حامد عويس.. مئوية مرّت بهدوء

12 فبراير 2020
(لوحة "مشهد البحر" لحامد عويس)
+ الخط -

مثل معظم أبناء جيله القادمين من الأطراف، آمن حامد عويس بحركة يوليو/ تموز 1952، بوصفها خلاصاً جماعياً لأولئك المهمّشين والفقراء الذي حملوا آلامهم خلال مئات السنين التي تسيّدها التسلّط والإقطاع، مؤمناً بأحلام ورؤى كبيرة تكسّرت نتيجة أخطاء "الثورة"، ومحاصرة الخارج لها، كما قدّمها في لوحاته عقب هزيمة يونيو/ حزيران عام 1967.

أتى الفنان التشكيلي المصري (1919 – 2011)، من قرية كفر منصور بالقرب من بني سويف في الصعيد إلى القاهرة، حيث التحق بـ"مدرسة الفنون الجميلة" التي تخرّج منها عام 1944، ليتابع دراسته في "معهد التربية الفنية"، وتلقّى أفكار الحداثة على يد المعلّم والناقد يوسف عفيفي الذي دفع بكثير من فناني تلك المرحلة إلى الخروج على الرؤى التقليدية.

"مئوية ميلاد حامد عويس"، عنوان جلسة "صالون ذاكرة الإبداع السكندري"، التي ينظّمها عند السادسة والنصف من مساء السبت المقبل، في "مركز الحرية للإبداع" في مدينة الإسكندرية، ويتحدّث خلالها كلّ من الناقدين والأكاديمييْن أمل نصر ومحمد سالم، ويديرها الفنان مصطفى عبد المعطي.

خلافاً لمبدعين ومثقفين آخرين استعادتهم السلطة المصرية ضمن مناسبات مختلفة في توظيفها لأفكارهم وآرائهم المناهضة لـ"الإرهاب" و"الإسلام السياسي" و"التطرّف الديني"، لم تلتفت المؤسسة الرسمية إلى تجربة صاحب لوحة "العمال في الصباح" (1953)، التي تركّز مضمونها على يوميات أبناء الطبقة الكادحة وآمالهم المسروقة.

تُفتتح الجلسة بالحديث عن "مجموعة الفن الحديث" التي أسّسها عويس مع عدد من فنّاني ذلك الجيل عام 1946، ومنهم جمال السجيني، وجاذبية سرّي، وإنجي أفلاطون، وزينب عبد الحميد، وصلاح يسري، ويوسف سيدة، التي تزامنت مع بروز تيارات عديدة أغنت المشهد التشكيلي المصري.

في عام تأسيسها، أقامت الجماعة معرضها الأول الذي عكس انتماءات أعضائها الفكرية القريبة من "الحركة الوطنية للتحرّر الوطني" (حدتو)، إحدى المنظّمات اليسارية آنذاك، إذ تبنّوا أهدافاً أساسية، في مقّدمتها البحث عن هوية جمالية للفن المصري وإبراز نضالات وكفاح الطبقات العمّالية وقضايا البناء والالتزام الوطني.

لوحة الهدهد

انقسمت "الفن الحديث" بين تيارين رئيسيين، الأول يدعو إلى استعارة التقنيات والتوجهات الغربية الحديثة في تقديم أفكارها، والثاني بشّر بظهور الواقعية الحديثة التي تنظر إلى الفن باعتباره مكوّناً أساسياً وموروثاً حضارياً في الثقافة المصرية، والذي كان ضمنه حامد عويس.

يقف المشاركان عند فكرة أخرى مثّلت حجر ارتكاز في أعمال الراحل وزملائه في الجماعة، وهي نبذ السوريالية التي كانت تعيش أوج ازدهارها ضمن تيارات عديدة، مثل "جماعة الفن والحرية"، لذلك دعوا إلى ضرورة أن يتوجّه الفن إلى الجماهير ويعكس بشكل واضح الأيديولوجيات الاجتماعية.

كما يلفتان إلى انجذاب عويس إلى أعمال بيكاسو وماتيس، وإحساسه بالتقارب مع فناني الواقعية الاجتماعية، مثل رساميْ الجداريات المكسيكييْن دييغو ريفيرا (1886 - 1957)، وديفيد ألفارو سيكيروس (1896 ـ 1974)، وإلى تطويره أسلوباً صريحاً ومباشراً في تصويره حياة العامل المصري العادي. يظهر فلاحوه أو صيادوه بأجساد ضخمة وعضلات قوية، ما يعكس قوة قناعاته الاجتماعية، حيث تبدو أجسامهم العريضة وكأنها مطوّقة ضمن مساحة اللوحة الضيقة التي توحي بأنها ترمز إلى حدود المجتمع المصري.

المساهمون