جنوب اليمن ينتفض لابنه هادي على وقع الأصوات الانفصالية

20 يناير 2015
تصاعد الأصوات الانفصالية (جمال نعمان/فرانس برس)
+ الخط -
ترافقت الأحداث الساخنة في صنعاء، وهجوم جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) على المقرّ الرئاسي، في مشهد "انقلابي"، مع تصعيد في جنوب اليمن، الذي يتحدر منه الرئيس اليمني، عبدر ربه منصور هادي، خصوصاً في محافظتي شبوة وأبين، حيث ساد توتر شعبي منذ خطف الحوثيين مدير مكتب الرئيس اليمني، أحمد بن مبارك، الذي ينتمي، بدوره، إلى قبائل شبوة.

ووصل الغضب الجنوبي إلى حدّ الطلب من هادي إلى الانتقال مع حكومته إلى عدن، وترك صنعاء، بحسب ما كشفت مصادر عدة لـ"العربي الجديد"، ما يفتح الباب واسعاً أمام سيناريو التقسيم، واكتمال مشهد خطف جماعة الحوثيين للبلاد.

وأطلقت قوى سياسية وشخصيات جنوبية دعوات إلى ضرورة مغادرة كل الجنوبيين صنعاء، بمن فيهم الرئيس اليمني المتحدر من محافظة أبين الجنوبية، والعودة إلى عدن.

وكشفت مصادر خاصة مقربة من الرئاسة اليمنية، فضلت عدم نشر اسمها، لـ"العربي الجديد"، أنّ "قيادات في الدولة كانت قد نصحت الرئيس هادي بالانتقال مع الحكومة إلى عدن وترك صنعاء، بعدما سيطرت مليشيات مسلحة على العاصمة، وهدّدت بالانقلاب عليه، واتخاذ من عدن مقرّاً لإدارة الدولة". وأشارت إلى أنّ "الرئيس لا يزال يرفض، ويصرّ على البقاء في صنعاء وحل المشاكل سلميّاً".

غير أن المصادر نفسها أكّدت أنّ "كل الاحتمالات واردة، لاسيما أن الموضوع ينزلق نحو ممارسات انفصالية في صنعاء من أطراف شمالية، فضلاً عن الاتهامات الموجّهة إلى الرئيس من الحوثيين بدعمه تنظيم "القاعدة" والجماعات التكفيرية والفساد وغيرها".

كما عقدت قيادات السلطة المحلية في عدن اجتماعاً أكدت خلالها على دعمها الرئيس اليمني، ورفضها تصرفات الحوثيين. وقد أكد مصدر في السلطة المحلية، فضل عدم نشر اسمه، لـ"العربي الجديد" أن "الرئيس هادي مرحب به بالعودة إلى مدينته عدن لممارسة مهامه انطلاقاً منها وبين جماهيره"، مضيفاً أنّ "عدن قادرة على توفير مناخ أفضل من صنعاء للرئيس والحكومة".
وتدعم تصريحات وزيرة الإعلام  بشأن الوسائل الإعلامية الرسمية في صنعاء، وبأنّها لم تعد تمثل الحكومة بل الحوثيين، وما تبقى من وسائل إعلام تابعة للحكومة تبث وتصدر من عدن (قناة وإذاعة عدن)، الرؤية التي تنادي بنقل مهمات الحكومة إلى عدن، خصوصاً أنّ الحوثيين قد يعمدون إلى قطع البث الفضائي للوسيلتين، إضافة إلى قطع الاتصالات الدولية.

غير أنّ مراقبين يستبعدون فرضية جعل عدن عاصمة مؤقتة، نتيجة إصرار الجنوبيين على الانفصال، ورفضهم تواجد الحكومة في عدن.
ورغم أن الرئيس اليمني يرأس ما يسميه الجنوبيون دولة الاحتلال، إلا أنّهم يفضلون عودته إلى الجنوب وقيادة انفصاله عن الشمال. ويعتبر البعض أن عودة هادي إلى الجنوب سيكون بداية الطريق إلى الانفصال واستعادة الدولة الجنوبية. فيما ترى جهات جنوبية أن القوى في صنعاء لن تسمح لهادي بالعودة إلى عدن خشية من تحرّكه جنوباً، ولذلك تفرض عليه حصاراً سياسيّاً في صنعاء.

في هذه الأثناء، توالت الأحداث الغاضبة في محافظة شبوة لليوم الثاني على التوالي، من إغلاق للمرافق والمؤسسات الحكومية وعصيان مدني. فيما أعلنت الشركات النفطية الدولية العاملة في محافظتي شبوة وحضرموت عن إيقاف أعمالها وأنشطتها، استجابة لدعوة القبائل والقوى السياسية الجنوبية، التي كانت أمهلت الحوثيين 24 ساعة للإفراج عن بن مبارك.

وامتدت فعاليات الغضب إلى عدن ولحج والضالع وأبين، التي شهدت عصياناً مدنيّاً وأعمال عنف سقط فيها عدد من الجرحى بينهم جنود، على إثر هجوم على نقطة أمنية في عدن. وأغلقت مجموعات في الحراك الجنوبي منافذ حدودية بين الشمال والجنوب احتجاجاً على أحداث صنعاء، وذلك بعد يوم من اغتيال القائم بأعمال رئيس فرع مكتب الحوثيين في الضالع جمال مقيبل.

وفي سياق متصل، خرجت تظاهرات غاضبة في مناطق الجنوب، للتنديد باستهداف الجنوبيين. فيما عززت القوات الحكومية من انتشارها في عدد من مناطق الجنوب وداخل المدن، ورفعت درجات التأهب داخل المعسكرات، تحسباً من ردة فعل غاضبة من الجنوبيين، واحتمال انفجار الأوضاع خلال الساعات المقبلة، في حال تم استهداف الرئيس، أو القيادات الجنوبية الأخرى. ويقود المحافظات الجنوبية شخصيات موالية للرئيس هادي، الذي استطاع كسب شعبية خلال السنوات الأخيرة.

وبموازاة ذلك، برزت مخاوف من تحركات لانفصال حضرموت، باستغلال الأوضاع الجارية في صنعاء، بذريعة استمرار القوى في الشمال، وفي مقدّمهم الحوثيون، ممارسة الإقصاء ورفض وجود الجنوبيين في السلطة، فضلاً عن صعود مخاوف من تحركات جماعة "القاعدة"، والسيطرة على المدن.
المساهمون