جرائم الشرطة

10 فبراير 2017
أعاد إلى ذهني واقعة جرت في مصر (فرانس برس)
+ الخط -
فتحت واقعة اغتصاب وتعدي أربعة رجال شرطة فرنسيين على شاب خلال عملية توقيف الجدل مجدداً، حول تجاوزات رجال الشرطة في فرنسا، والمتهمين منذ سنوات بتجاوزات متباينة تجاه المواطنين، خصوصاً المنتمين إلى أعراق أخرى.

وأوقف الشاب ثيو (22 سنة) أثناء عملية للشرطة تستهدف من يعتقد أنهم تجار مخدرات ومتعاطون. إلا أن عائلته وأصدقاءه يصرّون على أنه تواجد "في المكان والوقت الخاطئين"، في حين أشار مكتب المدعي العام إلى أن الشرطة حاولت توقيفه، وأنه لدى مقاومته "قام أحد رجال الشرطة باستخدام هراوة" ضده، دون التطرق إلى اغتصابه بالهراوة.

ووجهت لأحد عناصر الشرطة تهمة الاغتصاب ولثلاثة آخرين تهمة الاعتداء، وأوقف الأربعة عن العمل على خلفية الحادث الذي أعاد إلى ذهني واقعة جرت في مصر، قبل أكثر من عشرة أعوام، وتحديداً نهاية عام 2006، واشتهرت باسم قضية "عماد الكبير".

كان الشاب المصري يعمل سائقاً لحافلة ركاب "ميكروباص" في حي بولاق الشعبي المزدحم بالقاهرة، وقام شرطي باغتصابه بعصا داخل قسم للشرطة بعد اعتقاله مع آخرين بتهم غير حقيقية. كما قام الضابط بتصوير الواقعة بهاتفه المحمول لاستخدامها في إذلال السائق وسط أقرانه، بعدما أبدى رفضاً لممارسات الضابط التي تشمل تلقي رشى وفرض إتاوات.

تفجرت القضية على نطاق واسع بعد إثارتها إعلامياً وحقوقياً، ما أرغم الشرطة على إحالة الضابط إلى المحاكمة، حيث أدين بالجريمة، لكن عقوبته كانت ثلاث سنوات سجن فقط، وأطلق سراحه بعد عامين وفقاً لمواد الرأفة في القانون.

كانت قضية عماد الكبير إحدى شرارات مواجهة جرائم التعذيب، التي ترتكبها الشرطة المصرية، وربما فتحت الباب لتداول كثير من الجرائم المشابهة، ويرى البعض أنها دعمت انطلاق ثورة يناير 2011 التي قامت بالأساس ضد تجاوزات الشرطة المتكررة وصمت النظام الحاكم عليها كون الشرطة هي الأداة التي يحكم بها سيطرته على البلاد.

ربما لا يصح مقارنة الأوضاع المصرية بنظيرتها الفرنسية لأسباب كثيرة، لكن تجاوزات الشرطة في مصر المنكوبة بحكم استبدادي طويل متواصل، لا تختلف كثيراً عن تجاوزات شرطة فرنسا التي تدعي أنها منارة الحريات، والتي فتحت حادثة الشاب ثيو الباب واسعاً لرصدها وتحليلها والوقوف على أسبابها، وربما وضع أسس قانونية ومجتمعية لعدم تكرارها.

في المقابل، يبقى الوضع في مصر جامداً، فلا أحد يتصدّى لتجاوزات الشرطة، ولا سبيل لانتقادها أو طرح ما يمكن من وقفها، وما محاكمة الحقوقي، نجاد البرعي، واثنين من القضاة المصريين بسبب تقديمهم مشروع قانون ضد التعذيب، إلا دليل دامغ على ذلك.

المساهمون