على قمة صخرة عظيمة شاهقة العلو، ينتصب حصن ثُلاء التاريخي مزهواً كسبابة تشير إلى عراقة البلدة الجاثمة تحته ثُلاء، تلك الرحم التي تمخضت عن أشهر قادة اليمن على الإطلاق.
عندما تجعلها قبلتك، فإنك لا ترى سوى صخرة "الغراب" الصامتة، ومن تحتها ترى بيوتها تنام منثورة على سفحها كدرة بنية مكنونة، من فوقها "قلعة الغراب" ونسورها الجارحة التي تحرسها تحت أجنحتها المنبسطة، وعيونها الحادة منذ مئات السنين.
هي صعبة المرتقى والمنال للأعداء. بدءاً من طريقها الأفعوانية، لتكشف القادمين إليها عند كل التفاف وتجعلهم سهلي القنص من شاهق. وما إن تستوِ على سطحها حتى ترى أمامك سياجاً صخرياً عظيماً يلف المدينة يسمى "المَيّاح".
تمتد جذوره عبر التاريخ إلى العهد الحميري. تتخلل السور أبراج مراقبة وبوابة شرقية لا يكاد يبلغها أحد إلا وسرعان ما يكسوه الأمان، فمصراعاها الواسعان هما من يسمحان لخيوط الشمس الأولى الولوج، لتكتسب من قصورها المهندمة لون البرونز، وتتعلم من درجات شوارعها وأزقتها الاتساق، وتستلهم من وجوه أبنائها البشاشة والفرح. لن تكسب سباقك سريعاً فلن تدخلها حتى تبادر هي لتدخلك وتسيطر على بوابات قلبك وأسارير دهشتك.
إدهاشات هندسية
كثيرون سرعان ما يستغنون عن أولئك الأطفال بعد أول خطوة داخل صفحات التاريخ، إذ يجدون ثُلاء ذاتها لسانا يجيد لغة السرد عن المناخ الأمثل والمعمار الأكمل والإنسان الأجمل. تتجاذبك أشكال قصورها الشعبية التي تتراءى لك بتشابهها للوهلة الأولى وكأنها قوالب جاهزة، لكن ما إن تعيد نظرات التأمل حتى تتكشف لك عظمة المكان. فلن ترى بيتين يتشابهان في المدينة. تجيد تلك البيوت سباق التنوع وفرادة الهندسة. تجد في هذه البناية مشربية من الحجر المتشابك مع الفراغات الهوائية، وفي تلك مشربية من الخشب، وثالثة من الجص أو القضاض القديم وأخرى من المعدن، وفي كل مشربية تختلف أشكال التقاطعات وبروزاتها وأحجامها. كما تختلف أشكال وألوان "القمريات" التي تعلو النوافذ وموادها لتكون بعضها من الزجاج القديم، وبعضها من حجر الأباصر الشفاف القديم.
تتميز ثلاء عن غيرها بغزارة الزخارف الحجرية الإبداعية، تكون على شكل أمواج متكسرة أو بروزات تنتظم على عرض البيوت، بعضها تحمل علامة نجمة داود التي تجدها في الكثير من بيوتات المدن القديمة، بل وفي مساجدها وأضرحة كبار العلماء. وفي بعض أركان البيوت، ترى فن الهندسة ظاهراً في بروز "بلكونات" للأدوار العليا، مرتكزة جميعاً على مجرد أعواد الخشب القديم وبأوضاع مدهشة لا تتخيل أن تنوء وحدها بكل تلك الأحمال.
وعلى مقربة من السوق، يرتكز متحف المدينة المغلق بسبب ركود الحركة التي تأثرت بالحرب الراهنة. وهنا ترى حمام المدينة؛ وهو الوحيد في بلدة صغيرة كثلاء. وهنا مسجد سعيد الكينعي وأضرحة مدرسة الإمام شرف الدين، ثم تعرج على فندق ثلاء الذي كان قصراً يعود لنائب الإمام "الحاكم" يتلوه بضع بوابات للمدينة، مثل باب المحاميد وباب الهادي وباب النور.
وتشهد البلدة موجة نشطة لترميم مرافقها العامة الأثرية من مختلف المؤسسات الحكومية والدولية المهتمة، من أجل السعي لتسجيلها ضمن قائمة المدن التاريخية في العالم لدى منظمة (اليونسكو). كما تشهد البلدة حركة واسعة في تدريب أبنائها على استخدام المواد القديمة في ترميم مرافقها العامة، بسبب فعاليتها في الاحتفاظ بها لأزمان أطول ولجمال مظهرها كذلك.
حصن "غراب"
حصن ثلاء المسمى "غراب" هو مجموعة من الحاميات العسكرية الأثرية على قمة صخرة "غراب الملساء". يجسد قوة الإنسان الذي قهر الطبيعة وسخرها طيعةً له . نسجت حول الحصن العديد من القصص والأساطير تروي بطولات ومعارك، أشهرها تلك التي دارت بين الإمام المطهر شرف الدين والعثمانيين. سريعاً ما تشعر بتلك العظمة وأنت تقف بين تلك المعالم، حيث النقوش الحميرية والسبأية الأثرية وقصور وبرك وأبراج حراسة وأسوار تحصين ومقابر صخرية ومدافن الحبوب المنحوثة عميقاً، والأراضي الزراعية المستحدثة فوق الصخر وبوابتاه الأعجوبتان، وكذلك مرافق الحصون المبعثرة. جعل هذا الحصن من المدينة ملاذاً آمناً لكل متحصن أو معارض أو داعية الذي يكسر كل وسائل الهجوم. ويحوي الحصن سرداباً أمنياً يربط القلعة بحصن "الناصرة" المجاور. كما يوجد أسفل الحصن كهوف من جميع الجهات يصعب الوصول اليها، يلجأ إليها العسكر للقتال منها في حالات استيلاء الأعداء على الحصن.
