27 أكتوبر 2024
جنيف في مكان آخر
هذه هي الحلقة الثامنة من مسلسل جنيف السوري.. الحدث ذو الأهمية المفترضة لم يأخذه أحدٌ بجدية، لا المعارضة ولا النظام، ولا حتى الأطراف التي ترعاهما، على الرغم من أنه صيغة دولية تعتمد الحل الوسط وترتكز على قرارات مُتفق عليها. يمكن أن يكون الخروج بنتيجة من هذا المؤتمر أمراً جيداً، ولكن كل طرف ما زال يرى أنه يستطيع الانتصار النهائي، متكئاً على دعم حلفائه.
تعمل موسكو بجد للالتفاف على جنيف، والاستعاضة عنه بأستانة أو سوتشي، والمعارضة لا تحضر إلا بعد مؤتمر توافقي، تتفق فيه على الحد الأدنى الذي لا يرضي أحداً، فيشعر كل مَنْ يجلس على كراسي مؤتمر جنيف بعدم جدوى وجوده.
شهدت أطوار الحرب المستمرة منذ سبع سنوات في سورية حالات مد وجزر، تقدّمت المعارضة وتراجعت، وكذلك فعل النظام، وعُقدت جولات جنيف في أثناء حالات ميدانية متباينة. وفي كل الظروف، كان جنيف يبدأ بأقل قدر من التوقعات تحت ذرائع مختلفة، وكانت الوفود تلتقي بالمبعوث الأممي شكلياً قبل أن تغادر على موعد بلقاء ثان، وعينها على أرض المعارك، أو على العواصم الداعمة التي تشتم منها رائحة انتصار ما.. وما بين جنيف وآخر كان يمضي مزيد من الوقت، وهو العامل الذي يرغب النظام بتوظيفه لصالحه ضمن لعبةٍ يجيدها، ونتيجةُ آخر حلقة لجنيف تؤكد هذه النظرية، وبدأ وفد المعارضة يحترف أيضاً لعبة إضاعة الوقت، بعد أن أصبح بحاجة لكثير منه قبل أن يحدث متغيرٌ دوليٌّ ما لصالحه.
قبيل انعقاد مؤتمر الرياض 2 استقالت بعضُ رموز المفاوضات السابقة، أو جرى استبعادها مراعاةً لما ترغب به موسكو تحت يافطة "استثناء المتشدّدين"، وأُعيد تشكيل وفدٍ يستوعب أفراداً جددا، ويؤهل نفسه لخوض "منافسات جنيف". وظهر في البيان النهائي لمؤتمر الرياض أن الوفد لن يقبل فترة انتقالية يكون للأسد دورٌ فيها، وهو البند الذي استفزّ رئيس وفد النظام، بشار الجعفري، واعتبره شرطاً مسبقاً دفعه إلى مغادرة المفاوضات مبكراً، لكن الحدث الأبرز كان تقديم مبعوث الأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا، ورقة معدلة عما قدمه في السابق، وطلب من وفدي النظام والمعارضة دراستها والبناء حولها. وتتبنى الورقة سورية موحدة تجمعها فيدرالية فضفاضة، وهذا يعني، بشكل ما، إبقاء الوضع الحالي على ما هو عليه، مع تثبيت حالة عدم الاقتتال، لكن الخلاف الحقيقي هو بشأن مكان بشار الأسد.
قبل أن يبدأ جنيف، التقى رئيس النظام بشار الأسد مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي، ثم جرت قمة مهمة جمعت بوتين مع كل من رئيسي إيران حسن روحاني وتركيا رجب طيب أردوغان، كما التقى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مع بوتين في فيتنام، وخلاصة كل اللقاءات كان إحداثَ تغيير في ورقة دي ميستورا وتأجيلَ ملتقى سوتشي، وليس إلغاءه، بالإضافة إلى شبه تخلٍّ أميركي عن الأكراد. وتجعل كل هذه الملابسات من لقاء جنيف لقاء شرفياً فقط، وكل ما يمكن أن يجري سيكون خارجه وقد يقتصر اللقاء في جنيف على حشر الجميع للتوقيع على ما سبق التوافق عليه. وحتى هذه اللحظة، لم يتم الحسم بين العواصم، وخصوصا الجانبين، الأميركي والإسرائيلي، ولدى هذين شرط خاص وحاسم، هو استبعاد إيران.
يملك النظام وقتا كثيرا، حتى أن وسائل إعلامه تتغنى بترف إعادة الإعمار ومحاربة الفساد، ولدى مسؤوله في المفاوضات كل الجرأة ليتأخر عن موعد الاجتماعات، ولديه جرأة أخرى ليرفض الدعوة إلى تمديد الاجتماع، ولدى وفود المعارضة وقت أيضاً لإجراء مفاوضات داخلية، وعقد لقاءات فرعية لضم شخصيات جديدة وإغناء الوفد. ويمكن لجنيف أن ينتظر موعد نضوج آخر في عواصم أخرى، ويمكن الآن أن يراقب الجميع ما سيسفر عنه اتهام المسؤول السابق في حملة ترامب لترامب نفسه بالاستفادة من تدخلات روسية في الانتخابات الأميركية، وهذه تطورات قد لا تقلب الطاولة، بل يمكنها أن تغير الطاولة نفسها.
