وكشفت المصادر لـ"العربي الجديد"، أنّ هيئة الانتخابات أعدّت ثلاثة تصورات لجداول زمنية مختلفة كانت قائمة على إجراء الاستفتاء خلال يومين، لكن اللجنة المكلفة من رئاسة الجمهورية والاستخبارات والأمن الوطني والرقابة الإدارية بمتابعة الملف مع الهيئة الانتخابية، حملت طلبات جديدة بضرورة إجرائه على مدار ثلاثة أيام، ليكون أمام الأجهزة الوقت الكافي لتدارك أي مشاكل قد تحدث نتيجة الحشد المعارض للتعديلات على مواقع التواصل الاجتماعي، وحثّ الناخبين على المشاركة والتصويت بـ"لا" وليس للمقاطعة أو الإبطال، كما كان الأمر في انتخابات الرئاسة الماضية.
وذكرت المصادر أنّه بناءً على هذه التعليمات الجديدة، تواجه الهيئة مشكلة، نظراً لازدحام الفترة المتاحة للاستفتاء بالمناسبات الدينية المسيحية والعطلات الرسمية، كعيد القيامة وعيد تحرير سيناء وشمّ النسيم وعيد العمال، بالإضافة إلى أيام الجمعة والسبت. وأوضحت أنه بات في حكم المؤكّد عدم المساواة بين أيام الاستفتاء للمصريين في الخارج والداخل، مرجحةً فتح السفارات للاقتراع ليوم واحد أو يومين كحد أقصى، من بينهما السبت 20 إبريل، ثمّ البدء مباشرة في الأيام الثلاثة المخصصة لاقتراع الداخل خلال الأسبوع الرابع من إبريل. وما زالت الأجهزة تفاضل بين أن يبدأ الاقتراع يوم الأحد 21 أو الاثنين 22 من إبريل، على أن تنتهي الإجراءات قبل عيد تحرير سيناء في 25 إبريل، ليتم إعلان نتيجة الاستفتاء في هذا اليوم أو يوم الجمعة في 26 إبريل على أقصى تقدير.
وكانت المصادر قد كشفت نهاية الشهر الماضي، لـ"العربي الجديد"، أنّ السلطات تسعى إلى "امتلاك وقت أكبر" للتعامل مع المعارضة المنتظرة للتعديلات، حتى لا تفاجأ الأجهزة بنجاح دعوات النزول للاستفتاء والتصويت بـ"لا"، فتقف عاجزة عن مجاراتها بالسرعة المطلوبة، وخوفاً من أن يؤدي هذا الأمر إلى خلل في نسب التصويت لصالح المعارضة. وبالتالي، فإنّ إتاحة ثلاثة أيام للاقتراع سيكون حلاً مناسباً لتلافي أي نتائج غير سارة أو آثار غير مرجوة لحشد المعارضة.
ويأتي هذا الاتجاه من الدولة بعدما انتشرت في الآونة الأخيرة دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي لتحفيز المواطنين، خصوصاً الشباب، للمشاركة في الاستفتاء والتصويت برفض التعديلات الدستورية، وعدم إبطال الصوت أو المقاطعة. علماً أنّ حملات الاعتقال التي شنّت مطلع شهر إبريل الحالي في أوساط شباب ونشطاء الأحزاب والتيارات غير الدينية، كانت تستهدف بشكل أساسي شباباً ساهموا في نشر هذه الدعوات للمشاركة ورفض التعديلات وعدم المقاطعة.
ورداً على هذه الدعوات، بدأت مكاتب حزب "مستقبل وطن" (الذي أسسته أجهزة النظام المصري بعد انقلاب 2013) في المحافظات وضواحي العاصمة، حملة موسعة لحشد المواطنين للنزول والمشاركة في الاستفتاء بالموافقة على التعديلات الدستورية، ممولة في الأساس من النواب والتجار ورجال الأعمال الطامحين لدور سياسي في الفترة المقبلة.
واستيقظ المصريون، صباح أمس الثلاثاء، على انتشار لوحات إعلانية في مناطق مختلفة من القاهرة والجيزة تحمل عنوان "إنزل وشارك... قول رأيك"، غير منسوبة لأي جهة سياسية أو حكومية.
في هذه الأثناء، قال مصدر سياسي في حزب "مستقبل وطن"، إنّ حزبه الذي يعتبر الذراع السياسية التنفيذية للاستخبارات العامة حالياً، يتولّى الجانب التنفيذي الأكبر من حملة الحشد للتعديلات، وتشاركه أحزاب أصغر. أما الجانب التمويلي والإداري، فيعود بالكامل إلى لجنة عليا مشتركة من الاستخبارات والأمن الوطني والرقابة الإدارية، بإشراف مدير الاستخبارات اللواء عباس كامل شخصياً.
وذكر المصدر أنّ الاستخبارات تتولّى التواصل مع الجمعيات الأهلية وكبار رجال الأعمال لجلب تمويل للحملة الدعائية وحقائب وصناديق الأغذية التي ستوزع على البسطاء قبل الاستفتاء، في حين يتولى الأمن الوطني بالتنسيق مع المباحث العامة، التنسيق المالي على مستوى الشارع العادي والتجار الأصغر.
وأوضح المصدر أنّ الجمعيات والمبادرات الأهلية الكبرى، مثل "مصر الخير" و"الأورمان" و"صناع الحياة"، قدّمت مواعيد جمع التبرعات وتوزيع حقائب المواد الغذائية إلى ما قبل الاستفتاء، للمرة الأولى، استغلالاً لقرب موعده من شهر رمضان، وحاجة المواطنين الماسة للغذاء والكساء قبل موسم الصيام والأعياد، وذلك بتعليمات مباشرة من الاستخبارات.
وأشار المصدر إلى أنّ التمويل الجاري تحصيله لن يوجه فقط لتوزيع الأغذية على البسطاء قبل رمضان، كرشوة انتخابية، لكنه سيموّل أيضاً الدعاية الإعلامية والمسيرات والندوات التي بدأت عناصر "مستقبل وطن" تنظيمها للتعريف بالتعديلات "وأهميتها لمستقبل مصر واستقرار الاقتصاد وتحسين مستوى المعيشة"، على حد تعبير المصدر.
وكانت صحيفة "المشهد"، التي قرّر المجلس المصري الأعلى للإعلام برئاسة الصحافي الموالي للسيسي مكرم محمد أحمد، حجب موقعها الإلكتروني وتغريمها بـ50 ألف جنيه، قد نشرت قبل معاقبتها بأيام، تقريراً عن فرض "إتاوات انتخابية" على صغار التجار بواسطة الشرطة، وإعطائهم وصولات تفيد بتبرعهم للترويج للاستفتاء، مع تهديدهم بتحريك قضايا ضريبية وتجارية ضدهم في حال الامتناع.