تبرزُ قضيّة جرحى الحرب الدائرة في اليمن كإحدى المعضلات، التي تواجهها الحكومة الشرعيّة، في ظلّ تزايد أعداد المصابين نتيجة اتساع رقعة المواجهات المسلّحة في أكثر من جبهة. وتجد الحكومة صعوبة في إدارة ملف الجرحى، لا سيما مع عدم استقرارها داخل الأراضي اليمنية لمتابعة ظروفهم وتلبية احتياجاتهم، ليكون ذلك سبباً في زيادة معاناة كثيرين.
ويُعاني عدد كبير من الجرحى اليمنيّين لتوفير تكاليف العلاج والتغذية، على الرغم من وعود الرئاسة المتكررة باستيعاب الجرحى، ومداواتهم داخل البلاد أو خارجها، على نفقة الحكومة الشرعية والتحالف العربي.
ويجد توفيق سلّام (25 عاماً) نفسه عاجزاً عن توفير أبسط احتياجاته في محافظة عدن (جنوب)، منذ أكثر من شهر. كان قد جرح في إحدى جبهات القتال في محافظة تعز، مما أدى إلى إصابته بإعاقة دائمة في إحدى قدميه، على الرغم من إمكانية علاجه، بحسب تقارير طبية. وتجدر الإشارة إلى أنه يتحدر من أسرة فقيرة في تعز، مما يجعل مهمة توفير تكاليف العلاج والمعيشة في محل إقامته المؤقتة في عدن أمراً صعباً للغاية، وخصوصاً مع تجاهل الحكومة لمعاناته.
يقول: "اضطررت إلى بيع مصوغات والدتي لدفع جزء من تكاليف العلاج. فالمسؤولون لا يشعرون بمعاناتنا ويقدمون لنا وعوداً كاذبة"، مشيراً إلى أنه يواصل دفع تكاليف علاجه على حسابه الخاص، من خلال ما يستطيع توفيره، أو تبرعات بعض التجار وفاعلي الخير.
في كثير من الأحيان، يبقى سلام من دون طعام ليوم كامل، لولا تبرعات "فاعلي الخير".
يضيف لـ "العربي الجديد": "نضطرّ إلى تأمين وجبات غذائية من بعض أصحاب المطاعم، الذين ينتمون إلى محافظة تعز". وعن سبب بقائه في عدن، يقول: "ليس أمامنا خيار آخر. فالمستشفيات تعاني من نقص في الإمكانيات والأدوية بسبب الحصار المطبق على المدينة، منذ نحو تسعة أشهر. أما صنعاء وبقية المحافظات، فيسيطر عليها الحوثيون، ولا نستطيع العلاج فيها".
ولا يختلف وضع الجرحى اليمنيين المتواجدين في السعودية أو الأردن أو السودان، عن جرحى الداخل. وكان مئات الجرحى في الخارج قد نظموا احتجاجات وأصدروا بيانات مطالبين الحكومة، ممثلة بوزارة الصحة والسكان، بتنفيذ وعودها حيال الجرحى الذين أصيبوا وهم يقاتلون ضمن القوات الموالية للحكومة الشرعية.
وكان عبد الغني البعداني قد أصيب في المواجهات المسلّحة في محافظة مأرب (شرق)، لينقل على أثرها إلى السعودية للعلاج. يشكو إهمال الحكومة اليمنية وعدم توفيرها احتياجاته، علماً بأنه مصاب وبعيد عن أهله. يقول لـ "العربي الجديد": "نحن جرحى ولا نجد ما نأكله أو ما يساعدنا على غسل ثيابنا. نتمنى العودة إلى اليمن لنموت على أرض الميدان، وهذا أشرف من الموت هنا جوعاً"، مضيفاً أن بعض المصابين لا يملكون المال، مما يضطر مرافقيهم إلى تنظيف وتطهير الجروح بأنفسهم في أماكن سكنهم.
من جهته، يقول مسؤول تنسيق احتياجات الجرحى، المكلف من المجلس العسكري، صلاح القمري، إن الجرحى يعانون جراء تجاهل الحكومة لأوضاعهم. يضيف لـ "العربي الجديد" أن بعض المستشفيات الخاصة تحتجز الجثث من أبناء تعز في المستشفيات، في حال تلقوا العلاج وتوفوا، الأمر الذي يدفع الأسر للاستدانة من أجل استلام جثامين أبنائها. يضيف: "كل يوم يصل إلى عدن جرحى جدد، غالبيتهم يعانون من إصابات خطيرة قابلة للعلاج"، مضيفاً أن الجرحى ناشدوا المعنيين مراراً من دون استجابة.
وبخصوص جرحى عدن، يقول عضو اللجنة المعنية بمتابعة الجرحى، عبد الرقيب الحيدري، لـ "العربي الجديد"، إن اللجنة لم تعقد اجتماعاً أو تفعل أي شيء يخدم الجرحى، مشيراً إلى أن رئيس اللجنة متواجد حالياً في عدن لتعذر القيام بأية إجراءات. ويضيف: "ناشدنا الجهات الرسمية مراراً، لكن هذه الجهات تتعامل مع المسألة وكأن الأمر لا يعنيها".
اقرأ أيضاً: استياء شعبي لضعف خدمات المستشفيات الحكومية باليمن