عن 93 عاماً، رحل قبل يومين المعماري والمنظّر الفرنسي كلود بارون الذي اعتبر مع زميله ومواطنه بول فريليو أهم وجوه الحداثة المعمارية، والتنظير لها في العالم.
عُرف بارون إلى جانب نجاحه المهني بأنه محب للحياة إذ كان يظهر في الحفلات العامة، وشغوفاً بعالم السيارات. كان المنعطف الأساسي في مسيرته في سبعينيات القرن الماضي حين بدأ ينشر مؤلفاته، ويبدي اعتراضه على التيارات الأكاديمية السائدة وقتها التي تتلمذ على أبرز وجوهها.
اتجه بارون نحو فكرة "نوادر العمارة" التي يقول فيها إن انفتاح العالم بفضل تكنولوجيات النقل (قبل أن تدعم ذلك تكنولوجيات الاتصال) يجعل من فكرة المدارس المعمارية التي تنتجها الجامعات بلا معنى تقريباً، ليدعو المعماريين إلى الانفتاح على كل جماليات الكوكب، سواء جغرافياً أو في المجالات الفنية والتقنية الأخرى. كما قال بضرورة إدخال مفهوم الموضة إلى التصميم المعماري.
يمثل بارون على مستوى التكوينات المعرفية حالة فريدة، إذ درس في البداية الرياضيات قبل أن يقرّر التوجه نحو الفنون الجميلة، ثم أخذته الحياة العملية باتجاه التصميم المعماري، الذي تعلّمه مثل أي حرفيّ في مكاتب كبار المعماريين في عصره: كوربوزييه وجان تروفلو.
نقطة تحوّل جديدة عرفها بارون في نهاية الخمسينيات حين طُلب منه أن يرأس تحرير مجلة "المعمار اليوم"، ولعله هنا عثر على الملَكات التنظيرية التي لديه، كما مثلت المجلة فضاء للدعوة إلى ملامسة أقصى ما يتيحه الخيال في المعمار.
مع الجوائز التي هطلت عليه، بات بارون أحد أشهر المعماريين منذ الثمانينينات إلى اليوم، وقد أتاحت له الجامعة الفرنسية تأثيراً أكبر حيث عُيّن أستاذاً للعمارة الحديثة، فمرّر نظرياته إلى أجيال من المعماريين.
تظل النظرية الأبرز التي ترتبط باسم بارون هي "الوظيفة المائلة"، وتقوم على فكرة الاستفادة معمارياً من الأراضي غير المنبسطة، وقد طوّرت هذه النظرية تخطيطات توسّع المدن الكبرى على أسس جمالية. ترك بارون مجموعة من الكتابات أبرزها "العيش مائلاً" و"بيوت الذرة" و"المعماري أو المهرج الاجتماعي".
اقرأ أيضاً: لوكوربوزييه: مخططات عربية غير مكتملة