جرحى اليمن.. نزيف مستمر

10 فبراير 2016
+ الخط -
لم تبلغ الحرب نهايتها بعدُ في اليمن، ما زالت تحصد القتلى والجرحى، تخلف الثكالى واليتامى والأرامل والمعاقين. مستشفيات البلد المنهكة ما زالت تستقبل العشرات يومياً، لتلفظهم، في أقرب وقت ممكن، لتزايد المصابين المدنيين والمقاتلين في عدد من الجبهات.
أغلقت مستشفيات تعز المحاصرة أبوابها إلا عدداً قليلاً لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، وهي تعاني الأمرّين لكثرة المحتاجين للعلاج مع ندرته، وشحته في ظل حصار ممنهج لم تكسره حتى عمليات الإنزال التي قام به التحالف، أخيراً، في مناطق مطلة على المدينة، في عملية وصفت بالصعوبة، نتيجة للطبيعة الجغرافية الصعبة.
أكثر من 6000 جريح في تعز وحدها من المدنيين والمقاومين في جبهات المدينة المختلفة، أفصح عن ذلك مشفى الثورة، المشفى الحكومي الرئيس العامل في المدينة، والذي يعمل بإمكانات متواضعة، لا تفي بالأعمال التي وضعت على عاتقه، جرّاء الحرب والقصف اليومي على الأحياء السكنية من قوات الحوثيين والرئيس السابق على عبدالله صالح.
مصدر في المشفى أكد أن غالبية الجرحى يحتاجون عمليات جراحية معقدة، إضافة إلى أدوية معدومة، لا يسمح بأن تدخل إلى المدينة، ناهيك عن صعوبة التنقل إلى مدن أخرى محرّرة مثل مدينة عدن، لأن بعض الحالات لا يمكن نقلها بطرق وعرة وخطرة، وفوق ذلك غياب المنظمات العالمية أو توقفها نتيجة الحصار والصمت الدولي التي تقابله قضية تعز وجرحاها ومرضاها ممن صاروا يفترشون طواريد مستشفياتٍ صارت عارية من كل شيء، إلا أجساد يعبر عنها الألم وصيحات المعاناة والانتظار.
"أطباء بلا حدود" غادر تعز بعد أن عجز عن إيصال المساعدات الطبية، لاستكمال ما بدأه في سبيل المساهمة في علاج الجرحى والمرضى في مدينةٍ قطع عنها كل شيء إلا الموت الذي صار زائراً لبيوت ومنازل الأحياء السكنية ليلا ونهارا.
حملات طبية كثيرة غطيت إعلاميا، لكنها لم تترجم واقعا في مشافي كثيرة، فمشفى خليفة في مدينة التربة، غرب تعز، ما زال كما هو يغص بالجرحى والمصابين بمعاناة ومأساة تتفاقم من دون علاج أو عمليات جراحية في ظل تزايدهم المستمر مع قلة الإمكانات أو عدم توفرها، فبعضهم ينتظر الانتقال إلى مشافي العاصمة المؤقتة، أو السفر إلى بلدانٍ أعلن أنها تستقبل جرحى الحرب اليمنية.
الأمر نفسه في عدن ومشافيها وشوارعها وفنادقها، الوجع مستمر للجرحى، ممن انتقلوا إليها على أمل بالشفاء فيها والعلاج أو السفر إلى المشافي العالمية المتطورة، وهو ما لم يحدث لبعضهم حتى اللحظة، إلا التيه في دهاليز المعاملات والاتصالات في سبيل إنهاء معاناتهم التي تزيد يوما بعد آخر.
نسمع جعجعةً، ولا نرى طحنا، لسان حال كثيرين منهم ينتظرون قدرهم، والوعود بعلاجهم ودعمهم نفسياً وصحياً.. لكن حالاتهم تتفاقم يوميا، مع طول فترة الانتظار للعلاج، وإجراء التدخل الجراحي، قبل أن يحدث ما لا يحمد عقباه، وما يحز في نفوسهم هو أن منظمات وجمعياتٍ كثيرة تعطيهم وعودا بالعلاج والاهتمام، وهما الحاجتان المفقودتان إلى اللحظة، فلا علاج ولا اهتمام يذكر إلا لمن حالفهم الحظ، ووصلوا إلى الرياض وعواصم أخرى في العالم.
لجرحى دمت والجبهات الشمالية من الضالع مأساة أخرى، للصعوبات التي يواجهها الجرحى ومسعفوهم عند نقلهم إلى عدن الجنوبية، فعقلية استبدادية، كما يقولون تتحكم بالأمر هناك، حد تعبيرهم.
رسائل عدة يبعثها الجرحى والمصابون، بعضهم عالقون في المنافذ، وفي أسرة وطواريد مستشفيات خلت من الرعاية والاهتمام، إلى دول التحالف والحكومة والأمم المتحدة بمنظماتها المختلفة للنظر إلى معاناتهم، وبدء العمل لإنهاء ألمهم ووجعهم الذي نتمنى أن ينتهي قريبا.
avata
avata
عمار زعبل (اليمن)
عمار زعبل (اليمن)