جولة ملك الأردن الخليجية: "أمن واستخبارات" مقابل طوق اقتصادي

02 مايو 2016
زار ملك الأردن قبل أيام السعودية (getty)
+ الخط -
تحاط زيارات الملك الأردني عبدالله الثاني المتكررة لدول الخليج العربي، خصوصاً تلك التي يقوم بها إلى الحليفين الأقرب في المنظومة الخليجية (دولة الإمارات العربية والسعودية)، باهتمام كبير في الأردن، الذي يعاني من أزمة اقتصادية خانقة، ويجزم مواطنوه أن الخليج الغني طوق النجاة الأخير.

في الأمس، أجرى الملك زيارة إلى الإمارات العربية المتحدة، وهي الزيارة التي لم يعلن عنها مسبقاً، وشكلت سبقاً للمواقع الإخبارية المحلية التي جعلت منها "عاجلاً"، في وقت لم تعرف العلاقات الأردنية الإماراتية توتراً، ولم تنقطع الزيارات بين قادة الدولتين.

الزيارة التي التقى خلالها الملك مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان، انتهت ببيان بروتوكولي صادر عن الديوان الملكي الأردني، لم يخالف الرؤية الرسمية بالاتفاق على مواصلة التنسيق المواقف السياسية تجاه القضايا الإقليمية، ومواصلة التعاون ضمن منظومة العمل العربي المشترك، وضرورة تنسيق جهود مكافحة الإرهاب بشكل شمولي. 

ويدل على متانة العلاقات الأردنية الإماراتية العديد من الشواهد، لعلّ أبرزها ظهر عندما اقتادت الأردن قبل نحو عامين نائب مراقب جماعة "الإخوان المسلمين" زكي بني أرشيد، إلى محكمة أمن الدولة (عسكرية)، حيث سجن عاماً ونصف العام، لإدانته بتعكير صفوف علاقات المملكة مع دولة أجنبية هي الإمارات، على خلفية منشور كتبه على موقع "فيسبوك" انتقد فيه الإمارات. كما أن العلاقات لم تهتز نتيجة اختفاء الصحافي الأردني تيسير النجار، قسراً، منذ أشهر في الإمارات.

معطيات تجعل العلاقة الأردنية الإماراتية حالة خاصة، لا تنطبق عليها قواعد علاقات الأردن مع دول الخليج، والتي شهدت توتراً مع بعض هذه الدول سابقاً، وتعيش توتراً مستمراً مع دول أخرى في المنظومة الخليجية. 

الاهتمام الذي تثيره زيارات الملك لدول للخليج، كان أكثر وقعاً عندما زار الملك قبل أيام المملكة العربية السعودية، وهي الزيارة التي انتهت بالإعلان عن مجلس تنسيق مشترك، ينتظر أن يحدث انعكاسات جوهرية على الاقتصاد الأردني الذي يعاني أزمة مستعصية، بعدما أعلنت المملكة انحيازها المطلق للمحور الذي تقوده السعودية، وقدمت موقفاً استرضائياً بأثر رجعي، عندما استدعت سفيرها لدى طهران للتشاور احتجاجاً على السياسة الإيرانية في المنطقة، واستنكاراً للاعتداء على السفارة السعودية في طهران.

نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأردني هايل الدعجة، يؤكد لـ"العربي الجديد"، اهتمام بلاده بعلاقتها مع دول مجلس التعاون الخليجي، وإن كان يقرّ بأن العلاقة الأردنية متفاوتة بين دول المجلس.

ويبرر الاهتمام الواسع الذي يصاحب الزيارات المتبادلة بين الأردن ودول الخليج، في وقت يؤكد أن العلاقات التاريخية بين الأردن والمنظمة الخليجية متينة ومتجذرة، بطبيعة الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية التي تعيشها المنطقة العربية، وأثرها في رسم شكل جديد للعلاقة.

ويقول الدعجة "اليوم أصبح الاهتمام بالعلاقات وتطويرها أكثر مصيرية مما سبق، فالخليج يحتاج أكثر للخبرة الأردنية الأمنية والاستخبارية لمواجهة الأخطار الإرهابية، ويعنيه استقرار الأردن أكثر، والذي أصبح الحاجز الوحيد بينه وبين الأحداث في سورية، فيما يحتاج الأردن الخليج أكثر من السابق للخروج من أزماته الاقتصادية".

ويشير الدعجة إلى أن العلاقة الأردنية الإماراتية كانت بعيدة عن التوتر تاريخياً، لكنه يلفت إلى أن التوتر الذي رافق العلاقة الأردنية السعودية جاء على خلفية الموقف من الحرب السورية، خصوصاً حين رفضت المملكة الاستجابة لضغوط للتدخل مباشرة في الحرب السورية أو اتخاذ موقف متقدم بقطع العلاقات الدبلوماسية، ويقول "أصبح الخليج اليوم أكثر تفهماً لحساسية الموقف الأردني من الحرب السورية، ولم يعد ذلك الموقف سبباً في توتر العلاقات".

من جهته، يؤكد مدير مركز دراسات الشرق الأوسط جواد الحمد في حديث لـ"العربي الجديد"، على وقوع الأردن تاريخياً ضمن منظمة الخليج العربي ومجلس التعاون الخليجي، مشيراً إلى أن الفتور الذي شاب العلاقات خلال محطات محددة كان نتيجة لتباين المواقف تجاه قضايا المنطقة وتضارب في ارتباطات الدول بالمحاور الإقليمية.

ويصنف الحمد العلاقة الأردنية السعودية بالأكثر قيمة في علاقات الأردن مع الخليج، قائلاً إن "السعودية هي بوابة الأردن للعلاقة مع الخليج"، معرباً عن اعتقاده بأن السعودية تمتلك القدرة على تخفيف حدة التوتر في العلاقات الأردنية مع بعض دول الخليج.

وبحسب الحمد، فإن الأردن دولة محورية في الإقليم، وزاد دوره بفعل العامل الجيوستراتيجي، وهو ما يجعل الخليج معنياً بشكل كبير باستقرار الأردن الذي يرتبط بحدود دولتين مشتعلتين هما العراق وسورية، ويفصل بين سورية ودول الخليج العربي، إضافة الى استفادة الخليج من القدرات الأمنية والعسكرية والاستخبارية الأردنية، فيما يتمحور الحرص الأردني على تطوير علاقاته مع الخليج بضمان تعزيز اقتصاده من خلال جلب الاستثمارات الخليجية، وتثبيت العمالة الأردنية قي الخليج، بحسب الحمد. لكنه يعتقد أن العلاقات لا تزال بحاجة إلى خطوات إضافية من كلا الجانبين.