18 فبراير 2020
جرس إنذار لحزب العدالة والتنمية
على الرغم من أن حزب العدالة والتنمية (الحاكم) في تركيا حافظ تقريباً على النسبة العامة التي كان يحصل عليها في الانتخابات المحلية السابقة، إلا أن نتائجه في انتخابات يوم الأحد الماضي (31 مارس/آذار 2019) تشكل خسارة سياسية حقيقية. فللمرة الأولى منذ ربع قرن، فاز حزب الشعب الجمهوري المعارض برئاسة بلدية العاصمة أنقرة التي لها رمزية سياسية كبيرة، كما أن الانتقادات الشديدة التي كان الرئيس أردوغان يوجهها إلى حزب الشعب لم تمنعه من الفوز في أزمير التي تعد معقل العلمانيين في البلاد. كما أن فوز الكرد ببلدية ديار بكر أثبت، من جديد، دور حزب الشعوب الديمقراطية في المعادلة السياسية التركية، على الرغم من فوز حزب العدالة والتنمية ببلديات عديدة في المناطق الكردية. وحتى في إسطنبول، المدينة الأهم في تركيا، لا يمكن القول إن حزب العدالة والتنمية فاز (لم تعلن عن النتائج النهائية لإسطنبول حتى كتابة هذه السطور)، في ظل تساوي النتائج تقريباً، بين مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو ومرشح "العدالة والتنمية" بن علي يلدريم، الذي يعد من أهم وجوه الحزب.
ثمّة أسباب كثيرة وراء هذه النتائج الباهتة لحزب العدالة والتنمية، أولها الأوضاع المعيشية الصعبة التي أفرزتها الأزمة المالية، وثانيها تداعيات الاستمرار في السياسة الأمنية عقب الانقلاب العسكري الفاشل، وثالثها التكتيك الذي اتبعته المعارضة في هذه الانتخابات، فلم يكن التحالف القومي يضم حزبي الشعب الجمهوري والجيد فقط، وإنما أيضا حزبي الشعوب الديمقراطية والسعادة. وبهذه الطريقة، ضمن التحالف القومي أصوات معظم المعارضين لأردوغان، في حين لم ينجح "العدالة والتنمية" في توسيع قاعدة تحالفه القديم مع حزب الحركة القومية. وعليه، لخسارة أنقرة وأزمير وديار بكر وأنطاليا رمزية سياسية كبيرة، فهذه المدن تمثل ألوان الطيف القومي والعلماني والكردي واليساري في البلاد، وسط تقاطعاتٍ بين القوى الممثلة لهذه التيارات والأيديولوجيات في مناهضة سياسة أردوغان، إذ من شأن هذه النتائج
الدفع بالمعارضة إلى رفع الصوت عاليا ضد أردوغان. ولعل هذا ما يفسر حديث زعيم المعارضة، كمال كليجدار أوغلو، عقب إعلان النتائج، أن ربيع إسطنبول قادم، وكذلك حديث زعيم حزب الشعوب أنهم كسروا هيمنة "العدالة والتنمية" في جنوب شرق البلاد.
في الواقع، إذا كانت نتائج الانتخابات المحلية تشكل جرس إنذار لحزب العدالة والتنمية، فإن الأنظار تتجه إلى الرئيس أردوغان، وكيفية تصرّفه في المرحلة المقبلة، هل سيقوم بمراجعة سياسة حكومة حزب العدالة والتنمية، لا سيما على الصعيد الاقتصادي؟ وهل سيقوم بتغييراتٍ في صفوف الحزب، قبل حلول موعد مؤتمره العام المقبل؟ وهل سيعيد النظر في طريقة إدارته الحكومة والحزب، في ظل اتهامات له بالتفرّد بالقرارات والسياسات؟ ولعل مثل هذه الأسئلة وغيرها توجه الأنظار إلى حزب العدالة والتنمية الذي حافظ على نفسه من الانشقاقات طوال السنوات الماضية، إذ ثمّة حديثٌ عن جهود قادة سابقين من الحزب، أبرزهم عبد الله غل وأحمد داود أوغلو.. لتشكيل حزب جديد. وإذا حصل ذلك، فربما سيكون بمثابة تكرار لتجربة حزب العدالة والتنمية، عندما تفرّع عن حزب الفضيلة، بزعامة الراحل نجم الدين أربكان، إذ تتمتع هذه الشخصيات بوزن سياسي وشعبي وفكري لدى الحاضنة الشعبية لـ"العدالة والتنمية".
يوحي حديث الرئيس أردوغان، عقب الانتخابات، بأنه سيعالج مكامن الضعف، وسيصحح أوجه القصور، بأن ثمة تغيرات ستشهدها سياسة حزب العدالة والتنمية في المرحلة المقبلة، ولا سيما أن نتائج الانتخابات قد تصعّب من مهمة التصدي للأزمة المالية وتداعياتها، لكن الواضح أن الأمر لا يتوقف عند الأزمة المالية، وإحداث تغييرات في الحكومة والحزب فحسب، بل بكيفية التعاطي مع القوى والتيارات المناهضة لسياسته في الداخل، من قبيل ضرورة مراجعة السياسة الأمنية التي اتُبعت عقب الانقلاب العسكري الفاشل.
في الواقع، إذا كانت نتائج الانتخابات المحلية تشكل جرس إنذار لحزب العدالة والتنمية، فإن الأنظار تتجه إلى الرئيس أردوغان، وكيفية تصرّفه في المرحلة المقبلة، هل سيقوم بمراجعة سياسة حكومة حزب العدالة والتنمية، لا سيما على الصعيد الاقتصادي؟ وهل سيقوم بتغييراتٍ في صفوف الحزب، قبل حلول موعد مؤتمره العام المقبل؟ وهل سيعيد النظر في طريقة إدارته الحكومة والحزب، في ظل اتهامات له بالتفرّد بالقرارات والسياسات؟ ولعل مثل هذه الأسئلة وغيرها توجه الأنظار إلى حزب العدالة والتنمية الذي حافظ على نفسه من الانشقاقات طوال السنوات الماضية، إذ ثمّة حديثٌ عن جهود قادة سابقين من الحزب، أبرزهم عبد الله غل وأحمد داود أوغلو.. لتشكيل حزب جديد. وإذا حصل ذلك، فربما سيكون بمثابة تكرار لتجربة حزب العدالة والتنمية، عندما تفرّع عن حزب الفضيلة، بزعامة الراحل نجم الدين أربكان، إذ تتمتع هذه الشخصيات بوزن سياسي وشعبي وفكري لدى الحاضنة الشعبية لـ"العدالة والتنمية".
يوحي حديث الرئيس أردوغان، عقب الانتخابات، بأنه سيعالج مكامن الضعف، وسيصحح أوجه القصور، بأن ثمة تغيرات ستشهدها سياسة حزب العدالة والتنمية في المرحلة المقبلة، ولا سيما أن نتائج الانتخابات قد تصعّب من مهمة التصدي للأزمة المالية وتداعياتها، لكن الواضح أن الأمر لا يتوقف عند الأزمة المالية، وإحداث تغييرات في الحكومة والحزب فحسب، بل بكيفية التعاطي مع القوى والتيارات المناهضة لسياسته في الداخل، من قبيل ضرورة مراجعة السياسة الأمنية التي اتُبعت عقب الانقلاب العسكري الفاشل.