في أثناء الجلسة، أعرب "أكشيت" – البالغ من العمر 13 عاماً – عن الصعوبة التي يواجهها في فهم "التناسب المباشر بين الفترة الزمنية وطول البندول" في مادة العلوم.
وفي ثنايا بحث هذه المشكلة تبين للطلاب أن هذه الصعوبة لا تمثل حالة فردية، وأن كثيراً من زملائهم في الصفوف من السادس إلى العاشر يجدون صعوبات مماثلة في تعلم واستيعاب المفاهيم العلمية؛ ومن ثم، توافقوا على انتداب مجموعة منهم (تسعة طلاب) لعقد اجتماع مصغر مع "ميلي سينها" معلمة العلوم، و"شوفنا دي"، مديرة المدرسة لبحث سبل الحل، كما طرحوا فكرة تأسيس حديقة للعلوم لمساعدة الطلاب على دراسة وفهم المفاهيم والتصورات العلمية المعقدة من خلال منهجية ترتكز على الألعاب.
وبدلاً من الاستعانة بشركة متخصصة في تصميم الحدائق، أو شراء معدات علمية من إحدى الوكالات الكبرى، قرر الطلاب البحث في "المخلفات" التي تكتظ بها مخازن الخردة بالمدرسة.
وبالفعل، تمكن الطلاب من الاستفادة بهذه "المخلفات" في تصميم عشر أدوات مختبرية تصلح للاستخدام في دراسة فروع علمية مختلفة، مثل الوراثة والميكانيكا والصوت والضوء؛ وذلك لتقريب بعض المفاهيم العلمية المعقدة - مثل الجداول الدورية والتركيب اللولبي المزدوج لحمض DNA والبكرات والخداع البصري، وغيرها - إلى أذهان الطلاب. وقد نجحت هذه الفكرة في تقليل التكلفة الإجمالية لإنشاء الحديقة – بما في ذلك تكاليف اللحام والطلاء - إلى 10000 (عشرة آلاف) روبية فقط، في مقابل سعر السوق الذي بلغ 150000 (مائة وخمسين ألف) روبية.
جاء ذلك من خلال تبني منهجية التفكير القائم على التخطيط، التي تعلمها الطلاب في منظمة "التخطيط من أجل التغيير" Design for Change (وهي منظمة غير هادفة للربح تشجع الأطفال على حل المشكلات التي تعاني منها مجتمعاتهم المحلية بصورة تدريجية). تشتمل هذه المنهجية على أربع مراحل للتفكير في حل المشكلات، تبدأ أولاً بـ"شعور" الأطفال بالمشكلة التي يعاني منها مجتمعهم المحلي داخل المدرسة، ثم "تخيل" الطريقة المناسبة للتصدي لها، وثالثاً "عمل" شيء ما حيالها، وأخيراً "مشاركة" الفكرة مع آخرين.
شرع الطلاب في معالجة مشكلة استيعاب وتعلم المفاهيم العلمية عبر هذه الخطوات التدريجية؛ حيث حددوا في البداية (شعورهم) بالمشكلة في أن: "كثيراً من الدراسة النظرية يجعل دراسة العلوم ذات طبيعة مملة ومعقدة"، ثم "تخيلوا" بعد ذلك الطريقة المناسبة للتصدي لهذه المشكلة، وصاغوا "خيالاتهم" في عبارة تنص على أن: "تعلم العلوم يمكن أن يكون ممتعاً ومثيراً"، وفي سبيل ذلك طرح الطلاب - عبر جلسات من العصف الذهني - عدداً من البدائل تكفل لهم توفير ما يحتاجون إليه من معدات علمية تتسم بالمتانة والدقة.
تمثلت البدائل الثلاثة في الاستعانة بخدمات شركة متخصصة لتتولى مهمة تصميم الحديقة، أو شراء المعدات من توكيلات كبرى لضمان جودة المنتج، أو استخدام النماذج التي تم إعدادها أثناء معرض العلوم.
إلا أن البدائل الثلاثة لم تثبت - بعد بحثها - الفعالية المطلوبة؛ وذلك بسبب عدم توافر شركات متخصصة في تصميم حدائق علمية على المستوى المحلي، وارتفاع تكلفة شراء معدات وأدوات علمية من توكيلات تحمل علامات تجارية عالمية، وعدم متانة نماذج الأدوات العلمية التي صممها الطلاب بغرض تقديمها في معرض العلوم.
بعد ذلك جاءت خطوة "العمل"، حيث أصبح لزاماً على الطلاب اتخاذ إجراء ما حيال هذه المشكلة. في هذه المرحلة، توصل الطلاب إلى ضرورة "جمع بعض المواد من "مخزن الخردة" الخاص بالمدرسة، وإعادة تدويرها من أجل صناعة نماذج بالحجم الحقيقي يتم استخدامها في حديقة العلوم؛ وذلك لجعل دراسة العلوم ممتعة لجميع الطلاب".
وقد اختارت منظمة "التخطيط من أجل التغيير" هذه المبادرة ضمن أفضل 20 مبادرة في العالم، وذلك ضمن فعاليات مؤتمر "كن التغيير" Be the Change، الذي عقدته المنظمة في الهند في عام 2013.
وبعد أن غدت حديقة العلوم جزءاً لا يتجزأ من دراسة منهج العلوم بالمدرسة، يؤكد الطلاب أن فكرة تأسيس هذه الحديقة قد أسهمت بشكل فعال في زيادة المشاركة الطلابية، فضلاً عن ارتفاع مستوى الأداء في مادة العلوم. كما يسعى الطلاب حثيثاً في الفترة الراهنة إلى "مشاركة" فكرتهم في عدد من مدارس ولاية "جهارخاند" من أجل تعميم تجربة جعل تعلم العلوم ممتعاً ومثيراً.