تعرضت الكويت لموجة من الأمطار الغزيرة وغير المسبوقة ما أدى إلى دمار كبير في شبكة الطرقات في البلاد، وإلى أضرار وخسائر غير مسبوقة في الممتلكات، بالإضافة إلى وفاة شخص نتيجة الغرق في السيول التي اجتاحت منزله وهو يحاول إنقاذ عائلته.
أغرقت مياه الأمطار مناطق الفحيحيل والمنقف والصباحية وأبو فطيرة ومدينة صباح الأحمد الحديثة جنوب البلاد، كما أغرقت الضواحي المحيطة بالعاصمة الكويت، وتسببت في إغلاق أهم الطرقات الرئيسة، ما دفع الحكومة إلى إعلان تعطيل المرافق والمصالح الحكومية والمدارس والجامعات كافة، لعدة أيام.
وتعرضت الحكومة الكويتية لهجوم شعبي كبير بسبب هشاشة البنية التحتية للمناطق الجديدة، وتكسر الأسفلت وتطاير الحصى من الشوارع، والدمار الكبير والخسائر المالية التي لحقت بالمواطنين والمقيمين نتيجة غرق بيوتهم وسياراتهم. لكنّ رئيس مجلس الوزراء دافع عن نفسه بالقول إنّ مياه الأمطار فاقت التوقعات بشكل كبير، بالرغم من الاستعدادات الحكومية التي سبقت تحذيرات إدارة الأرصاد الجوية عبر نشر رجال الشرطة والإطفاء والجيش والحرس الوطني في الشوارع، مشيراً إلى أنّ الحكومة فعلت الممكن.
اقــرأ أيضاً
في المقابل، حمّل نواب في البرلمان الكويتي الحكومة مسؤولية غرق الضواحي والمدن السكنية وشبكة الطرقات، بسبب عدم مراعاة الجوانب الفنية وتصريف السيول والأمطار أثناء بناء هذه المدن الحديثة. وأشاروا إلى أنّ غالبية الأحياء السكنية القديمة لم تتأثر بمياه الأمطار أبداً، بحسب النائب شعيب المويزري، الذي استجوب رئيس مجلس الوزراء على خلفية أزمة الأمطار.
وبسؤال الخبراء والمتخصصين في توزيع شبكات تصريف المياه والصرف الصحي وبناء الطرقات، يؤكد هؤلاء لـ"العربي الجديد" أنّ الحكومة تتحمل جزءاً من المسؤولية، لكنّ حجم مياه الأمطار فاق توقعات جميع خبراء الأرصاد الجوية، وهو أمر لم تعهده الكويت من قبل.
يشرح المهندس، عبد الله الشمري، لـ"العربي الجديد" أسباب غرق الشوارع: "الكويت، كما هو معلوم للجميع، بلد صحراوي ذو مناخ جاف، وإذا هطلت الأمطار فيه فإنّها تهطل في الشتاء فقط وبكميات قليلة. ولم تسجل الكويت حالات هطول كبيرة للأمطار إلا في فترات بعيدة وقصيرة، أي مرة كلّ 40 عاماً تقريباً، ولم تتجاوز 86 ملم كما حدث في فيضان عام 1997 مثلاً". يتابع الشمري الذي يملك عضوية في جمعية المهندسين الكويتية مجيباً عن سؤال حول علاقة معدل منسوب المياه المتساقطة من الأمطار بالبنية التحتية: "علاقة منسوب المياه بشبكة تصريف مياه الأمطار مهمة، فالحكومة عند بنائها أيّ شبكة من شبكات تصريف الأمطار تدرس معدلات الأمطار خلال السنوات الماضية، ثم تبني الشبكة وفق أعلى معدل أمطار ممكن وهو 70 ملم في حالة الكويت". لكنّ ما حدث، بحسب الشمري، كان صادماً، إذ تجاوزت معدلات الأمطار المستوى الاعتيادي، ووصلت إلى 100 ملم، وهو ما فاق قدرة عمل شبكة تصريف مياه الأمطار، بالإضافة إلى أنّ مخالفات بعض ملاّك البيوت في البناء، أدى إلى حدوث كارثة كبيرة تسببت بغرق بعض الأحياء والمناطق.
يفصّل أكثر حول عدم مبادرة الحكومة إلى توسعة شبكة تصريف مياه الأمطار عند بنائها: "كلّ الحكومات حول العالم عندما تبني هذه الشبكات فإنها تراعي منسوب الأمطار فيها وتقوم بوضع أعلى معدل هبوط للأمطار في تاريخ البلاد، وذلك لتوفير ملايين الدولارات، وعدم تضييعها من دون فائدة، إذ ليس من المعقول أن تبني شبكة تصريف أمطار تستوعب منسوب أمطار دولة شرق أسيوية في بلد جاف مثل الكويت".
