وتدور اشتباكات عنيفة بين مقاتلي المعارضة وقوات النظام، التي تساندها مجموعات من اللجان الشعبية المحلية في مناطق جبا وقرب بلدة خان أرنبة وتل كروم والصمدانية، إلا أن المعارك الأهم والتي تحمل حساسية مذهبية، تجري في محيط بلدة حضر، التي يشكل المواطنون الدروز غالبية سكانها. ووجّهت قوات المعارضة تحذيراً لهم من مغبة جعل منطقتهم منطلقاً لعمليات قوات النظام، وطالبتهم بالوقوف على الحياد.
وقال مصدر عسكري من قوات المعارضة، رفض الكشف عن اسمه، لـ "العربي الجديد"، إنه "بعد توقف الهجوم على مطار الثعلة، قرب محافظة السويداء، بسبب التعقيدات التي برزت هناك، وفي ظلّ ضراوة القصف الجوي الذي تعرّضنا له بعد محاصرتنا أياماً عدة، نسعى الآن إلى تحريك جبهة القنيطرة، بالتزامن مع تحريك محتمل لجبهات أخرى في محافظة درعا خلال الأيام المقبلة".
وتدور معارك عنيفة بين "جيش الحرمون" الذي تشكّل قبل أيام وقوات النظام المدعومة من اللجان الشعبية، في محيط قرية حضر على سفوح جبل الشيخ، حيث سقطت بعض القذائف داخل مناطق الجولان المحتل من جانب إسرائيل، التي سمحت بإنشاء مستشفيات ميدانية في بلدة مجدل شمس، القريبة من حضر، تحسباً لوصول جرحى في حال اشتداد المعارك أو دخول قوات المعارضة إلى البلدة.
وتقول بعض المصادر المقرّبة من النظام، إن "من بين أهداف المعركة فكّ الطوق عن بلدتي جباتا الخشب وبيت جن، التي تُعدّ ممراً في سفح جبل الشيخ باتجاه لبنان عند بلدة شبعا. وهو ما دفع قوات المعارضة إلى السيطرة على التلول الحمر التي تقع بين حضر وبيت جن، يوم الثلاثاء، وبالتالي وصل ريف درعا بالجولان إلى جبل الشيخ وجنوباً إلى الأردن".
وأفاد المكتب الإعلامي في "الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام"، أن "الهدف من تلك المعركة إحكام السيطرة على التلول الحمر، وإيقاف القصف اليومي على المناطق المحررة من تلك المرتفعات، والسعي لفتح قنوات وممرات اتصال بين الريف الغربي للعاصمة دمشق مع الريف الشمالي لمحافظة القنيطرة، وفك الحصار عن بعض البلدات الإستراتيجية في المنطقة".
اقرأ أيضاً: نظام التطهير الطائفي في سورية
وأوضح المكتب أن "جيش الحرمون استطاع إحكام السيطرة على التلول الحمر، والاستيلاء على عدد من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، واغتنام دبابة تي 52 وتدمير أخرى، فضلاً عن فتح الطريق لبلدة بيت جن، ومحاصرة عدد من السرايا في محيط التلول، لمنع الإمداد العسكري من مليشيا الدفاع الوطني". وكشف أن "قوات النظام كانت تستخدم التلول لرصد تحركات مقاتلي المعارضة وقصف البلدات المحيطة التي يتحركون منها، كونها تطل على أغلب بلدات القنيطرة والريف الغربي من درعا".
ويضم "جيش الحرمون" كلاً من "الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام"، و"حركة أحرار الشام"، و"حركة شهداء الشام"، و"جبهة النصرة"، و"لواء السيد المسيح"، و"لواء أسامة بن زيد"، و"لواء توحيد العاصمة"، و"لواء فرسان السنّة"، و"لواء عمر بن الخطاب".
وبالتزامن مع معارك "جيش الحرمون"، أعلن "الجيش الأول" بدء معركة "نصرة لحرائرنا"، بهدف القضاء على ما تبقّى من قوات النظام في محافظة القنيطرة، بمشاركة فصائل مثل "جبهة أنصار الإسلام" و"ألوية سيف الشام" و"غرفة الفاتحين".
وأفاد المكتب الإعلامي لـ "الجيش الأول" أن "معاقل جيش النظام المستهدفة هي تل بزاق وكروم الشعار ومدينة جبا ومدينة البعث". وكانت فصائل المعارضة قد بدأت هجومها بالقصف المدفعي والصاروخي على تل شعار، وتل كروم، ومدينة خان أرنبة مركز محافظة القنيطرة، والتي تعتبر الشريان المغذي لقوات النظام في تلك المنطقة. وذكر ناشطون أن "قوات النظام فوجئت كما يبدو بمعارك القنيطرة الجديدة، ما دفعها إلى اعتماد أسلوب القصف العشوائي على المناطق المجاورة مثل مخيم خان الشيح، كما تمّ استهداف مدرسة أطفال، وسقط جرّاء ذلك قتلى وجرحى بين المدنيين".
وسبق لقوات المعارضة أن سيطرت في اندفاعات سريعة العام الماضي، على أغلب مناطق محافظة القنيطرة، بما فيها الشريط الحدودي مع الجولان المحتل، ولم يتبقّ في حوزة قوات النظام، سوى مناطق قليلة مثل خان أرنبة وحضر وحرفا ومدينة البعث، التي يجمع فيها النظام مؤسساته الرسمية.
وبحسب مصادر المعارضة، فإن "قوات النظام تعمل على حشد تعزيزات لاستعادة ما فقدته خلال هذه المعارك، خصوصاً التلول الحمر". وأشارت إلى أن "أغلب التعزيزات مصدرها قريتا حضر وحرفا، اللتان يسكنهما أبناء الطائفة الدرزية".
وقد أصدرت قيادة "جيش الحرمون" بياناً توجّهت فيه إلى القرى الدرزية، داعية الأهالي إلى "عدم زج أبنائهم في مواجهة جيش الحرمون، لأن النظام يسعى لوضعهم على واجهة القتال، ليخلق جواً من الاقتتال بين الأخوة".
وفيما يقول عناصر من "الجيش الحر" إن "هذه المعارك لن تتوقف بسيطرتهم على المناطق المستهدفة في القنيطرة، بل ستستمر حتى الوصول إلى العاصمة دمشق"، كثفت قوات النظام من إجراءاتها الاحترازية تحسباً لأي هجوم على العاصمة من جهة القنيطرة. وفي إطار هذه الإجراءات، أقدمت قوات النظام يومي الإثنين والثلاثاء على تفجير نحو 500 منزل، بمحاذاة مطار المزة العسكري، شمال شرق داريا في غوطة دمشق الغربية.
اقرأ أيضاً: سورية... معارك الأرض والسماء