لم يعد الجدول الدراسي كما كان عليه في السابق في مدارس صنعاء، عاصمة اليمن. فبدلاً من ست حصص دراسية يومياً كانت مقررة في السابق لتلاميذ المرحلتَين الأساسية والثانوية، باتت تقتصر الآن على حصتَين يومياً نظراً إلى تغيّب معظم المعلّمين.
بشار يحيى تلميذ في الصف الأول الثانوي بمدرسة حكومية، يقول إنّ "العام الدراسي الجديد بدأ في سبتمبر/ أيلول الماضي، لكنّ المعلّمين بمعظمهم لم يحضروا حتى اليوم، وإذا حضر بعضهم فإنّه يكتفي بالجلوس خارج الفصول الدراسية في إضراب غير مُعلن". يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "التلاميذ يحضرون طابور الصباح، ثم يتعلّمون حصتين فقط من أصل ست حصص مقررة يومياً، ليعودوا إلى منازلهم عند الساعة العاشرة صباحاً". ويؤكد يحيى أنّ "العملية التعليمية شبه متوقفة، ونتيجة لذلك يفضل تلاميذ كثيرون عدم الحضور إلى المدرسة، بل مراجعة المنهج الدراسي في المنزل". يتابع أنّه تعرّف على الحياة الخاصة لأحد معلّميه، مشيراً إلى أنّه "يبيع القات في أحد الأسواق القريبة من منزله حالياً لتأمين الدخل بعد انقطاع رواتب المعلمين. وثمّة معلّم آخر يعمل على دراجة نارية من أجل توفير المال لشراء الاحتياجات الأساسية لأسرته".
اقــرأ أيضاً
يوضح يحيى أنّ كثيرين من بين زملائه انتقلوا إلى مدارس خاصة لمواصلة تعليمهم، بينما يضطر هو وكثيرون غيره إلى البقاء في مدارس حكومية، بسبب عدم قدرة أهاليهم على تحمّل تكاليف المدراس الخاصة. يقول: "التعلّم اليوم هو لمن لديه مال فقط، أمّا نحن فمحرومون منه". ويرى يحيى أنّ "السياسيين هم السبب الرئيس في هذه المشكلة، وأحياناً أفكر بالانتقام منهم".
في السياق نفسه، يعبّر ولي أمر التلميذ رامز عبد الرب عن مخاوفه من "تدهور وضع التعليم في المدارس الحكومية بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، الأمر الذي قد يؤدي إلى جيل فاشل". يضيف لـ"العربي الجديد" أنّه "منذ بداية العام الدراسي الجديد يذهب التلاميذ إلى المدرسة من دون حصيلة معرفية تذكر. يبقى الخوف من انحرافهم بسبب تسربهم في ظل عدم الرقابة من إدارات المدارس". ويشير الوالد إلى أنّه ألزم ابنه رامز (الصف الثاني الثانوي) بمراجعة الدروس في البيت، "حتى يأتي موعد الاختبارات النصفية أو إلى حين مواظبة المعلّمين على الحضور والتعليم يومياً، خوفاً من رفاق السوء في المدرسة التي لم تعد مكاناً للتربية، إنّما لممارسة الأعمال غير الأخلاقية نتيجة استهتار إداراتها في مراقبة التلاميذ ". ويتابع الوالد أنّ "الاستهتار انتقل من المعلّمين إلى التلاميذ في مسألة عدم الحضور، إذ إنّ التلاميذ يكتفون بالجلوس في فناء المدرسة وقضاء أوقات مسلية بعضهم مع بعض، مع ما في ذلك من سلوكيات سيئة قد يكتسبونها، وهو ما يزيد من خوفي".
تجدر الإشارة إلى أنّ التلاميذ بالزي المدرسي الرسمي ينتشرون في شوارع العاصمة صنعاء بعد خروجهم من المدارس، قبل انتهاء الدوام يومياً منذ بدء العام الدراسي. كذلك يهدر كثيرون منهم أوقاتهم في مقاهي الإنترنت والألعاب الإلكترونية وغيرها.
يبرر فوزي حمادي، وهو معلّم في إحدى المدارس الحكومية بصنعاء، عدم التزام المعلّمين بالحضور يومياً، بعدم صرف رواتبهم منذ أكثر من عامَين. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "عدم اهتمام وزارة التربية والتعليم الخاضعة لسيطرة الحوثيين بحقوق المعلّمين انعكس سلباً على العملية التعليمية. وكثيرون هم المعلّمون الذين انتقلوا من المدارس الحكومية إلى الخاصة أو باتوا يمارسون مهناً أخرى لتلبية احتياجات أسرهم". ويشير حمادي إلى أنّه "يصعب على المعلّمين الالتزام بالدوام الرسمي في ظل انقطاع رواتبهم وعدم إيجاد حلول مناسبة للمشكلة"، سائلاً "كيف يمكن أن يذهب المعلّم إلى المدرسة وهو بلا راتب منذ أشهر طويلة؟ ماذا يطعم أطفاله؟ هذا أمر من الصعب التعايش معه، والمعلّمون بمعظمهم لا يملكون مصادر دخل أخرى".
اقــرأ أيضاً
135 ألف معلّم بلا رواتب
تقول ممثلة منظمة "يونيسف" في اليمن، ميريتشل ريلانيو، إنّ عدم تسلّم المعلّمين والمعلّمات في المحافظات الشمالية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين رواتبهم، منذ أكتوبر/تشرين الأول 2016، يجعل من الصعب عليهم الذهاب إلى المدرسة وأداء واجبهم، وهو ما قد يقوّض العملية التعليمية لنحو 3.7 ملايين طفل. وقد أشار تقرير للمنظمة إلى أنّ عدد المعلّمين المتضررين هؤلاء يبلغ 135 ألفاً.
