جدل في تونس بشأن منح جواز السفر الدبلوماسي للنواب

24 فبراير 2020
جدل حاد يرافق التخلي عن العرف (ياسين قايدي/ الأناضول)
+ الخط -

يواجه البرلمان التونسي موجة من الانتقادات إثر مصادقة لجنة الحقوق والحريات على مقترح قانون يمنح للنواب جوازات سفر دبلوماسية. وبين الاتهامات بالسعي وراء الامتيازات والحصول على حصانة دبلوماسية، وحجج المدافعين عن المقترح تحت غطاء هيبة المؤسسة التشريعية وتسهيل تنقل أعضائها، تعالت موجة الاستنكار في صفوف فئة واسعة من التونسيين لما اعتبروه جشعا في جمع المكاسب.

وانقسمت آراء النواب، إثر الجدل الشعبي، حول هذا المقترح المقدم من قبل 25 نائبا، ردا على رفض وزارة الخارجية منح 217 عضوا في البرلمان هذا الامتياز كما دأبت عليه العادة قبيل تولي الرئيس التونسي قيس سعيد لمنصبه. وأدت ردة الفعل الشعبية إلى تراجع في مواقف بعض الأطراف التي دعمت المقترح في البداية، فيما تصر أطراف أخرى على المضي به إلى الجلسة العامة.

وتم تقديم المقترح من قبل نواب عن كتلة "النهضة" و"الكتلة الديمقراطية" و"قلب تونس" و"ائتلاف الكرامة" و"تحيا تونس" ومستقلين، وعللوا مقترحهم بأن تنقل النائب لحضور اجتماعات وتظاهرات خارج حدود الوطن، يستوجب حصوله على جواز سفر دبلوماسي حتى لا يبقى رهينة موافقة بعض الدول على إسناد تأشيرة له، وألا يكون محل محاسبة على مواقفه خارج البلاد ما دام يتمتع بالحصانة الدبلوماسية.

وجاءت المبادرة بعد جدل كبير حول تجاهل وزارة الخارجية لطلبات النواب للحصول على الجوازات الدبلوماسية، وفسر البرلمانيون ذلك بأن الرفض يأتي من رئاسة الجمهورية التي يسند لها القانون صلاحية الإذن للخارجية بتقديم هذه الجوازات من عدمه.

بدوره، اعتبر أستاذ القانون الدولي، سليم اللغماني، في تدوينة له على "فيسبوك"، أن الأعراف الدولية تقر بإسناد الجوازات الدبلوماسية لرؤساء الدول والحكومات ووزراء الخارجية، ويمنح هذا الامتياز أيضا إلى السفراء والدبلوماسيين على أن يكون مقتصراً على حصانة وظيفية بمناسبة أداء مهامهم. وأضاف أن النواب لا يتمتعون بهذا الامتياز إلا حين أدائهم لمهمة رسمية وأن الدول التي تحترم نفسها لا تقدم هذه الجوازات إلا للفئة الأولى والثانية.


وعبر اللغماني عن أمله في أن يمتنع رئيس الدولة عن ختم القانون المتعلق بجوازات السفر الدبلوماسية، إذا ما صادق عليه النواب في الجلسة العامة وأن يعيده مجددا للبرلمان.

وتراجع "التيار الديمقراطي" عن موقف بعض نوابه القاضي بمساندة المبادرة، بعد اجتماع هياكل الحزب لدراسة المقترح، وقرر عدم التصويت للمقترح في الجلسة العامة.

وبيّن النائب والقيادي بالتيار، زياد الغناي، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "الموضوع أعمق من الطرح السطحي الذي يخوض فيه البعض، فالمسألة تتعدى جانب الامتيازات لتكون في الواقع حلقة أخرى من الصراع بين بعض الكتل النيابية ورئيس الجمهورية".

وأضاف أنه تم استعجال النظر في المقترح وإقصاء رئاسة الجمهورية من الاستماع لرأيها من الموضوع. ووفق حديث الغناي لم يكن هناك داع لاستعجال النظر في المقترح ولا لتجاهل مؤسسة الرئاسة في إطار لعبة لي ذراع واضحة، وإنما كان من الضروري فهم ما تريد هذه المؤسسة التي أوقفت العمل بالعرف القاضي بتسليم النواب لجوازات السفر الدبلوماسية وفهم مقاصدها. وتابع قائلا "إذ لم يفهم موقفها ويؤول على محملين فإما تريد صراحة وقف العمل بالعرف أو إعادة تقنين المسألة".

ورأى الغناي أن بعض النواب بحاجة لهذا الامتياز خلال أداء مهامهم، وأن النقاش كان من الواجب أن يكون أعمق لا في إطار رد فعل مرتبك.


من جهة أخرى، نقلت إذاعة "موازييك" عن المحامي هادي الحمدوني، عزمه تقديم قضية ضد النواب نيابة عن مواطنين، معتبرا أنّ مشروع القانون يتضمّن "استغلالا للسلطة الممنوحة للنواب من قبل الشعب لتمتيع أنفسهم بامتياز لا وجه له من الحق واستغلال السلطة لتحقيق مصالح خاصة".


واعتبر أنّ "مشروع القانون الذي تمّ تقديمه فيه خرق لفصل من المجلة الجزائية وكذلك لأحكام الدستور خاصة الفصول 2 و3 و15".