حزب "الجمهورية" و"اللقاء الديمقراطي" يحاولان تأسيس تيار وطني جامع

01 مايو 2017
الأكراد أخطأوا بطرحهم الفدرالية من جانب واحد (Getty)
+ الخط -
على الرغم من تعدّد المرجعيات السياسية والحزبية في سورية خلال السنوات الست الماضية، والتي تنطق باسم أفكار وأفراد وجماعات، إلّا أن التمثيل السياسي لكافة أطياف المجتمع السوري كان شحيحاً في الحياة السياسية. وقد برزت، خلال الثورة السورية، تيارات عديدة تدعو إلى إدخال الصوت السوري بكل مكوناته في الحياة السياسية. ومن أبرز هذه التيارات حزب "الجمهورية" و"اللقاء الديمقراطي". وفي مطلع فبراير/ شباط الماضي، التقى هذان التياران السياسيان لدمج الأفكار المتقاربة، والساعية للتوصل إلى رؤية لدولة موحّدة تضم كل أصوات السوريين، على اختلاف أطيافهم وخلفياتهم السياسية والعرقية والدينية. وأكد التياران، في بيان مشترك، "حرصهما على تعميق العلاقات الثنائية، لما فيه مصلحة الشعب السوري وتحقيق أهدافه في الحرية والكرامة والديمقراطية، بما يسمح بتقديم أفضل الصيغ التي تلبي حاجة المجتمع السوري، تنظيمياً وسياسياً، وتتجاوز العثرات التي اعترت البرامج والأنظمة الداخلية للتنظيمات السياسية في المرحلة السابقة، خصوصاً في ظل لحظة سياسية عصيبة تجمعت فيها جملة من العوامل السلبية".

ويقول الرئيس التنفيذي لحزب "الجمهورية"، مضر الدبس، لـ"العربي الجديد"، إن "لقاء الحزبين أكّد على ضرورة العمل الديمقراطي في سورية، لجمع الشعب السوري، بتنوعه واختلافه". ويوضح أن ميزة السوريين هي أنهم قبلوا هذا التنوع على المستوى المدني، وكانت رؤيتهم موحدة للدولة المدنية منذ استقلال سورية عن فرنسا، إلى أن جاء حزب "البعث" وبدأ التفريق بينهم. ويضيف "مع بدء الثورة السورية، بدأنا نطمح إلى عمل نموذجي لحل القضية السورية، وقضية التنوّع الكردي والآشوري، والتي هي واحدة من الأمور التي يجب دراستها تحت المظلة الوطنية". ويتابع "حزب الجمهورية يتبنى دولة وطنية حديثة تقوم على مبدأ الحياد الإيجابي إزاء كافة الأطياف والديانات والأيديولوجيات، ولا نؤمن بصهر الشعب على شكل بعثي واندماج قسري، وإنما نؤمن بدولة مشتركة ونظام ديمقراطي وتداول السلطة، وهي أسس اللقاء الوطني مع التيار الديمقراطي، كتجمع كردي مؤمن بأن الحل الكردي لا يتم إلا بتكوين دولة وطنية سورية".

ويؤكد الدبس أن "الشرط الأساسي اللازم، وغير الكافي، هو إسقاط النظام، حتى يصبح هناك أفق لقيام دولة وطنية في سورية، وهو ما يتطلب من القوى السياسية بناء تيار وطني يضمها جميعاً في عمل وطني موحد"، مشدّداً على "ضرورة ألا يلغي الإيمان بهذا الاندماج المشترك الاعتراف بالآخر ككيان مستقل وموجود". ويقول "نرى أن الظلم الذي وقع على الأكراد هو جزء من الظلم الذي وقع على السوريين من قبل النظام منذ عام 1963 وطاول كافة أطياف الشعب السوري"، مبيّناً أنه بعد "ثورة" 8 مارس/ آذار التي قام بها حزب "البعث"، وقفت العجلة السياسية في سورية، واختفت الحالة الوطنية لصالح الحالة الأيديولوجية، للتتحول لاحقاً إلى ترسيخ لحالة حكم العائلة من قبل النظام الذي استخدم طائفته وورطها بمشروع عنصري. ويشدد على أن الحوار القائم مع التيار الديمقراطي يركّز أيضاً على شكل الحكم في سورية، واعتبار القضية الكردية واحدة من القضايا السورية التي يتم حلها مع قيام دولة مستقلة في سورية، مؤكداً أنه إضافة إلى هذا البيان، والذي هو أساس العمل المشترك، "يتم العمل الآن على تكوين رؤية سياسية مشتركة إزاء قضايا التنوع والتعدد الطائفي في سورية، لكن المتفق عليه حتى الآن هو أن تكون تحت سقف القضايا الوطنية الكبرى التي تهم كل مواطن". ويعتبر الدبس أن أي أصوات لتقسيم سورية "واهمة"، لسببين؛ الأول هو أنه لا يُمكن التنازل عن وحدة سورية، وأن مشروع التقسيم سيصطدم بمنطق التاريخ، لأن التقسيم وهم ولا يُمكن البناء على أوهام، والثاني هو أن احتياجات الإنسان السوري هي العيش في وطن موحّد ومستقل، وهذا أقل ما يمكن تقديمه إلى هذا الشعب.