بشار يحيى تلميذ في الصف الأول الثانوي بمدرسة حكومية، يقول إنّ "العام الدراسي الجديد بدأ في سبتمبر/ أيلول الماضي، لكنّ المعلّمين بمعظمهم لم يحضروا حتى اليوم، وإذا حضر بعضهم فإنّه يكتفي بالجلوس خارج الفصول الدراسية في إضراب غير مُعلن". يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "التلاميذ يحضرون طابور الصباح، ثم يتعلّمون حصتين فقط من أصل ست حصص مقررة يومياً، ليعودوا إلى منازلهم عند الساعة العاشرة صباحاً". ويؤكد يحيى أنّ "العملية التعليمية شبه متوقفة، ونتيجة لذلك يفضل تلاميذ كثيرون عدم الحضور إلى المدرسة، بل مراجعة المنهج الدراسي في المنزل". يتابع أنّه تعرّف على الحياة الخاصة لأحد معلّميه، مشيراً إلى أنّه "يبيع القات في أحد الأسواق القريبة من منزله حالياً لتأمين الدخل بعد انقطاع رواتب المعلمين. وثمّة معلّم آخر يعمل على دراجة نارية من أجل توفير المال لشراء الاحتياجات الأساسية لأسرته".
يوضح يحيى أنّ كثيرين من بين زملائه انتقلوا إلى مدارس خاصة لمواصلة تعليمهم، بينما يضطر هو وكثيرون غيره إلى البقاء في مدارس حكومية، بسبب عدم قدرة أهاليهم على تحمّل تكاليف المدراس الخاصة. يقول: "التعلّم اليوم هو لمن لديه مال فقط، أمّا نحن فمحرومون منه". ويرى يحيى أنّ "السياسيين هم السبب الرئيس في هذه المشكلة، وأحياناً أفكر بالانتقام منهم".
في السياق نفسه، يعبّر ولي أمر التلميذ رامز عبد الرب عن مخاوفه من "تدهور وضع التعليم في المدارس الحكومية بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، الأمر الذي قد يؤدي إلى جيل فاشل". يضيف لـ"العربي الجديد" أنّه "منذ بداية العام الدراسي الجديد يذهب التلاميذ إلى المدرسة من دون حصيلة معرفية تذكر. يبقى الخوف من انحرافهم بسبب تسربهم في ظل عدم الرقابة من إدارات المدارس". ويشير الوالد إلى أنّه ألزم ابنه رامز (الصف الثاني الثانوي) بمراجعة الدروس في البيت، "حتى يأتي موعد الاختبارات النصفية أو إلى حين مواظبة المعلّمين على الحضور والتعليم يومياً، خوفاً من رفاق السوء في المدرسة التي لم تعد مكاناً للتربية، إنّما لممارسة الأعمال غير الأخلاقية نتيجة استهتار إداراتها في مراقبة التلاميذ ". ويتابع الوالد أنّ "الاستهتار انتقل من المعلّمين إلى التلاميذ في مسألة عدم الحضور، إذ إنّ التلاميذ يكتفون بالجلوس في فناء المدرسة وقضاء أوقات مسلية بعضهم مع بعض، مع ما في ذلك من سلوكيات سيئة قد يكتسبونها، وهو ما يزيد من خوفي".
تجدر الإشارة إلى أنّ التلاميذ بالزي المدرسي الرسمي ينتشرون في شوارع العاصمة صنعاء بعد خروجهم من المدارس، قبل انتهاء الدوام يومياً منذ بدء العام الدراسي. كذلك يهدر كثيرون منهم أوقاتهم في مقاهي الإنترنت والألعاب الإلكترونية وغيرها.
يبرر فوزي حمادي، وهو معلّم في إحدى المدارس الحكومية بصنعاء، عدم التزام المعلّمين بالحضور يومياً، بعدم صرف رواتبهم منذ أكثر من عامَين. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "عدم اهتمام وزارة التربية والتعليم الخاضعة لسيطرة الحوثيين بحقوق المعلّمين انعكس سلباً على العملية التعليمية. وكثيرون هم المعلّمون الذين انتقلوا من المدارس الحكومية إلى الخاصة أو باتوا يمارسون مهناً أخرى لتلبية احتياجات أسرهم". ويشير حمادي إلى أنّه "يصعب على المعلّمين الالتزام بالدوام الرسمي في ظل انقطاع رواتبهم وعدم إيجاد حلول مناسبة للمشكلة"، سائلاً "كيف يمكن أن يذهب المعلّم إلى المدرسة وهو بلا راتب منذ أشهر طويلة؟ ماذا يطعم أطفاله؟ هذا أمر من الصعب التعايش معه، والمعلّمون بمعظمهم لا يملكون مصادر دخل أخرى".
135 ألف معلّم بلا رواتب
تقول ممثلة منظمة "يونيسف" في اليمن، ميريتشل ريلانيو، إنّ عدم تسلّم المعلّمين والمعلّمات في المحافظات الشمالية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين رواتبهم، منذ أكتوبر/تشرين الأول 2016، يجعل من الصعب عليهم الذهاب إلى المدرسة وأداء واجبهم، وهو ما قد يقوّض العملية التعليمية لنحو 3.7 ملايين طفل. وقد أشار تقرير للمنظمة إلى أنّ عدد المعلّمين المتضررين هؤلاء يبلغ 135 ألفاً.