حريات فرديّة وضوابط على الملابس
أبسط تعريف للحرية التي كانت قد مرت في تفسيرات مختلفة في الماضي، أن نكون قادرين على التصرف والعمل من دون تدخل خارجي، أو إعاقة أو ضغط. يولد كل شخص بالمستوى نفسه وبالقيمة الإنسانية نفسها. لذا، من حق الناس أن يعيشوا بحرية ومساواة، بغض النظر عن الدين، أو الجنسية، أو العرق، أو الآراء، ومن حقهم، أيضاً، أن يتمتعوا بالحقوق الإنسانية نفسها. الحقوق والحريات لا يمكن أن تحددها الأغلبية أو القوة المتنفّذة، الحفاظ عليها وحمايتها واحدة من القوى الدافعة الرئيسية وراء ازدهار المجتمع.
تعتبر الدول الديمقراطية، بسبب احترامها للحقوق والحريات الفردية والاختلافات والحياة الخاصة، متقدمة في المجال الديمقراطي. في المجتمعات التي تتوفر فيها الديمقراطيات بشكل صحيح، يتم احترام حقوق الناس وحرياتهم وحمايتها، حتى إذا لم يتم الموافقة عليها، أو لم تلقى تشجيعاً من الآخرين. في البلدان التي تفتقر إلى البنية الديمقراطية المتقدمة، نجد أن الأغلبية، أو القوة المتنفذة، يمكن أن تضع قيوداً على الذين لا يشبهون الأغلبية، أو ليسوا منهم.
ليس هناك شك في أن تركيا سعت، في الآونة الأخيرة، إلى أن تصبح أكثر شفافية ودولة ديمقراطية متقدمة. فقد حققت تقدماً كبيراً على طريق الديمقراطية، بتطبيق إصلاحات جذرية في السنوات الأخيرة. كان آخرها تلك التي سمحت للطلاب في المدارس الثانوية والمتوسطة بارتداء الحجاب، في عامهم الدراسي الخامس، حيث يعتبر ذلك تطوراً ممتازاً، من حيث انفتاح تركيا على الديمقراطية، وبدأ الطلاب الراغبون في ذلك حضور الحصص، وهم يرتدون الحجاب في جميع أنحاء البلاد. مع ذلك، فإن الحظر على الشعر المصبوغ، المكياج، الشوارب واللحى والمنصوص عليها سابقاً في نظام وزارة التربية والتعليم الخاص بالملابس والمظهر قد تم التحفظ عليها تماماً، وتمت إضافة الثقب والوشم إلى القائمة أيضاً. وفقاً لذلك، لا يسمح للطلاب في المدارس بصبغ شعرهم، أو وشم، أو ثقب أنفسهم. وقد أدى هذا إلى تجدد الجدل حول الديمقراطية. ويقول أناس كثيرون إن القيود على هذه المسألة ألقت بظلالها على المكاسب الديمقراطية في السنوات الأخيرة.
مع ذلك، يتغيّر العالم، وتتغيّر الآراء وتتبخّر الضغوط. أفضل شيء نفعله هو التكيّف مع التطورات والتغيير على طريق الديمقراطية بقدر ما نستطيع. الشباب هم، بلا شك، الأكثر تأثراً بالتغيير. يرغب الشباب، اليوم، أن يكونوا أحراراً، أن يعيشوا في يسر وسعادة وقضاء أفضل سنوات حياتهم خالية من الضغوط. إنهم لا يريدون الانضباط الصارم. الشباب الذين يرغبون في أن يثقبوا، أو يوشموا، يريدون أن يفعلوا ذلك بحرية مطلقة، من دون عائق، والتمتع بشبابهم بالطريقة التي يرونها مناسبة، تماماً مثل الذين يختارون ارتداء الحجاب. الفتيات الصغيرات اللاتي يرغبن في وضع الماكياج، ليظهروا لطيفات، أو الأولاد الصغار الذين يشعرون بأنهم أكثر وسامة عندما تنمو لحاهم، لم يعودوا يريدون أن يكونوا مقيدين. المدارس المتوسطة والثانوية أجمل ما في حياتهم. دعونا نسمح لهم بارتداء ما يشاؤون، سعداء ومن دون ضغوط. المدارس يجب أن تكون ملونة زاهية ونابضة بالحياة. السلام والفرح والطاقة التي تأتي من الحرية يجب أن نشعر بها في كل مكان. إذا كان السبب وراء القيود هو الخوف من أن الشباب سوف يصبح منحطاً، حسناً، الألوان لم تجر أي إنسان إلى الانحطاط يوماً. الشيء نفسه ينطبق على اللحى والشوارب، والوشم والخواتم.
الحقيقة أن الحقوق الفردية من بين أهم حقوق الإنسان الملحة في العالم، بغض النظر عن الدين، أو الأمة، أو العقيدة التي قد ينتمي إليها الفرد. عندما تُسلب حقوق الأفراد، تكون النتيجة هي الخوف، والقلق، والأرق وانعدام الأمن، والذي يؤدي، حتماً، إلى المرض الهيكلي. الناس الذين تسلب حرياتهم الفردية يفقدون الفرح، الحماس والإبداع. بدلاً من أن يكونوا مستريحين ومنتجين في حالة الحرية المطلقة، فإنهم يصبحون غير صحيين، ويميلون إلى الانطواء. لن يفعلوا أي خير يذكر، لأنهم غير قادرين على التفكير والابداع وفعل الخير لأمتهم، بسبب سلب حريتهم، في وقت يمثل فيه الشباب مستقبل الأمة. وعلاوة على ذلك، الشباب من أعظم القوى في البلاد. تركيا، مع شبابها، يجب أن تحقق أفضل استفادة من هذه الميزة، وتشجع الشباب على أن يكون حراً، وعلى التفكير بحرية والقدرة على تحمّل مسؤوليات كبيرة.