لاقى قرار البنك المركزي الأردني، بالسماح للبنوك بجدولة قروض الأفراد لمدة 10 سنوات، انتقادات حادة من قبل خبراء اقتصاديين ومواطنين، مشيرين إلى أن هذه الخطوة ستؤدي إلى زيادة الأعباء المالية المترتبة على المقترضين بسبب ارتفاع قيمة الفوائد المترتبة عليهم، فيما تظهر بيانات رسمية أن 67% من دخل الأفراد يذهب لسداد الديون للبنوك وجهات أخرى دائنة.
ويرى محللون ماليون أن الحكومة تظهر بالقرار الصادر في الأيام الأخيرة من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، انحيازاً واضحا للبنوك على حساب المواطنين الذين يعانون من ظروف صعبة بسبب غلاء الأسعار وتآكل الدخول، وازدياد حاجتهم للاقتراض لتغطية النفقات على مجالات أساسية، مثل الصحة والتعليم والسكن.
ووفق مصادر، فإن مسؤولين حكوميين يساهمون في بنوك عاملة بالسوق يقفون وراء قرار مد آجال سداد الديون لزيادة إيرادات البنوك، بعدما عجزوا أخيراً عن تخفيض ضريبة الدخل على البنوك بسبب الضغوطات الشعبية والاحتجاجات التي شهدها الأردن على قانون ضريبة الدخل. ورفعت الحكومة ضريبة الدخل على البنوك من 35% إلى 38%. ويتزامن قرار السماح للبنوك بجدولة ديون الأفراد، مع رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بنسبة 0.25%.
لكن البنك المركزي أكد أن قرار جدولة القروض جاء لمعالجة الآثار المحتملة لارتفاع أسعار الفائدة على أقساط خدمة الدين للأسر والأفراد المقترضين لأغراض الإسكان والتجزئة لدى الجهاز المصرفي، وبما يخفف من الأعباء الاقتصادية عنهم ويجنبهم ارتفاع أقساط خدمة الدين، وبالتالي تخفيف الأثر السلبي على الطلب المحلي والاقتصاد.
غير أن مازن مرجي، الخبير الاقتصادي، قال لـ"العربي الجديد"، إن جدولة القروض تعني زيادة فترة السداد، ويترتب عليها رفع الفائدة على المقترضين وتحميلهم أعباء مالية جديدة.
وأضاف مرجي: "القرار يخدم البنوك من خلال زيادة العائد على القروض، والذي ربما يتجاوز في مجمله قيمة القرض الأصلي"، مشيراً إلى أهمية مراعاة البنوك لأوضاع المواطنين، خاصة خلال هذه الفترة التي تشهد تراجعاً كبيراً في مستويات المعيشة وتآكل الأجور.
وتابع أن النتائج المالية للبنوك إيجابية والمصلحة العامة تتطلب تخفيض نسبة الفائدة على القروض والتسهيلات الائتمانية، خاصة الشخصية منها، والتي تذهب بمعظمها للإنفاق الاستهلاكي والصحة والتعليم، وهي حاجات أساسية وضرورية.
ودفع ارتفاع الفجوة التمويلية بين دخل الأسر ونفقاتها، العديد من العائلات إلى بيع أصولها العقارية وممتلكاتها لتغطية الالتزامات المالية المترتبة عليها، وخاصة للبنوك ومؤسسات الإقراض.
وقال البنك المركزي في آخر بيانات له، إن قيمة ديون الأفراد بشقيها الاستهلاكية والسكنية، ارتفعت في نهاية العام 2017 إلى حوالي 15 مليار دولار، بزيادة نسبتها 9% عن 2016، مشيرا إلى أن حوالي 67% من دخل الأفراد يذهب لسداد الديون للبنوك وجهات أخرى دائنة.
وقال خالد الزبيدي، المحلل الاقتصادي: "كلما زادت مدة القرض كلما ارتفعت نسبة الفوائد، وبالتالي المستفيد هو البنك، ويدفع المواطن أعباء إضافية، معتبرا أن القرار جاء لإخفاء قرارات البنك المركزي الذي يقوم برفع الفوائد على المواطنين وتحميلهم أعباء إضافية كلما قام البنك المركزي الأميركي برفع الفوائد.
ويبلغ العجز التمويلي لموازنات الأسر الأردنية سنويا ما 1400 الى 2800 دولار، وهي تحتاج إلى هذ المبلغ لسد العجز المالي وتغطية التزاماتها المالية.
وتبلغ نسبة الفقر في الأردن، وفقاً لآخر مسح إحصائي أجري عام 2010، (14%)، بانتظار إعلان النسبة المحدثة للفقر بعد إجراء مسح إحصائي قبل أشهر، حيث يتوقع أن تكون النسبة قد ارتفعت إلى 20%.
وقال حسام عايش، الخبير الاقتصادي، لـ"العربي الجديد"، إن "أسعار الفائدة على القروض والتسهيلات في الأردن مرتفعة جداً، وهي من أعلى المعدلات في المنطقة، حيث تصل على بعض القروض إلى 11%، وللبنوك أيضاً الحق برفع الفائدة على المقترض في أي فترة تريدها خلال فترة سريان مدة الاقتراض".
وأوضح عايش أن "هناك هامشاً كبيراً بين سعر الفائدة للإقراض والإيداع، ويمكن تقليص الفارق لمصلحة المقترضين، وخاصة للقروض الشخصية والتسهيلات الائتمانية لغايات السكن والعلاج والتعليم".
وبحسب بيانات البنك المركزي، فإن قروض السكن استحوذت على 44.1% من القروض الممنوحة للأفراد نهاية 2017، مقابل 48% في نهاية 2016، بينما شكلت السلف الشخصية 33.1%، مقابل 37% في العام السابق، ومثلت قروض السيارات 12.5% مقارنة بنحو 12% في 2016.
واتخذت الحكومة عدة قرارات، تضمنت زيادة أسعار العديد من السلع والخدمات ورفع الدعم عن السلع والخدمات الأساسية، مثل الخبز والمحروقات والكهرباء، وإلغاء الإعفاءات الضريبية التي كانت ممنوحة للمواد التموينية وسلع أخرى، ما ساهم في رفع معدل التضخم واتساع الفجوة التمويلية بين دخل الأردنيين ونفقاتهم.