بعد نحو أسبوعين على إكمال رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي جولة خارجية إقليمية شملت دولا عربية ومجاورة، استهل جولة أوروبية من ألمانيا، ما دفع مراقبين للاعتقاد بأن جولاته تنصب ضمن إطار جهود الاستفادة من الدعم الإقليمي والدولي على مختلف المستويات، وإخراج العراق من العزلة، وكذا النأي بالنفس عن محاولات الأميركيين والإيرانيين تحديد بوصلة علاقاته بالخارج.
والتقى رئيس الوزراء اليوم الثلاثاء المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وفقا لبيان أصدره مكتبه قال فيه إن الجانبين بحثا القضايا المشتركة.
وأوضح البيان أن وفدا كبيرا رافق عبد المهدي ضم وزراء الخارجية، والتجارة، والكهرباء، والإعمار والإسكان، والبلديات، وأمينة العاصمة، ومستشار الأمن الوطني، ومسؤولين آخرين.
وقال مسؤول عراقي رفيع لـ"العربي الجديد" إن الوزراء العراقيين سيبحثون مع نظرائهم الألمان قضايا مختلفة تتعلق بالأمن، وإعمار المدن المحررة، وإصلاح قطاع الكهرباء والخدمات، مشيرا إلى وجود نية عراقية للاستفادة من الخبرات الأوروبية، ولا سيما ألمانيا.
ورغم أهمية زيارة عبد المهدي إلى ألمانيا، وبعد ذلك إلى فرنسا، إلا أن مراقبين يرون أنها بمجملها إعلان عن أن العراق يرحب بأي دولة تتعاون معه في مرحلة ما بعد تنظيم "داعش"، وهو ليس بدولة طاردة للغرب بسبب علاقته مع طهران.
وأكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، جاسم الغرابي، لـ "العربي الجديد" أن إجراء عدة زيارات مهمة في وقت واحد يشير إلى وجود نية واضحة لدى الحكومة الحالية للتخلص من تركة الماضي.
وأضاف "الجميع يعلم أن صداقات العراق انصبت خلال السنوات التي تلت عام 2003 باتجاه دولتين متنافرتين هما أميركا وإيران"، مبينا أن "بغداد تريد النأي بالنفس عن الصراع المحتمل بين واشنطن وطهران من خلال موازنة علاقاتها مع المحيط العربي، وكذلك مع أوروبا".
وتابع أن "في زيارات عبد المهدي لدول عربية رسالة واضحة موجهة لمن يقول إن العراق انسلخ عن محيطه، كما أن زيارته لإيران فيها رد على من يقول إن العراق ارتمى بالكامل في أحضان أميركا".
وأوضح أن الحكومة العراقية تبذل جهودا كبيرة في سبيل إخراج العراق من العزلة التي أوقعته فيها سياسات حكومتي رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، والتي لم تتمكن الحكومة السابقة من إزالتها بسبب الحرب على الإرهاب.
وفي السياق، قال عضو التيار المدني العراقي محمد عبد اللطيف الشيخلي، إن عبد المهدي يريد أن يقول للآخرين إن العراق يقف على مسافة واحدة من الجميع، مستدركا "كما أن الحكومة العراقية تريد أن تحقق نجاحات يمكن أن تغطي التأخر في حسم ملفات خارجية مهمة مثل مصير الوجود الأجنبي، وتواجد حزب العمال الكردستاني في شمال البلاد، وقضايا أخرى مهمة".
وبين أن الحكومة العراقية يمكن أن تنجو إذا تمكنت من المحافظة على الحياد تجاه الأزمات الإقليمية والدولية، مؤكدا لـ "العربي الجديد" أن الانحياز لأي طرف يمكن أن يلحق الضرر بمشاريع وتوجهات حكومة عبد المهدي.