رسمت ممثلة الأمين العام المعنية بالأطفال في النزاعات المسلحة، فرجينيا غامبا، صورة قاتمة للظروف التي يعيشها أطفال سورية منذ عام 2011، في حين أعرب رئيس مجلس الأمن الدولي، السفير السويدي أولوف سكوغ، اليوم الجمعة، عن "القلق الحاد" إزاء الأوضاع في محافظة إدلب السورية (شمال)، محذراً من أن مصيراً مشابهاً لمدينة حلب ينتظرها.
وقالت غامبا، خلال إحاطة لمجلس الأمن، اليوم الجمعة، تتعلق بالوضع الإنساني في سورية، إن "آلية الرصد والإبلاغ (MRM)، التي تم إنشاؤها عام 2005 من خلال قرار مجلس الأمن رقم 1612، تقوم بجمع معلومات عن الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في النزاعات والصراعات، وتأخذ ستة مجالات بالحسبان والانتهاكات المتعلقة بها".
ومن بين المجالات الستة: "تجنيد الأطفال واستخدامهم في الصراعات، والقتل والتشويه والاغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي، والهجمات على المستشفيات والمدارس، وكذلك عمليات الاختطاف والحرمان من وصول المساعدات الإنسانية".
وعن آلية الرصد والإبلاغ المتعلقة بسورية، قالت غامبا: "إنه تم تأسيس الآلية في سورية عام 2013، بعدما أدرج النظام السوري على القائمة السوداء للآلية بسبب قتل الأطفال والنساء والهجمات على المستشفيات والمدارس. ولاحظنا، منذ ذلك العام، زيادة هائلة في حجم الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها جميع أطراف النزاع في سورية".
وفي ما يخص التقنية التي تتبعها الآلية في سورية تحديدًا، اعتبرت غامبا أنها "تعتبر فريدة من نوعها لأنها تقوم بجمع المعلومات من داخل سورية كما من دول الجوار"، موضحة أن ذلك "يسمح برصد على نطاق أوسع للانتهاكات، وبجمع عدد أكبر من المعلومات، في الوقت الذي لا يمكن للأمم المتحدة فيه الوصول إلى أجزاء كبيرة من سورية. ولكن أودّ التأكيد هنا أنه على الرغم من ذلك فإن الأمم المتحدة تمكنت من التحقق من الأغلبية الساحقة من تلك الحالات التي ترصدها الآلية".
وأشارت غامبا إلى أنه "منذ بدء الأزمة السورية عام 2011، تمكنت الأمم المتحدة عبر الآلية من التأكد من مقتل وتشويه أكثر 7 آلاف طفل، أما الأرقام التي وصلتنا ولم نتمكن من التحقق من صحتها فتفوق بكثير الـ 20 ألف طفل".
وتقوم الآلية بالفصل بين عدد الحالات التي تم التبليغ عنها وتلك التي تم التحقق منها. وتدرج الآلية أياً من أطراف النزاع على القائمة نتيجة للانتهاكات، حسب عدد ونوعية تلك الانتهاكات التي تمكنت الآلية من التأكد منها، وليس تلك التي تم الإبلاغ عنها، وهي أكثر بكثير من تلك التي يتم التحقق منها.
كذلك أوضحت غامبا، أنه منذ بداية العام الحالي سجلت الآلية أكثر من 1200 انتهاك ضد الأطفال في سورية. وأضافت "قتل أو شوه أكثر من 600 طفل، وجند واستخدم أكثر من 180 طفل، كما تعرضت أكثر من 60 مدرسة للهجوم. وتأكدنا من استهداف أكثر من 100 مستشفى مرافق طبية. وأغلب تلك الانتهاكات تمت في سياق اندفاعات عسكرية من قبل مختلف أطراف النزاع في سورية، في مناطق كعفرين وحماة وإدلب والغوطة الشرقية ودرعا. وأدى ذلك إلى نزوح مئات الآلاف من السوريين، الذين يشكل الأطفال نسبة عالية من بينهم".
وأشارت كذلك إلى ارتفاع بنسبة 25 في المائة، خلال الربع الأول من العام الحالي، في ما يخص تجنيد واستخدام الأطفال في الحرب في سورية. وتحدثت غامبا كذلك عن الاستغلال الجنسي والاغتصابات التي يتعرض لها الأطفال، من الذكور والإناث، في سورية. ولفتت إلى أن عدد الحالات التي تمكنت الآلية من التحقق منها خلال العام الحالي قليل نسبيًا، لكن هذا لا يعكس بالضرورة الوضع على الأرض. وأشارت إلى أن واحدة من كل ثلاث مدارس في سورية معطلة، إما تم تدميرها أو تستخدم كملاجئ أو لأهداف عسكرية. ويقدر عدد الأطفال الذي لا يذهبون إلى المدارس داخل سورية وحدها بأكثر من 2.1 مليون طفل سوري.
من جهته، قال مارك لوكوك، ممثل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة، إنه لا يمكن وصف ضرر وتبعات الصراع الدائر في سورية على الأطفال السوريين ومستقبل البلاد. وشدد على ضرورة أن يعمل المجتمع الدولي على حماية واحترام حقوقهم، ويجب أن تكون في مركز المجهودات التي يقوم بها مجلس الأمن والمجتمع الدولي.
وأشار لوكوك إلى أنه، وعلى الرغم من الحاجة الماسة لتقديم المساعدات الإنسانية لملايين السوريين، وتأكيد جميع الدول على ذلك، فإن منظمات الأمم المتحدة المعنية بالإغاثة الإنسانية تواجه تحديات ونقصًا حادًا في التمويل.
من جهةٍ أخرى، حذر سكوغ قبيل جلسة مجلس الأمن من "أن إدلب تستعد لمصير مشابه لما حدث في حلب من قبل"، وفق ما نقلت عنه وكالة "الأناضول".
وأضاف سكوغ، الذي تتولى بلاده في شهر يوليو/ تموز الجاري رئاسة أعمال المجلس، "أجرينا قبل يومين، هنا في المجلس، مناقشات حول الوضع الإنساني في إدلب مع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، الذي أبلغنا أن الظروف الإنسانية صعبة للغاية"، مضيفاً "طالبنا أن تقوم الدول الضامنة بمناطق خفض التصعيد (تركيا ورسيا وإيران) بدورها في هذا الصدد".
بدوره، حذّر مندوب هولندا الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير "كاريل فان أوستيروم"، قبيل الجلسة أيضًا، من تداعيات الوضع الكارثي في إدلب، وقال"أخبرنا ستيفان دي ميستورا أن هناك أكثر من 70 ألف نازح من المدنيين (في إدلب) الذين أصبحوا في حاجة ماسة للمساعدة الإنسانية".
ولفت إلى أن "هناك دولة واحدة في مجلس الأمن (في إشارة إلى روسيا) حالت دون صدور بيان رئاسي، أول من أمس الأربعاء، من قبل أعضاء المجلس بشأن الدعوة لوقف أي هجمات على إدلب، وتجنبيها مصيراً كارثياً ينتظرها".