بدوره، يقول الناطق باسم "اللقاء الديمقراطي" في سورية، ميداس عزيزي، لـ"العربي الجديد"، إن "اللقاء تأسس في 22 إبريل/ نيسان 2012 من شخصيات وطنية كردية، تبنّت رؤية وطنية سورية جامعة، وهي المرة الأولى التي يتخلى فيها الكيان السياسي الكردي عن صفته القومية ويأخذ الصفة الوطنية السورية". ويوضح أنه "بعد اندلاع الثورة كان من الضروري إيجاد تيار وطني يضم الأكراد والعرب والآشوريين، وتكون لديه رؤية واسعة، عبر إنتاج تنظيمات اجتماعية وسياسية لا تقوم على أسس أيديولوجية وإنما برامج وطنية". وبرأيه، تتكون سورية اليوم من ثلاثة تيارات، وهي حزب "البعث" وجماعة الإخوان المسلمين والأحزاب القومية العربية، مشدّداً على ضرورة انضمام تيار رابع لتحقيق التوازن السياسي، وهو التيار الديمقراطي الوطني العلماني، والذي يعمل "التيار الديمقراطي" وحزب "الجمهورية" على إنشاء جسم يكون نواة هذا التيار، ويتبنى مشروعاً وطنياً سورياً كاملاً، لافتاً إلى أن الفكرة بدأت منذ أكثر من شهرين عبر حوارات وتبادل الآراء مع "الجمهورية"، وكانت الأفكار متقاربة من خلال الفهم والتصور المشترك لكل قضايا سورية.

ويضيف عزيزي "ندرك أن القضية السورية أكبر من أحزابنا، وندرك أننا لا نملك أدوات التغيير، لكننا نطمح لتحقيق هدفنا المتمثل باستعادة القرار السياسي السوري المستقل والعمل من أجل مستقبل سورية، من خلال الاتفاق على إنتاج رؤية سياسية تمثل التيارين". ويقول "نعمل على تنسيق جسم سياسي موحد ونعرضه بين أيدي القوى الديمقراطية السورية بكل مكوناتها، وسندعو كل الأطراف والأحزاب للحوار ومناقشة هذه الرؤية معهم". ويكشف أن "التيار الديمقراطي" وحزب "الجمهورية" تواصلا مع قوى عربية وكردية وآشورية وقوى أخرى بهدف تشكيل تيار وطني ديمقراطي سوري، معترفاً أنه أمر صعب، لكنه يشير إلى وجود إرادة حقيقية بين الطرفين لتكون التجربة الأولى في تاريخ سورية منذ استلام "البعث" السلطة. ويتابع "نحن وحزب الجمهورية ليس لدينا أي استعجال، إنما نعمل بروية وتأنٍ في إطار وطني شامل، والحوار كان سلساً، لذلك دخلنا في مرحلة أكثر عملية"، مشدّداً على أن التيار ضد الانفصال لأنه لا يوجد شيء اسمه انفصال بحسب قراءات تياره، قائلاً "نطمح لتوحيد السوريين ونقلهم من حالة التشتت إلى دولة موحدة". وبشأن الفدرالية، يقول عزيزي "ليس لدينا أي إشكالية معها، لكن يجب أن تكون مبنية مع شركاء الوطن والمكونات السورية الأخرى"، لافتاً إلى أن الأكراد أخطأوا بطرحهم الفدرالية من جانب واحد، لأن "البعث" غرس فكرة أن الأكراد يريدون الانفصال، وطرحها من جانب القوى الكردية ساهم في ترسيخ فكرته. كما أن على الأكراد السوريين إقناع بقية المكوّنات بالفكرة وتشكيل أكثرية سياسية. ويقول "نحن ننتهج اللامركزية الموسّعة"، معتبراً أنه من دون إسقاط بشار الأسد لا يمكن لسورية الحديثة أن تقوم، لأن وجود النظام إشكالي ولا مستقبل للنظام السوري ورئيسه بشار في مستقبل البلاد.