جزائريات يخضنَ الانتخابات المحلية

12 نوفمبر 2017
المرأة تثبت حقّها في المشاركة (فايز نور الدين/فرانس برس)
+ الخط -

أيام عدّة تفصل الجزائريين عن استحقاق جديد على مستوى البلاد، وهو الانتخابات المحليّة. وتتوجّه النساء إلى خوضها مدعومات من الأحزاب التي ترى أهميّة مشاركة المرأة.

كثيرات هنّ النساء الجزائريات اللواتي قدّمنَ ترشيحاتهنّ للانتخابات المحلية المقرّر إجراؤها في الثالث والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، واللواتي يعمدنَ إلى التركيز على قضايا متعلقة بتعزيز حضور المرأة السياسي في المجالس البلدية ومجالس الولايات المنتخبة. وكثيرات هنّ المرشّحات اللواتي يطمحنَ إلى اختبار المعترك السياسي بهدف التقرّب أكثر من المواطن الجزائري ومن الأسرة الجزائرية في القرى والمداشر والبلديات، خصوصاً في المناطق المهمّشة.

"المرأة" و"الأسرة" و"الطفولة" عناوين كبرى لمشاريع انتخابية راحت الأحزاب السياسية تركّز عليها في حملاتها الانتخابية الأخيرة، وقد عمدت إلى ترشيح نساء من أمثال المحامية آمال تيطاوين من حركة الإصلاح الوطني، التي ترى أنّ دخول المرأة المعترك الانتخابي "قناعة بضرورة تفعيل عملها في الميدان واقترابها من العمق المجتمعي، خصوصاً في ما يتعلق بمضامين تخصّ قضايا المرأة والطفولة والأسرة". وتلفت تيطاوين في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أنّه "من غير الممكن انتخاب مجالس محلية تهتم بالمواطن وتحتك به مباشرة، من دون الاهتمام بقضايا الأسرة التي تُعَدّ حجر الزاوية في كلّ نسيج سكاني، خصوصاً في القرى والجبال والمداشر والبلديات والمناطق النائية".

حاجة إلى الرجل والمرأة

حزب العمال من الأحزاب السياسية في الجزائر التي ترشّح النساء للانتخابات البرلمانية أو المحلية، وترى زعيمة الحزب لويزة حنون أنّ الفعل السياسي والعمل على مشاكل المجتمع الجزائري وقضاياه يحتاج إلى الرجل والمرأة على حدّ سواء، مشيرة في تصريحات صحافية إلى أنّ مهمّة الأحزاب هي تقديم الكفاءات، لا سيّما من بين الشباب والنساء. كذلك تؤكد حنون أنّ حزبها "يتعامل مع المرشّحين على أساس الكفاءة والقدرة على تفكيك شيفرات المشاكل التي تعرفها البلديات، التي تُعَدّ نواة المجتمع الجزائري".


الأحزاب السياسية الأخرى ركّزت كذلك على ترشيح نساء من مختلف التخصصات والأعمار، وقد طرحت في حملاتها الانتخابية ميدانياً، اهتمامات المرأة كأهمّ نقاط برامجها الانتخابية إذ إنّ "المرأة عمود المجتمع" بحسب رئيس حزب تجمّع أمل الجزائر عمار غول. وكان غول قد شدّد في تجمّعات انتخابية عدّة على أهميّة النظر إلى المرأة كجزء لا يتجزأ من المجتمع الجزائري وكفاعل أساسي في حلّ مشاكل المواطن اليومية. تجدر الإشارة إلى أنّ المرشّحات على قوائم تجمّع أمل الجزائر هنّ من فئات مختلفة، من كوادر تحمل شهادات جامعية، طبيبات ومهندسات ومدرّسات وغيرهنّ. وكثيرات منهنّ يحاولنَ إثبات قدراتهنّ على ممارسة السياية، مثلما أشارت المرشّحة كريمة بنسلامة التي أوضحت لـ "العربي الجديد" أنّها تخوض الانتخابات المحلية تحت راية هذا الحزب على خلفيّة "ما يمنحه من فرص للكوادر النسائية بهدف خوض غمار الانتخابات عبر برامج مختلفة وتنافسية".



منافسة وصالح عام

من جهته، يقول أستاذ العلوم السياسية نور الدين بلهاني لـ"العربي الجديد" إنّ "المرأة في الجزائر باتت تنافس الرجل على مناصب قيادية على مستوى المجالس المحلية، وقد أثبتت جدارتها". يضيف أنّ "المنافسة الشريفة في الانتخابات هي الفيصل"، لافتاً إلى "القبول الذي تلقاه المرأة في الأوساط الشعبية".

"خدمة الصالح العام" شعار رفعته أحزاب سياسية عدّة وردّدته النساء المرشّحات، اللواتي ينظرنَ - نسبة كبيرة منهنّ - إلى الانتخابات المحلية كطريق تسلكه المرأة المرشّحة لبلوغ مناصب معيّنة. وثمّة نساء يرينَ في ذلك خطوة نحو تعلّم فنون القيادة وفنون التعاطي مع مشكلات المجتمع والنهوض بالمرأة على حدّ تعبير عدد كبير منهنّ، لا سيّما أنّ المعترك السياسي في الجزائر بدأ يعرف انفتاحاً في ما يتعلق بخوض المرأة المجال السياسي منذ أكثر من عشرة أعوام، وذلك بعد المكاسب التي حققتها في الميدان.



نزول إلى الشارع

في السياق، يُعَدّ النزول إلى الشارع من ضروريات الحملات الانتخابية في الجزائر، خصوصاً أنّ المرأة تمكّنت من خوض هذه المنافسة بالتوجّه إلى القرى والمداشر ومن "الدقّ على أبواب البيوت". ففي ذلك بحسب ما تشير مرشّحات لتلك الانتخابات وسيلة للاقتراب من المرأة الماكثة في البيت وتشجيعها على الإدلاء بصوتها، من دون أن تُستغَلّ ورقتها في أغراض أخرى.

ويتحدّث بلهاني عن "الكفاءة وإثبات الجدارة وهما من الأسباب التي منحت المرأة في الجزائر فرصاً عدّة لبلوغ مناصب قيادية، من وظائف عليا ومناصب مهمّة في المؤسسات الرسمية، خصوصاً على المستوى المحلّي". يضيف أنّ "المرشّحات في الانتخابات المحلية يعتبرنَها فرصتهنّ في التدرّج من منصب إلى آخر يكون أفضل من سابقه".

تجدر الإشارة إلى أنّ ترشّح النساء للانتخابات المحلية هو الانفتاح السياسي الذي تشهده الجزائر منذ تسعينيات القرن الماضي، خصوصاً بعدما تمكّنت المرأة من خوض مجالات وقطاعات كانت حكراً على الرجل. وهذا ما يدفعها اليوم إلى هدم حواجز كثيرة ومحرّمات وإثبات حقّها في المشاركة.
المساهمون