابها ضمن خارطة الإهتمام الرسمي، والأهم من ذلك أن يكون هذا الاهتمام بصفة مستمرة وليس مؤقتة، فتعز تتعطش لحضور الدولة أكثر من أي وقت مضى.
الشرعية مطالبة أيضا بالاهتمام بالمناطق الريفية والساحلية لتعز، خصوصا التي تتعرّض لعملية ديموغرافية ممنهجة، لإخراجها من دائرة تعز، وربطها بمشروع خارجي، يمتد من شواطئ دبي وحتى شواطئ عدن والمخا.


19FC6C15-927F-41BA-96AD-BF13E96622C4
19FC6C15-927F-41BA-96AD-BF13E96622C4
منذر فؤاد (اليمن)
منذر فؤاد (اليمن)