اقرأ أيضاً: منارة المحضار اليمنية لا تزال شامخة رغم الحرب
هي صعبة المرتقى والمنال للأعداء. بدءاً من طريقها الأفعوانية، لتكشف القادمين إليها عند كل التفاف وتجعلهم سهلي القنص من شاهق. وما إن تستوِ على سطحها حتى ترى أمامك سياجاً صخرياً عظيماً يلف المدينة يسمى "المَيّاح".
تمتد جذوره عبر التاريخ إلى العهد الحميري. تتخلل السور أبراج مراقبة وبوابة شرقية لا يكاد يبلغها أحد إلا وسرعان ما يكسوه الأمان، فمصراعاها الواسعان هما من يسمحان لخيوط الشمس الأولى الولوج، لتكتسب من قصورها المهندمة لون البرونز، وتتعلم من درجات شوارعها وأزقتها الاتساق، وتستلهم من وجوه أبنائها البشاشة والفرح. لن تكسب سباقك سريعاً فلن تدخلها حتى تبادر هي لتدخلك وتسيطر على بوابات قلبك وأسارير دهشتك.
إدهاشات هندسية
كثيرون سرعان ما يستغنون عن أولئك الأطفال بعد أول خطوة داخل صفحات التاريخ، إذ يجدون ثُلاء ذاتها لسانا يجيد لغة السرد عن المناخ الأمثل والمعمار الأكمل والإنسان الأجمل. تتجاذبك أشكال قصورها الشعبية التي تتراءى لك بتشابهها للوهلة الأولى وكأنها قوالب جاهزة، لكن ما إن تعيد نظرات التأمل حتى تتكشف لك عظمة المكان. فلن ترى بيتين يتشابهان في المدينة. تجيد تلك البيوت سباق التنوع وفرادة الهندسة. تجد في هذه البناية مشربية من الحجر المتشابك مع الفراغات الهوائية، وفي تلك مشربية من الخشب، وثالثة من الجص أو القضاض القديم وأخرى من المعدن، وفي كل مشربية تختلف أشكال التقاطعات وبروزاتها وأحجامها. كما تختلف أشكال وألوان "القمريات" التي تعلو النوافذ وموادها لتكون بعضها من الزجاج القديم، وبعضها من حجر الأباصر الشفاف القديم.
وعلى مقربة من السوق، يرتكز متحف المدينة المغلق بسبب ركود الحركة التي تأثرت بالحرب الراهنة. وهنا ترى حمام المدينة؛ وهو الوحيد في بلدة صغيرة كثلاء. وهنا مسجد سعيد الكينعي وأضرحة مدرسة الإمام شرف الدين، ثم تعرج على فندق ثلاء الذي كان قصراً يعود لنائب الإمام "الحاكم" يتلوه بضع بوابات للمدينة، مثل باب المحاميد وباب الهادي وباب النور.
وتشهد البلدة موجة نشطة لترميم مرافقها العامة الأثرية من مختلف المؤسسات الحكومية والدولية المهتمة، من أجل السعي لتسجيلها ضمن قائمة المدن التاريخية في العالم لدى منظمة (اليونسكو). كما تشهد البلدة حركة واسعة في تدريب أبنائها على استخدام المواد القديمة في ترميم مرافقها العامة، بسبب فعاليتها في الاحتفاظ بها لأزمان أطول ولجمال مظهرها كذلك.
حصن "غراب"
حصن ثلاء المسمى "غراب" هو مجموعة من الحاميات العسكرية الأثرية على قمة صخرة "غراب الملساء". يجسد قوة الإنسان الذي قهر الطبيعة وسخرها طيعةً له . نسجت حول الحصن العديد من القصص والأساطير تروي بطولات ومعارك، أشهرها تلك التي دارت بين الإمام المطهر شرف الدين والعثمانيين. سريعاً ما تشعر بتلك العظمة وأنت تقف بين تلك المعالم، حيث النقوش الحميرية والسبأية الأثرية وقصور وبرك وأبراج حراسة وأسوار تحصين ومقابر صخرية ومدافن الحبوب المنحوثة عميقاً، والأراضي الزراعية المستحدثة فوق الصخر وبوابتاه الأعجوبتان، وكذلك مرافق الحصون المبعثرة. جعل هذا الحصن من المدينة ملاذاً آمناً لكل متحصن أو معارض أو داعية الذي يكسر كل وسائل الهجوم. ويحوي الحصن سرداباً أمنياً يربط القلعة بحصن "الناصرة" المجاور. كما يوجد أسفل الحصن كهوف من جميع الجهات يصعب الوصول اليها، يلجأ إليها العسكر للقتال منها في حالات استيلاء الأعداء على الحصن.
اقرأ أيضاً: منارة المحضار اليمنية لا تزال شامخة رغم الحرب