لا يهتم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، النائب وليد جنبلاط، كثيراً لما يُقال حول فشل حكومة الرئيس تمام سلام في الاتفاق على بيانها الوزاري. يعتقد عراب الحكومة الحاليّة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن عطلة نهاية الأسبوع ستحمل أنباءً جديدة، وذلك "بعد أن ينتهي فريق 14 آذار من احتفاله يوم الجمعة المقبل" في ذكرى تأسيس التجمّع الآذاري. ويؤكّد جنبلاط أن سلام لن يستقيل يوم الخميس. ولا يرى أن المشكلة غير قابلة للحلّ، "فحزب الله تنازل عن الثلاثيّة (الجيش والشعب والمقاومة)، وبالتالي لا ينبغي أن نقف كثيراً على الصيغة المطروحة. كل شيء يُمكن حلّه".
هذا الإصرار الجنبلاطي على إمكانيّة الحلّ، يرتبط بتنسيق لكل الخطوات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري. ويعتقد جنبلاط أن وزير الخارجيّة جبران باسيل وعمّه رئيس التيار الوطني الحرّ ميشال عون قادرَان على تأدية دور في إنجاز هذه التسوية، خصوصاً في ظل التحسّن الملحوظ في علاقتهما مع زعيم تيّار المستقبل سعد الحريري.
تُثير هذه العلاقة المستجدة أسئلة جديّة بالنسبة إلى جنبلاط، لكنه لا يملك إجابات لها. برأيه، فإن هذا التحسّن في العلاقة بين عون والحريري، له بُعد دولي، يرتبط بملف الغاز في الشاطئ اللبناني. ويتساءل جنبلاط عمّا إذا كان "هذا الغزل" سيوصل عون إلى رئاسة الجمهوريّة. أمر لا يرتاح له كثيراً "البيك الاشتراكي".
لكن الهاجس الجنبلاطي الحقيقي، هو الوضع الاقتصادي في لبنان. يتخوّف الرجل من الارتفاع السنوي للدين العام "بحدود ثلاثة إلى خمسة مليارات دولار. ما زلنا صامدين بسبب السيولة المتوافرة لدى المصارف اللبنانيّة. لكن الوضع الاقتصادي يتراجع بشكلٍ مخيف". يتحدث جنبلاط عن تراجع الحركة الاقتصادية في الضاحية الجنوبيّة لبيروت، وعن الفلتان الأمني في طرابلس الذي دمّر الحياة الاقتصاديّة في المدينة. ويُضيف أن ضعف الدولة في الأطراف بات أثره أكثر من سلبي. وهنا يُشير إلى تخوّفه من الواقع الخليجي وإمكانيّة انعاكسه على اللبنانيين "فعشرات آلاف اللبنانيين يعملون في الخليج. وعملياً يعتمد اللبنانيون على الخليج وغرب أفريقيا كمصادر للعيش"، وذلك ربطاً بالأزمة الخليجيّة السياسية المستجدة بين محور السعودية ــ الامارات ــ البحرين من جهة، وقطر من جهة ثانية.
لا يزال جنبلاط عند موقفه من الثورة السوريّة: "لم أُغيّر موقفي، لكنني أرى سوريا تُستنزف". ويلفت إلى أن الجيش السوري دُمّر، وبات اعتماد النظام على "جيش الدفاع الوطني"، وهي ميليشيات تم تدريبها من قبل الإيرانيين. ويتابع أنّ المعطيات تقول إن الرئيس السوري بشار الأسد لم يُغير استراتيجيّته، وهي الحفاظ على الترابط من الساحل السوري إلى حمص فدمشق فالجولان، وأنه يسعى لتدمير كل المناطق التي يعتقد أنه لن يستعيد السيطرة عليها مثل حلب. يُحمّل جنبلاط المسؤوليّة الأولى للأسد، ومن بعده "أصدقاء سوريا" الذين لا يُريدون إسقاط النظام بل استنزافه. يُشير إلى الكلام الذي قاله الرئيس الأميركي باراك أوباما، بأن بلاده تستنزف روسيا وإيران وحزب الله في سوريا، التي وصفها أوباما بالركام، "هو لا يرى بأن هناك شعباً سورياً".
بالنسبة إلى جنبلاط، فإن الصورة الأكبر تُشير إلى أن إسرائيل هي الوحيدة المرتاحة. "سوريا لم تعد تلك الدولة القادرة على المواجهة، والمحوريّة في صوغ السياسات في المنطقة، كما كانت أيام الراحل حافظ الأسد والتي لولاها لم أسقطنا اتفاق 17 مايو/أيار 1983 (اتفاق سلام بين لبنان واسرائيل)، والجيش العراقي مدمّر، والجيش المصري غارق في سيناء". يسكت جنبلاط قبل أن يُشير إلى أن الحديث عن يهوديّة إسرائيل أشبه بالحديث النازي عن تطهير ألمانيا من اليهود، "وهذا لحماية إسرائيل من فلسطينيي 48".