تشهد تونس، في الساعات الأخيرة، سلسلة من اللقاءات والاجتماعات المعلنة والسرية، بهدف تحديد موقف من الاختبار الذي يشهده البرلمان التونسي، غدًا السبت، ظاهرُهُ جلسة منح الثقة لوزير الداخلية الجديد، هشام الفوراتي، الذي سمّاه رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، منذ أيام، إلا أنه فعلياً امتحان لرئيس الحكومة، الذي يخوض صراعًا مفتوحًا مع رئاسة الجمهورية وبعض الأحزاب والمنظمات التي عبّرت عن رغبتها في تغييره.
ويبدو أن منح الثقة للفوراتي سيكون بمثابة تجديد ثقة للشاهد، والعكس بالعكس، وهو ما سرّع وكثّف في هذه اللقاءات التي شهدتها البلاد في الساعات الأخيرة.
وعقد نواب كتلة "نداء تونس" اجتماعًا بالبرلمان مع المدير التنفيذي للحزب، حافظ قائد السبسي، أبرز معارضي الشاهد، والداعي لإقالته.
وبحسب مصادر"العربي الجديد"، فإن هناك خلافات كبيرة داخل كتلة الحزب، وبعض النواب لم يحضروا الجلسة أو غادروها، فيما أعلن رئيسها، سفيان طوبال، أنها أسفرت عن إبداء 12 نائبًا نيّتهم منح الثقة للوزير الجديد، وتحفظ 21 آخرين من بين الذين حضروا الجلسة، في حين لم تتضح بقية الاآراء، وهو ما يبيّن اتجاها للأغلبية الحاضرة اليوم، على الأقل، بعدم منح الثقة للوزير، ومن ورائه الشاهد.
ويبقى السؤال حول انضباط الرافضين لقرار الأغلبية، وإذا ما كانت كل الكتلة ستصوت بشكل منسجم ضد منح الثقة للوزير الجديد، أم إن ملامح الانقسام داخل الكتلة والحزب ستتأكد أكثر.
من جانب آخر، عقد الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، سلسلة من اللقاءات المتواترة مع كل من رئيس حركة "النهضة"، راشد الغنوشي، وأمين عام حزب "مشروع تونس"، محسن مرزوق، ورئيس "الكتلة الوطنية"، مصطفى بن أحمد، ويبدو أنه التقى أيضًا بعدد من الشخصيات المؤثرة في "نداء تونس"، وخصوصًا من أعلن منهم معارضته لنجله حافظ السبسي.
وبحسب ما وصل "العربي الجديد" من معلومات، فإن الرئيس السبسي قال إنه لا يتدخل في القضايا الحزبية وفي عمل البرلمان، بينما تؤكد تسريبات أنه متشبث بموقفه بخصوص تغيير الحكومة، بمن فيها رئيسها يوسف الشاهد.
وأكد مصطفى بن أحمد، لـ"العربي الجديد" أن كتلته ستصوت لمنح الثقة للوزير، وهو موقفها المبدئي، خصوصًا في وزارة ذات حساسية بالغة هي وزارة الداخلية. أما ما يتعلق بمنح الثقة لرئيس الحكومة، "فبإمكان معارضيه أن يسلكوا الطريق القانونية لسحبها فيما بعد"، وفق تعبيره.
وقال نواب من حركة مشروع تونس، لـ"العربي الجديد"، إن موقفهم سيتحدد مساء الجمعة، ولم يخفوا وجود غموض بهذا الشأن، وربما انقسام أيضًا، في انتظار أن يتضح موقف حزب "نداء تونس" من هذا التصويت، بينما أعلنت كتل المعارضة أنها ستصوت ضد منح الثقة للوزير المقترح.
ويبقى الموقف الفارق متعلقًا بحركة "النهضة" وتوجهاتها بشأن هذا التصويت/الامتحان، إذ أعلن الغنوشي، بعد لقائه السبسي، أنّه أكد لرئيس الجمهورية حاجة البلاد للاستقرار الحكومي ودعم الوحدة الوطنية، ومواصلة الحوار حول التوافقات الضرورية للدفع بالأوضاع نحو الأفضل.
في المقابل، قال رئيس كتلة حركة "النهضة" بمجلس نواب الشعب، نور الدين البحيري، اليوم، إن وزير الداخلية المقترح هشام الفوراتي سيحظى بأكثر من 109 من الأصوات.
واعتبر رئيس مجلس شورى حركة "النهضة"، عبد الكريم الهاروني، أن الحركة لا تعترض على تعيين وزير الداخلية الجديد هشام الفوراتي، وأن على الحزب الأول، وهو "نداء تونس"، أن يتحمل مسؤوليته في سد هذا الشغور في الحكومة.
وأضاف الهاروني، خلال استضافته في إذاعة "موزاييك" الخاصة، أن المصادقة على تعيين وزير الداخلية هي عملية سد شغور في الحكومة، وليست منح ثقة، معتبرًا أن وزير الداخلية الجديد "ابن الوزارة والإدارة، وهو يمثل استمرارًا في عمل الوزارة، ولا شبهات أيديولوجية أو سياسية حوله"، معتبرًا أن هناك فرصًا أخرى لتصفية الخلافات مع رئيس الحكومة.
ولكن هذه المواقف لا تعني بالضرورة ذهاب "النهضة" إلى التصويت على الوزير، فيما قالت بعض المصادر لـ"العربي الجديد" إن موقف "النهضة" من الشاهد، بقطع النظر عن وزير الداخلية، قد يتغيّر، لأن الشاهد لم يلب طلب الحركة بإعلان عدم الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، وهو ما يمكن أن يغيّر كل المعطيات.