تعمل موسكو بجد للالتفاف على جنيف، والاستعاضة عنه بأستانة أو سوتشي، والمعارضة لا تحضر إلا بعد مؤتمر توافقي، تتفق فيه على الحد الأدنى الذي لا يرضي أحداً، فيشعر كل مَنْ يجلس على كراسي مؤتمر جنيف بعدم جدوى وجوده.
شهدت أطوار الحرب المستمرة منذ سبع سنوات في سورية حالات مد وجزر، تقدّمت المعارضة وتراجعت، وكذلك فعل النظام، وعُقدت جولات جنيف في أثناء حالات ميدانية متباينة. وفي كل الظروف، كان جنيف يبدأ بأقل قدر من التوقعات تحت ذرائع مختلفة، وكانت الوفود تلتقي بالمبعوث الأممي شكلياً قبل أن تغادر على موعد بلقاء ثان، وعينها على أرض المعارك، أو على العواصم الداعمة التي تشتم منها رائحة انتصار ما.. وما بين جنيف وآخر كان يمضي مزيد من الوقت، وهو العامل الذي يرغب النظام بتوظيفه لصالحه ضمن لعبةٍ يجيدها، ونتيجةُ آخر حلقة لجنيف تؤكد هذه النظرية، وبدأ وفد المعارضة يحترف أيضاً لعبة إضاعة الوقت، بعد أن أصبح بحاجة لكثير منه قبل أن يحدث متغيرٌ دوليٌّ ما لصالحه.
قبيل انعقاد مؤتمر الرياض 2 استقالت بعضُ رموز المفاوضات السابقة، أو جرى استبعادها مراعاةً لما ترغب به موسكو تحت يافطة "استثناء المتشدّدين"، وأُعيد تشكيل وفدٍ يستوعب أفراداً جددا، ويؤهل نفسه لخوض "منافسات جنيف". وظهر في البيان النهائي لمؤتمر الرياض أن الوفد لن يقبل فترة انتقالية يكون للأسد دورٌ فيها، وهو البند الذي استفزّ رئيس وفد النظام، بشار الجعفري، واعتبره شرطاً مسبقاً دفعه إلى مغادرة المفاوضات مبكراً، لكن الحدث الأبرز كان تقديم مبعوث الأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا، ورقة معدلة عما قدمه في السابق، وطلب من وفدي النظام والمعارضة دراستها والبناء حولها. وتتبنى الورقة سورية موحدة تجمعها فيدرالية فضفاضة، وهذا يعني، بشكل ما، إبقاء الوضع الحالي على ما هو عليه، مع تثبيت حالة عدم الاقتتال، لكن الخلاف الحقيقي هو بشأن مكان بشار الأسد.
قبل أن يبدأ جنيف، التقى رئيس النظام بشار الأسد مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي، ثم جرت قمة مهمة جمعت بوتين مع كل من رئيسي إيران حسن روحاني وتركيا رجب طيب أردوغان، كما التقى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مع بوتين في فيتنام، وخلاصة كل اللقاءات كان إحداثَ تغيير في ورقة دي ميستورا وتأجيلَ ملتقى سوتشي، وليس إلغاءه، بالإضافة إلى شبه تخلٍّ أميركي عن الأكراد. وتجعل كل هذه الملابسات من لقاء جنيف لقاء شرفياً فقط، وكل ما يمكن أن يجري سيكون خارجه وقد يقتصر اللقاء في جنيف على حشر الجميع للتوقيع على ما سبق التوافق عليه. وحتى هذه اللحظة، لم يتم الحسم بين العواصم، وخصوصا الجانبين، الأميركي والإسرائيلي، ولدى هذين شرط خاص وحاسم، هو استبعاد إيران.
يملك النظام وقتا كثيرا، حتى أن وسائل إعلامه تتغنى بترف إعادة الإعمار ومحاربة الفساد، ولدى مسؤوله في المفاوضات كل الجرأة ليتأخر عن موعد الاجتماعات، ولديه جرأة أخرى ليرفض الدعوة إلى تمديد الاجتماع، ولدى وفود المعارضة وقت أيضاً لإجراء مفاوضات داخلية، وعقد لقاءات فرعية لضم شخصيات جديدة وإغناء الوفد. ويمكن لجنيف أن ينتظر موعد نضوج آخر في عواصم أخرى، ويمكن الآن أن يراقب الجميع ما سيسفر عنه اتهام المسؤول السابق في حملة ترامب لترامب نفسه بالاستفادة من تدخلات روسية في الانتخابات الأميركية، وهذه تطورات قد لا تقلب الطاولة، بل يمكنها أن تغير الطاولة نفسها.