لكنْ، هناك اتهام آخر للحكومة الكويتية ببنائها مناطق على أودية مخفية ومطمورة وفي مجاري سيول قديمة. يقول المهندس، مساعد سلامة الهطلاني، وهو باحث دكتوراه في هندسة المياه في جامعة "كولورادو" الأميركية، والمعيد في جامعة "الكويت" إنّ سبب غرق البلاد هو أنّ شبكة تصريف مياه الأمطار لم تكن مصممة لتصريف الفيضانات مما أدى إلى عدم استيعابها مياه الأودية الفائضة التي تمر من خلال المناطق والضواحي التي غرقت. يضيف: "ما حدث هو أنّ الشبكة امتلأت بالمياه داخل الضواحي السكنية وفاضت ثم امتلأت بعد ذلك الأودية المخفية التي تمر بالمناطق مما تسبب بغرق مناطق مثل الفحيحيل والصباحية والمنقف والزهراء".
الخطأ الأكبر للحكومة بحسب المهندسين والخبراء هو بناؤها مدينة صباح الأحمد، جنوب البلاد، مقابل أربعة أودية قديمة وهو ما أدى إلى حدوث كارثة كبيرة في المنطقة بعد فيضان هذه الأودية كلّها، وتدخل الجيش الكويتي ليجلي الأهالي إلى حين انخفاض منسوب الأمطار.
يدافع المهندس، مبارك الدويلة، الذي صمم مدينة صباح الأحمد، عن نفسه، مشيراً إلى أنّ الحكومة لم تلتزم بتوصياته أثناء التصميم، إذ صمم الدويلة، بحسب قوله، خزانات مياه للأمطار حتى يتم تلافي الفيضانات، لكنّه فوجئ بعدم تنفيذ الحكومة بناء هذه الخزانات، بالرغم من تنبيهه أكثر من مرة عبر كتب أرسلها إليها.
اقــرأ أيضاً
سبق للكويت أن تعرضت لفيضانات، كان آخرها عام 1997، لكنّها لم تكن بالحجم الذي وصلت إليه أخيراً، بحسب أسعد العنزي الذي غرق منزله في ذلك العام في منطقة الصليبية الشعبية، شمال البلاد. يقول أسعد لـ"العربي الجديد": "عام 1997، غرقت أجزاء من مناطق الكويت بسبب خطأ فادح ارتكبه المقاول، من خلال ربطه شبكة تصريف المياه بشبكة الصرف الصحي في بعض المناطق. يومها حدثت حالات وفاة في منطقتي، لكنّ الأمور انتهت بعد يوم واحد فقط من تلك الأزمة وعادت الحياة إلى الكويت. الأمور اختلفت اليوم، فقد بقيت الطرقات مغلقة والبيوت غارقة وبحيرات الأمطار تغمر الشوارع في المناطق السكنية بعد مرور أكثر من أسبوع على الأمطار".
أغرقت مياه الأمطار مناطق الفحيحيل والمنقف والصباحية وأبو فطيرة ومدينة صباح الأحمد الحديثة جنوب البلاد، كما أغرقت الضواحي المحيطة بالعاصمة الكويت، وتسببت في إغلاق أهم الطرقات الرئيسة، ما دفع الحكومة إلى إعلان تعطيل المرافق والمصالح الحكومية والمدارس والجامعات كافة، لعدة أيام.
وتعرضت الحكومة الكويتية لهجوم شعبي كبير بسبب هشاشة البنية التحتية للمناطق الجديدة، وتكسر الأسفلت وتطاير الحصى من الشوارع، والدمار الكبير والخسائر المالية التي لحقت بالمواطنين والمقيمين نتيجة غرق بيوتهم وسياراتهم. لكنّ رئيس مجلس الوزراء دافع عن نفسه بالقول إنّ مياه الأمطار فاقت التوقعات بشكل كبير، بالرغم من الاستعدادات الحكومية التي سبقت تحذيرات إدارة الأرصاد الجوية عبر نشر رجال الشرطة والإطفاء والجيش والحرس الوطني في الشوارع، مشيراً إلى أنّ الحكومة فعلت الممكن.
في المقابل، حمّل نواب في البرلمان الكويتي الحكومة مسؤولية غرق الضواحي والمدن السكنية وشبكة الطرقات، بسبب عدم مراعاة الجوانب الفنية وتصريف السيول والأمطار أثناء بناء هذه المدن الحديثة. وأشاروا إلى أنّ غالبية الأحياء السكنية القديمة لم تتأثر بمياه الأمطار أبداً، بحسب النائب شعيب المويزري، الذي استجوب رئيس مجلس الوزراء على خلفية أزمة الأمطار.
وبسؤال الخبراء والمتخصصين في توزيع شبكات تصريف المياه والصرف الصحي وبناء الطرقات، يؤكد هؤلاء لـ"العربي الجديد" أنّ الحكومة تتحمل جزءاً من المسؤولية، لكنّ حجم مياه الأمطار فاق توقعات جميع خبراء الأرصاد الجوية، وهو أمر لم تعهده الكويت من قبل.
