واستعرض وزير الداخلية الإسرائيلي، جلعاد أردان، وللمرة الأولى، الاستراتيجية التي وضعتها الحكومة الإسرائيلية لمواجهة حركة المقاطعة الدولية. وحدد أردان، في مداخلته، الأسباب الرئيسية التي يعتبرها مؤثرة لجهة تعزيز ونمو حركة المقاطعة. وبحسب أردان، فإن الشبكات الاجتماعية والتطور التكنولوجي، على غرار تطوير الأجهزة الذكية، ساهمت بشكل كبير في نشر رسالة حركة المقاطعة الدولية، إلى جانب قرار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، منذ عام 2009، بعدم العودة إلى طاولة المفاوضات، وهو ما سهل على الطرف الفلسطيني عبر استغلال الصور، التي يتم بثها من الضفة الغربية، في الترويج لسياسات مناهضة لإسرائيل والانتقال من انتقاد هذه السياسات إلى عملية نزع الشرعية عن إسرائيل ووجودها.
واعتبر أردان أن تعاظم دور المجتمع المدني ومنظماته، ورواج خطاب حقوق الإنسان، مع "الجهل في المعلومات"، بحسب ادعائه، زاد من انتشار خطاب حركات المقاطعة الدولية. وأوضح أن الحكومة الإسرائيلية وضعت، العام الماضي، للمرة الأولى، استراتيجية واضحة تقوم على أربعة أسس لمحاربة ومواجهة حركة الـ"BDS".
الخطوة الأولى في الاستراتيجية الإسرائيلية، بحسب أردان، هي كما في أية حرب عادية، جمع المعلومات الاستخبارية عن الجماعات والحركات الناشطة في مجال مقاطعة إسرائيل، مع جمع معلومات أولية عن هوية الناشطين، ونواياهم، وعن الفعاليات والنشاطات المقررة قبل موعد تطبيقها حتى يتسنى لإسرائيل العمل والتحرك ضد هذه النشاطات.
العنصر الثاني في الاستراتيجية الإسرائيلية، يقوم، وفقاً للوزير الإسرائيلي، أساساً، على عنصر الردع، وأنّ رسالة الردع الإسرائيلية مفادها أن الانخراط في نشاطات حركة المقاطعة لن يكون مجدياً لصاحبها، وسيكون له ثمن باهظ يدفعه صاحبه، سواء كان المقصود فرداً عادياً أم جمعية ومنظمة، إذ سيكون عليها أن تتحمل تبعات الانخراط، بما في ذلك إلحاق ضرر بالغ بها، وملاحقة حساباتها المصرفية، ومواردها الاقتصادية والتضييق عليها.
العنصر الثالث هو الانتقال من الدفاع إلى الهجوم، وإدخال حركات المقاطعة الدولية، ونشطائها في خانة الدفاع عن أنفسهم بدلاً من الهجوم على إسرائيل. ويعني ذلك، التركيز على مصادر تمويل هذه الحركات، والبحث عن رابط أو علاقة بين مموليها وبين "منظمات إرهابية"، حتى تضطر هذه الجمعيات والحركات إلى الدفاع عن نفسها، وإبراز وتقديم معلومات عن مصادر تمويلها. وفي حال تبين أنها تخرق القوانين في بلادها، فيتم التوجه إلى سلاح المحاكم والقضاء لمصادرة أموالها أو تجميد أرصدتها.
أما العنصر الرابع في الاستراتيجية الإسرائيلية، فيقوم على الانتقال إلى الدعاية والتوجيه الإعلامي، لجهة تحسين صورة إسرائيل أمام المجتمع الدولي وفي المحافل المختلفة، وتوجيه وفود طلاب ورجال أعمال وأنصار لإسرائيل إلى مختلف المؤتمرات والساحات، التي تدور فيها رحى "حرب المقاطعة" مثل الجامعات الأوروبية والأميركية، وإبراز "إيجابيات إسرائيل"، ونفي الدعاية اللاسامية ضدها، والتأكيد على أن حركة المقاطعة هي غطاء لمعاداة السامية ورفض حق إسرائيل في الوجود.
وفي السياق نفسه، اعتبر رئيس حركة "رؤوت"، التي تنشط في مجال محاربة حركة المقاطعة، غدي غريندشتاين، أن الحركة يجب أن تكون وفق الخطاب الإسرائيلي محاربة لمعاداة السامية، خصوصاً أنها تشهد تنامياً كبيراً في أوروبا بفعل ما سماه بـ"اللقاء بين حركات اليسار الأوروبي الراديكالي وبين الإسلام المتطرف"، وهي تنتقل من أوروبا إلى الولايات المتحدة، وبالتالي يجب وقف هذا الزحف ومواجهته.
ومن أخطر ما كشف عنه غريندشتاين هو كون نشطاء هذه الحركات يأتون في الولايات المتحدة من وسط الجمهور، المعروف بأنه تقدمي وليبرالي، ومن ضمنه نسبة كبيرة من اليهود. وهؤلاء يشكلون مخزوناً كبيراً لهذه الحركة، ومن أبرزهم، الناشطة اليهودية سيمون زيمرمان، التي جاءت من قلب الإجماع اليهودي في الولايات المتحدة، وحتى من خريجي جمعيات اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة "إيباك".
ولفت غريندشتاين إلى أنه سيكون على إسرائيل عدم الاكتفاء بالاتصال بقادة الدول والحكومات، وإنما العمل في صفوف الشرائح الاجتماعية المختلفة، خصوصاً في أوساط الشباب، والمجموعات المختلفة، وفي مقدمتها الأميركيون من أصول إسبانية ولاتينية، والأميركيون السود. وطالب بتعزيز الاتصال بهذه الشرائح والمنظمات، وتعزيز الروابط مع من يمكن لهم أن يكونوا قادة دولهم في المستقبل. ويشير إلى أن عدم الوصول إلى هذه الشرائح ينذر بتحول حركة المقاطعة الدولية إلى خطر استراتيجي حقيقي على بقاء إسرائيل كدولة يهودية، خصوصاً أن قادة الـ"BDS" لا يسعون إلى حل الدولتين، إنما إلفى دولة واحدة، من خلال استلهام تجربة جنوب أفريقيا، مما يهدد بتغيير النظام السياسي في إسرائيل، وضياع نموذج الدولة اليهودية.