اختفى وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، من المشهد اللبناني مع وصول الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إلى بيروت قبل أيام. لم يكن في استقبال الأخير سوى موظف في وزارة الخارجية اللبنانية برتبة أمين عام الوزارة. حتى إنّ باسيل لم يحضر أي من اللقاءات الرسمية التي جمعت الأمين العام للأمم المتحدة بالمسؤولين اللبنانيين. غاب باسيل عن السمع، لا بل إنّ باسيل تغيّب بذريعة وفاة خاله (شقيق أمه)، ربما حتى لا يضطّر إلى الظهور في صورة واحدة مع بان.
اختفاء باسيل المعلّل بوفاة أحد الأقارب، جاء على قياس وزارة الخارجية اللبنانية، بمواقفها وتماهيها مع حزب الله. لم يجد باسيل نفسه مضطراً إلى استقبال شخصية دولية قالت قبل أيام إنّ "سلاح حزب الله لا يوفر الحماية للبنان كما يدّعي الحزب بل يقوّض حكم القانون اللبناني ويشكل تهديداً على السيادة والاستقرار"، خصوصاً أنّ أداء باسيل في الأشهر الماضية مسؤول بجزء كبير عمّا آلت إليه علاقة لبنان بالدول العربية والتوتر الذي تشهده هذه العلاقة. كان بإمكان باسيل أن يستغلّ زيارة بان إلى بيروت لوضع موقف واضح وحاسم، شخصي وسياسي ورسمي، في ما يخص الشبهة الدائرة حول نوايا دولية بتوطين اللاجئين السوريين في لبنان.
يستند التيار الوطني الحر، برئاسة باسيل، إلى هذه الورقة منذ بدء وفود اللاجئين إلى الأراضي اللبنانية لملء فراغ مشروعه السياسي. فلطالما لوّح باسيل بورقة التوطين لتخويف الناس، المسيحيين تحديداً، والتمكّن من شدّ عصب الجمهور كأداة طبيعية لاستقطابهم حوله.
لكن حين أتت الفرصة لفضح ادعاءات "النوايا السيّئة" بالتوطين، انسحب باسيل تاركاً المقعد شاغراً. فملأ هذا الفراغ وزير تكتل التغيير والإصلاح (الذي يرأسه والد زوجة باسيل، النائب ميشال عون) الوزير الياس بو صعب. فكان الأخير حاضراً في أحد اللقاءات مع بان والوفد المرافق، حيث تم تقديم 100 مليون دولار أميركي للقطاع التربوي الذي يديره بو صعب من وزارة التربية والتعليم اللبنانية. لم يحضر على لسان بو صعب أي كلام عن التوطين وتغيير الديمغرافيا اللبنانية والمعالم الطائفية للبنان، فتمّت الصفقة وحصلت الوزارة على أموال يجب أن تنفقها على تعليم اللاجئين ودعمهم في هذا المجال. انتهت زيارة بان، وبات بإمكان باسيل خلع "طاقية الإخفاء". فالضيف غادر، الملايين وصلت إلى الجيوب، وحان الموعد مع الإطلالة الدورية التي تحذّر وتخوّف من التوطين.