يشرح المهندس، عبد الله الشمري، لـ"العربي الجديد" أسباب غرق الشوارع: "الكويت، كما هو معلوم للجميع، بلد صحراوي ذو مناخ جاف، وإذا هطلت الأمطار فيه فإنّها تهطل في الشتاء فقط وبكميات قليلة. ولم تسجل الكويت حالات هطول كبيرة للأمطار إلا في فترات بعيدة وقصيرة، أي مرة كلّ 40 عاماً تقريباً، ولم تتجاوز 86 ملم كما حدث في فيضان عام 1997 مثلاً". يتابع الشمري الذي يملك عضوية في جمعية المهندسين الكويتية مجيباً عن سؤال حول علاقة معدل منسوب المياه المتساقطة من الأمطار بالبنية التحتية: "علاقة منسوب المياه بشبكة تصريف مياه الأمطار مهمة، فالحكومة عند بنائها أيّ شبكة من شبكات تصريف الأمطار تدرس معدلات الأمطار خلال السنوات الماضية، ثم تبني الشبكة وفق أعلى معدل أمطار ممكن وهو 70 ملم في حالة الكويت". لكنّ ما حدث، بحسب الشمري، كان صادماً، إذ تجاوزت معدلات الأمطار المستوى الاعتيادي، ووصلت إلى 100 ملم، وهو ما فاق قدرة عمل شبكة تصريف مياه الأمطار، بالإضافة إلى أنّ مخالفات بعض ملاّك البيوت في البناء، أدى إلى حدوث كارثة كبيرة تسببت بغرق بعض الأحياء والمناطق.
يفصّل أكثر حول عدم مبادرة الحكومة إلى توسعة شبكة تصريف مياه الأمطار عند بنائها: "كلّ الحكومات حول العالم عندما تبني هذه الشبكات فإنها تراعي منسوب الأمطار فيها وتقوم بوضع أعلى معدل هبوط للأمطار في تاريخ البلاد، وذلك لتوفير ملايين الدولارات، وعدم تضييعها من دون فائدة، إذ ليس من المعقول أن تبني شبكة تصريف أمطار تستوعب منسوب أمطار دولة شرق أسيوية في بلد جاف مثل الكويت".
لكنْ، هناك اتهام آخر للحكومة الكويتية ببنائها مناطق على أودية مخفية ومطمورة وفي مجاري سيول قديمة. يقول المهندس، مساعد سلامة الهطلاني، وهو باحث دكتوراه في هندسة المياه في جامعة "كولورادو" الأميركية، والمعيد في جامعة "الكويت" إنّ سبب غرق البلاد هو أنّ شبكة تصريف مياه الأمطار لم تكن مصممة لتصريف الفيضانات مما أدى إلى عدم استيعابها مياه الأودية الفائضة التي تمر من خلال المناطق والضواحي التي غرقت. يضيف: "ما حدث هو أنّ الشبكة امتلأت بالمياه داخل الضواحي السكنية وفاضت ثم امتلأت بعد ذلك الأودية المخفية التي تمر بالمناطق مما تسبب بغرق مناطق مثل الفحيحيل والصباحية والمنقف والزهراء".
الخطأ الأكبر للحكومة بحسب المهندسين والخبراء هو بناؤها مدينة صباح الأحمد، جنوب البلاد، مقابل أربعة أودية قديمة وهو ما أدى إلى حدوث كارثة كبيرة في المنطقة بعد فيضان هذه الأودية كلّها، وتدخل الجيش الكويتي ليجلي الأهالي إلى حين انخفاض منسوب الأمطار.
يدافع المهندس، مبارك الدويلة، الذي صمم مدينة صباح الأحمد، عن نفسه، مشيراً إلى أنّ الحكومة لم تلتزم بتوصياته أثناء التصميم، إذ صمم الدويلة، بحسب قوله، خزانات مياه للأمطار حتى يتم تلافي الفيضانات، لكنّه فوجئ بعدم تنفيذ الحكومة بناء هذه الخزانات، بالرغم من تنبيهه أكثر من مرة عبر كتب أرسلها إليها.
سبق للكويت أن تعرضت لفيضانات، كان آخرها عام 1997، لكنّها لم تكن بالحجم الذي وصلت إليه أخيراً، بحسب أسعد العنزي الذي غرق منزله في ذلك العام في منطقة الصليبية الشعبية، شمال البلاد. يقول أسعد لـ"العربي الجديد": "عام 1997، غرقت أجزاء من مناطق الكويت بسبب خطأ فادح ارتكبه المقاول، من خلال ربطه شبكة تصريف المياه بشبكة الصرف الصحي في بعض المناطق. يومها حدثت حالات وفاة في منطقتي، لكنّ الأمور انتهت بعد يوم واحد فقط من تلك الأزمة وعادت الحياة إلى الكويت. الأمور اختلفت اليوم، فقد بقيت الطرقات مغلقة والبيوت غارقة وبحيرات الأمطار تغمر الشوارع في المناطق السكنية بعد مرور أكثر من أسبوع على الأمطار".