حصار "الكردستاني" في سورية

06 سبتمبر 2016
قوات الجيش الحرّ تتقدّم ميدانياً (عارف هودافيردي يمين/الأناضول)
+ الخط -
أنهت عملية "درع الفرات" التي بدأتها القوات المسلحة التركية لدعم الجيش السوري الحر، مرحلة صعود حزب العمال الكردستاني في سورية عبر جناحه الاتحاد الديمقراطي، وبعد أن كان جناحه العسكري في سورية، بحسب البروباغندا الأميركية، الوحيد القادر على التقدم وتحقيق الانتصارات على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بات تقدمه في المناطق ذات الغالبية العربية الخالصة، نقطة ضعف كبيرة لم تشفع لها محاولات الكردستاني تطعيم قواته ببعض المليشيات العربية.

نجحت أنقرة في فرض حصار سياسي على العمال الكردستاني، حصار لا يقلّ وطأة عما كان مفروضاً عليه قبيل الربيع العربي، وذلك عبر مجموعة من التحركات الدبلوماسية التي قامت بها، أدت إلى حرمان الأخير من أي داعمين محتملين، سواء روسيا أو إسرائيل أو مصر أو إيران أو النظام السوري أو حتى بعض دول الخليج، لتبقى واشنطن الداعم الوحيد لكن بشروط تتعلق بالوضع الميداني في سورية والعمليات ضد "داعش،" وربما بغداد التي تحصر دعمها المقدم له في العراق لمواجهة مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان العراق.
وأكثر من ذلك، صعّدت أنقرة من حملتها على عناصر الكردستاني أخيراً لتشمل مناطق وجوده في الريف التركي، لتضع عملية درع الفرات المزيد من الضغوط على واشنطن للاختيار بين حليفها التاريخي الموثوق، أي أنقرة وبين مليشيا معادية تاريخياً وأيديولوجياً للأميركيين.

وبالفعل بدأت المحاولات الأميركية لتخفيف التوتر بين أنقرة والاتحاد الديمقراطي وتجنيبها الاضطرار للاختيار بين الجانبين، وذلك عبر مبعوث أوباما لشؤون التحالف ضد "داعش"، بريت ماكغورك، الذي زار مدينة عين العرب، والتقى بمسؤولي الاتحاد الديمقراطي، ليشدد على ضرورة انسحابهم من غرب الفرات. وليعمل بالتالي على ترتيب تقدم القوات المدعومة من تركيا نحو الباب لتجنب أي اشتباكات مع قوات الاتحاد الديمقراطي، وربما لتسليم منبج للقوات المدعومة من تركيا.

تبدو خيارات الاتحاد الديمقراطي محدودة للغاية، بين التمرّد على الأميركيين والاشتباك مع أنقرة وبالتالي خسارة دعم واشنطن، أو تقديم تنازلات للنظام السوري، لكن في كل الأحوال لا يبدي الحزب أي حماس للمشاركة في معركة الرقة، لأن ذلك سيضعه وسط بحر من العشائر العربية التي لن تجد صعوبة في الحصول على دعم لقتاله. ​