جبل زاهية يحسم معارك المعارضة والنظام... وروسيا وتركيا

27 نوفمبر 2015
"أحرار الشام" تدافع عن جبل التركمان (علي الحفاوي/الأناضول)
+ الخط -
تحوّلت أعلى قمة في جبل التركمان في ريف اللاذقية الشمالي (جبل زاهية)، إلى مسرح المواجهات العسكرية وساحة الحرب الحقيقية بين النظام السوري وحلفائه، والمدعوم بمقاتلات الطيران الروسية، وفصائل المعارضة المسلّحة التي تظهر صلابة في الدفاع عن أراضيها، كونه الخيار الوحيد لها، في ظل الخطر الوجودي الذي يتهدّدها.

ويدرك كل من النظام والمعارضة أهمية السيطرة على جبل زاهية القريب مسافة خمسة كيلومترات من الحدود التركية. سيطرة النظام عليه، تعني أنّ جبل التركمان بما فيها الحدود التركية، ومعبر اليمضية، ومخيمات الحدود ستصبح في مرمى نيران قوات النظام، في حين أن بقاء الجبل تحت سيطرة المعارضة كفيل بالحفاظ عليه وطمأنة تركيا التي تبذل جهدها لتفادي سقوطه، خصوصاً بعد الضغط الذي تعرضت له عبر تظاهرات خرجت في عدد من المدن التركية، احتجاجاً على الغارات الجوية الروسية المكثفة على جبل التركمان، وهجمات قوات النظام التي أدت إلى نزوح 1500 شخص مطالبين الحكومة التركية بأكثر من التصريحات.

ولم تنفع سياسة الأرض المحروقة التي اتبعها النظام السوري بمساندة سلاح الجو الروسي في إسقاط جبل التركمان والوصول إلى بلدة الربيعة وبقية القرى في الجبل عبر عملية التفافية، ليقتصر إنجاز الحملة العسكرية المشتركة حتى الآن على تهجير معظم أبناء المنطقة باتجاه تركيا، في حين عكفت إدارة الكوارث والطوارئ التركية التابعة لرئاسة الوزراء، على إنشاء مخيم على الشريط الحدودي مع سورية، في بلدة يايلاداغي، التابعة لولاية هطاي جنوبي تركيا.

ويبدو أن قوات النظام فوجئت بعد يوم واحد من سيطرتها على قمة جبل زاهية التي تطل على قرية عطيرة بهجوم مضاد لفصائل المعارضة، والتي نجحت في قلب الموازين لصالحها، بعد قصف الجبل بقذائف الهاون، ومن ثم اقتحامه بفعل مؤازرات جديدة لعناصر المعارضة، وإعلان تحريره بعد ذلك، إثر قتل وجرح عدد من قوات النظام، والاستيلاء على دبابتَين وكميّة من الذخائر.

ويقول القيادي العسكري في الفرقة الساحلية الثانية التابعة لـ"الجيش السوري الحر"، علي شاهرلي، لـ"العربي الجديد"، إن "جبل زاهية هو أعلى نقطة في جبل التركمان، وسقوطه يعني سقوط الجبل بكامله، باعتبار أنّ من يسيطر على القمة الأعلى يسيطر على جبل التركمان"، مشيراً إلى أن "خيار الاستسلام غير موجود لدى فصائل المعارضة، فالاستسلام يعني الموت".

اقرأ أيضاً: المعارضة السورية تستعيد برج الزاهية في جبل التركمان

ويؤكد شاهرلي، أنّ "الخيار الوحيد للمعارضة الآن هو التوحّد، والاعتماد على أنفسنا، فنحن أصحاب الأرض"، ملمّحاً إلى "دعم تركي متوقع، وبشكل قوي جداً، بكل أنواعه المادي والمعنوي، يمكنك القول دعماً كاملاً"، لافتاً إلى أن" روسيا قبل إسقاط المقاتلات التركية لطائرتها، كانت تهاجم كل المناطق السورية وتستهدف المعارضة المعتدلة وغير المعتدلة، وهمّها الوحيد إنقاذ الرئيس السوري بشار الأسد"، مشيراً إلى "القصف الروسي بالقنابل العنقودية ومن البوارج الحربية".

وتفيد التصريحات التركية الرسمية في أكثر من مناسبة بالوقوف إلى جانب الفصائل المسلحة في ريف اللاذقية المنضوية في الجيش الحر، ومسانداتهم في معركتهم ضد النظام السوري، داحضة حجّة روسيا بمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وأكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في اليومين الماضيين، أن "لا وجود لتنظيم الدولة في جبل التركمان، ولا مبرّر لروسيا في ضرب تلك المنطقة".

وفي هذا السياق، يقول رئيس ديوان فرع المدفعية والصواريخ البحرية والساحلية، المنشق عن النظام، عثمان أسبرو لـ"العربي الجديد"، إن "الجميع يعلم أنّه لا يوجد في هذين الجبلين (التركمان والأكراد) سوى فصائل وكتائب الجيش السوري الحر، وأبناء المنطقة نفسها، وفي مقدمتها الفرقة الأولى الساحلية"، مبيّناً أن "روسيا تحاول جاهدة أن تدمر الجيش السوري الحر كي لا يبقى ذريعة للتفاوض، لكنهم يفشلون يوماً بعد آخر، لأننا أصحاب الأرض وسندافع عنها. صاحب الأرض هو مَن ينتصر في النهاية".

ويوضح عثمان، أنه "بعد الهجوم الجوي المكثف على محيط تلة زاهية وسيطرة النظام عليها، أعادت الفصائل ترتيب أمورها بعملية مدروسة وخاطفة، واسترجعت تلك التلة إلى حضن جبل التركمان"، مضيفاً أن "هناك قتالاً عنيفاً من جهة الروس والنظام لمنع إقامة المنطقة الآمنة، إلّا أنّ المقاتلين يبدعون في التكتيكات العسكرية بعد خبرة قتال في تلك المنطقة أربع سنوات، ولن تسمح المعارضة بأن يدخل النظام تلك المنطقة مهما كان الثمن".

اقرأ أيضاً: تركمان سورية... ضحايا يدفعون مرتين ثمن الجذور التركية

المساهمون